آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » بايدن – ترامب: سباق «شيخوخة سياسية»

بايدن – ترامب: سباق «شيخوخة سياسية»

خضر خروبي

 

في وقت يقترب فيه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من حسْم فوزه ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية أواخر العام الجاري، مع دنوّ موعد “الثلاثاء الكبير” في الخامس من آذار، تتوالى المصاعب، وخاصةً الداخلية منها، على طريق غريمه الديموقراطي، جو بايدن، وآخرها ما يتعلّق بصدور تقرير المحقّق الخاص، روبرت هور، في قضية احتفاظ الرئيس بوثائق رسمية سرّية خلال فترة تولّيه منصب نائب الرئيس بين عامَي 2009 و2017. وعلى رغم أن التقرير لم يخلص إلى توجيه إدانة جنائية لبايدن، لاعتبارات قانونية، من بينها تمتُّع موقع الرئاسة بحصانة، ومنها ما يتّصل بوجود سوابق كثيرة مماثلة، إلا أنه أكد، في معرض حديثه “عدم كفاية الأدلّة المتوفرة لتأكيد صحّة التهم الموجهة إلى بايدن، بما يتجاوز حدّ الارتياب المبررّ والمنطقي”، وجود مشكلات “ملحوظة” يعاني منها الرئيس، بوصفه “رجلاً مسنّاً، حسن النية، وذا ذاكرة ضعيفة”.ومنذ صدور التقرير قبل نحو أسبوعين، وعلى رغم تضمينه إشارات إيجابية عن بايدن، من قبيل الإشادة بـ”تعاونه” مع فريق التحقيق، وأخرى سلبية عن ترامب، المتّهم بقضية مماثلة، وجد المحقّق الخاص نفسه عرضةً لانتقادات واسعة من جانب البيت الأبيض، جاءت أولاً على لسان الرئيس نفسه، حين أكد أن “ذاكرتي على ما يرام”، وأنه يَعتبر نفسه “الشخص الأكفأ لتولّي سدّة الرئاسة، وإنهاء المهمّة التي بدأتها”؛ ومن ثم عبر بيان صادر عن محاميه، ردّ على ما أورده التقرير حول صعوبة تذكّر الرئيس لأحداث مفصلية في حياته السياسية، كمدّة توليه نيابة الرئاسة، وكذلك الشخصية، كتاريخ وفاة نجله بو، فضلاً عن خلطه في أكثر من مناسبة بين أسماء لزعماء وقادة دوليين، مدافعاً بأن ذلك “لا يمكن عدّه أمراً غير عادي أو مفاجئاً”. وفي الاتجاه نفسه، صوّب مشرّعون ديموقراطيون على هور، من منطلق أن الأخير سبق أن شغل منصب المدعي العام لميريلاند خلال عهد الإدارة الجمهورية السابقة، قبل أن يوكل إليه وزير العدل الحالي، ميريك غارلاند، في كانون الثاني الماضي، مهام المحقّق الخاص في قضية “وثائق بايدن”، محاولين اتّهامه بالتحيّز، ومحاباة الجمهوريين، وسط خشية من توظيف سياسي محتمل للأمر، كأن يعاد فتح التحقيق في القضية قبل فترة وجيزة من الرئاسيات، كما جرى في انتخابات عام 2016 في قضية اتهام وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، باستخدام بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلاتها الرسمية.

 

الحزب والرأي العام

مع ذلك، لم تنجح تلك التصريحات في إخفاء حدّة الهواجس داخل معسكر الديموقراطيين حيال الارتدادات السلبية لكبر سنّ مرشّحهم الرئاسي، في ظل إقرار بعضهم بتلقّي مكالمات ورسائل تعكس قلق ناخبيهم إزاء مدى الأهلية الذهنية والجسدية لدى بايدن. وفي هذا الإطار، يرى الخبير الاستراتيجي المخضرم في الحزب الديموقراطي، جيمس كارفيل، أن الانطباعات السلبية السائدة في أوساط الرأي العام، لا يمكن تجاهلها، مؤكداً وجود “تشكيك حقيقي” في أهلية بايدن، وهو رأي يتشاركه مع زميله ديفيد أكسلرود، الذي كان في عداد فريق التخطيط الاستراتيجي خلال عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي يشير إلى أن التقرير “يتطرّق إلى جوهر التحديات التي يواجهها بايدن على المستوى السياسي في الوقت الراهن، ألا وهي خوف واسع النطاق من أن الرجل ليس على قدْر تلك التحديات”. في المقابل، يعتقد النائب الديموقراطي عن ولاية نيويورك، دانييل غولدمان، أن الاهتمام الذي استحوذت عليه زلّة لسان بايدن الأخيرة، حين أشار إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أنه رئيس المكسيك، يعدّ “مثالاً نموذجياً على المبالغة الشديدة في المسائل المتعلّقة بعمر (الرئيس)”.

هذه التباينات داخل أروقة “الديموقراطي”، أنبأت باحتدام النقاشات الداخلية حول ضرورة إعادة النظر في هوية المرشّح الرئاسي، وإمكانية إقحام أسماء جديدة في السباق، وفي طليعتها نائبة الرئيس، كامالا هاريس، التي أعلنت أنها مستعدّة لتولّي مهام الرئاسة إذا تطلّب الأمر، على رغم تمسّكها، إلى الآن، بالعمل تحت قيادة بايدن. لكن ثمّة مَن يجزم أن الحزب الديموقراطي عمد، منذ مدّة ليست قصيرة، إلى رهن مصيره بمصير الرئيس الثمانيني، فيما كثر من قياداته باتوا على اقتناع، في ظلّ غياب أيّ بديل جدّي لبايدن، بأن مستقبل البلاد رهن قدرة الأخير على إقناع الناخبين بأنه لا يزال قادراً على تولّي المنصب.

حطّ ترامب من شأن بايدن ومدى كفاءته السياسية عبر القول إنه «ربّما لا يدرك أنه على قيد الحياة»

 

مع ذلك، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن قياديين في الحزب، تحذيرهم من أن كبر سنّ بايدن بات “إحدى أكبر نقاط ضعفه”. وأشارت إلى أن تقرير هور أشبه بـ”كارثة سياسية” بالنسبة إلى معسكر الرئيس، مضيفة أنه “يفسح في المجال أمام ترامب وحلفائه لتدشين جولة جديدة من الهجمات السياسية ضدّ بايدن، على خلفية قيامه بالارتكابات نفسها التي كان يتّهم بها خصمه”. أيضاً، استعرضت الصحيفة “الضرر السياسي الأكثر خطورة”، والمتمثل في كون تقرير هور شكّل صيغة رسمية وقانونية للتشكيك في قدرة بايدن على ممارسة مهامه، إلى جانب سجلّه العارم من مقاطع الفيديو التي كثيراً ما وثّقت تعثّر خطواته وتلعثمه في الخطابات.

هكذا، تحوّلت مسألة السنّ، أسوة بملفّ “الوثائق السرية”، إلى إحدى أبرز العقبات في طريق بايدن – كما ترامب -، بعدما دأب الرئيس الحالي على تسجيل نقاط ضدّ سلفه منذ ضبط ملفات رسمية في مقرّ إقامة الأخير في منتجع مارالاغو في فلوريدا، فيما لم يتوقّف المرشّح الجمهوري “الهزلي” يوماً عن السخرية من “هفوات” غريمه، وصولاً إلى القول إنه “ربّما لا يدرك أنه على قيد الحياة”. ولعل هذه “المبارزة” بين الرجلين على إثبات الأهلية الصحية، هي التي دفعت البيت الأبيض، العام الماضي، إلى نشر وثيقة خطّية صادرة عن الطبيب الخاص ببايدن يصفه فيها بأنه “رجل يتمتّع بصحة جيدة”، فيما نشر ترامب، في تشرين الثاني الفائت، تقريراً طبياً يصف حالته بالـ”ممتازة”، علماً أن الأخير بدوره سقط في “هفوات كلامية”، من قبيل خلطه في تصريحات علنية بين المرشّحة الجمهورية المنافسة له في الانتخابات التمهيدية، نيكي هايلي، ورئيسة مجلس النواب الديموقراطية السابقة، نانسي بيلوسي، فضلاً عن تحذيره من أن العالم على وشك الدخول في “حرب عالمية ثانية”!

 

ذخيرة في يد الجمهوريين

بدت واضحة الحفاوة التي لاقاها تقرير هور في صفوف الجمهوريين، وخصوصاً أنه وفّر “ذخيرة دعائية” لهم لصرف انتباه الجماهير عن حقيقة تعطيلهم لجانب كبير من عمل الكونغرس، والتخلّص من مسلسل الهزائم التي تعرّضوا لها أمام الديموقراطيين منذ عهد ترامب. حتى إن بعضهم حاول البناء على ما ورد فيه للجزم بتدهور الحالة الذهنية لبايدن، وهو ما ذهب إليه السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، حين قال إن “قرار المحقّق الخاص عدم توجيه اتهامات ضدّ بايدن، إنّما يعود إلى اعتقاده بأن الرجل مصاب بالخرف”. بدوره، لفت كريس لازيفيتا، وهو أحد كبار الاستراتيجيين في عهد ترامب، إلى أن التقرير “يؤكد ما عاينه الأميركيون عبر شاشات التلفزة على مرّ السنوات القليلة الماضية، حول قيام رجل طاعن في السن، وصاحب ذاكرة ضعيفة، بقيادة أميركا إلى مستنقع من الحروب، والكوارث المصاحبة للتضخّم، وانعدام الفرص” أمام المواطنين.

وعلى ما يبدو، فإن رهان الجمهوريين على تشكيك قطاعات واسعة من الناخبين في تمتّع رئيسهم بالأهلية للاستمرار في الحكم، والذي تجلّى أيضاً في تعميم منشور دعائي مصوّر يرفق شعار حملة بايدن الانتخابية، بكلمات “رجلٍ مسنّ، حسن النية، ذي ذاكرة ضعيفة”، بدأ يؤتي أكله في استطلاعات الرأي، إذ تفوّق ترامب على بايدن بنحو 16 نقطة مئوية في معيار الكفاءة والأهلية، ضمن استطلاع للرأي أجرته شبكة “إن بي سي نيوز” قبل أيام قليلة، وذلك خلافاً لاستطلاع مماثل أجري قبيل انتخابات عام 2020 وأَظهر تفوّق بايدن بنحو تسع نقاط. أيضاً، كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز”، بالتعاون مع كلية “سيينا” في ست ولايات أميركية متأرجحة، أن ما نسبته 70% من المستطلعين عبّروا عن مخاوف جدّية في شأن عمر بايدن، معتبرين أنه طاعن في السن إلى الدرجة التي تجعله غير مؤهّل للرئاسة، فيما أعرب أقلّ من نصف المستطلعين عن مخاوف مماثلة في شأن عمر ترامب.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هبّة الجامعات تعمّق مأزق الديموقراطيين | الطلاب الأميركيون: لا تراجع عن نصرة غزّة

خضر خروبي   على وقع الجولات المتواصلة من «الكرّ والفرّ» بين الشرطة والطلاب المحتجّين في جامعات الولايات المتحدة، لا تزال الاحتجاجات الطالبية داخل تلك الجامعات، ...