حث الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عدم المضي قدما في تنفيذ هجوم عسكري واسع النطاق على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، بعد ساعات من مطالبة إسرائيل للفلسطينيين بإخلاء أجزاء من المنطقة.
وقال البيت الأبيض إن بايدن أكد مجددا “موقفه الواضح بشأن رفح” وهو أنه لا ينبغي لإسرائيل المضي قدما في خطة غزو المدينة ما لم تكشف عن سبل لحماية مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين هناك.
ويأتي أمر الإخلاء الإسرائيلي بعد محادثات في القاهرة تهدف إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وأثار أمر الإخلاء مخاوف من هجوم شامل على رفح تهدد به إسرائيل منذ فترة طويلة، بعد سبعة أشهر من هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
ويقول مسؤولو الصحة في القطاع إن رد الفعل الإسرائيلي الذي تمثل في هجوم عسكري كبير أدى إلى استشهاد أكثر من 34 ألف فلسطيني، وتحويل جزء كبير من غزة إلى أنقاض.
وقال البيت الأبيض إن “الرئيس بايدن أطلع رئيس الوزراء على الجهود المبذولة لتأمين صفقة الرهائن، بما في ذلك من خلال المحادثات الجارية اليوم في الدوحة بقطر. ووافق رئيس الوزراء على ضمان فتح معبر كرم أبو سالم أمام المساعدة الإنسانية للمحتاجين”.
ويقع معبر كرم أبو سالم في جنوب قطاع غزة بالقرب من رفح.
ومن جهته اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الإثنين أن أمر الإخلاء الذي أصدرته إسرائيل لسكان شرق مدينة رفح في جنوب قطاع غزة “غير إنساني”.
وقال تورك في بيان “ما زال سكان غزة يتعرضون للقصف والأمراض وحتى المجاعة. واليوم قيل لهم إن عليهم النزوح مرة أخرى” مع “تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح”.
وأضاف “إنه أمر غير إنساني. إنه يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
طلب الجيش الإسرائيلي الإثنين من سكان المناطق الشرقية في مدينة رفح إخلاءها والانتقال الى المواصي الواقعة الى شمال غرب رفح، مشيرا الى أن العملية ستشمل مئة ألف شخص.
وتعد اسرائيل لهجوم بري على مدينة رفح الواقعة في جنوب قطاع غزة.
ورأى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أنه “لا يمكن تصوّر نقل مئات الآلاف من الأشخاص قسراً من رفح إلى مناطق تم تدميرها وحيث لا يوجد سوى ملاجئ قليلة وتنعدم تقريباً إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة”.
وحذر من أن “هذا لن يؤدي سوى إلى تعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس”.
وأكد تورك أن بعد أكثر من ستة أشهر من القصف المتواصل الذي تشنه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، “لا يوجد مكان خارج رفح تتوفر فيه البنى التحتية والموارد اللازمة لاستيعاب النزوح الجماعي لأكثر من مليون شخص”.
وشدّد أيضًا على أن القانون الإنساني الدولي يمنع الأمر بتهجير مدنيين لأسباب تتعلق بالنزاع، “ما لم يتطلب أمن المدنيين المعنيين أو أسباب عسكرية قاهرة ذلك، وحتى في هذه الحالة، بموجب متطلبات قانونية صارمة”.
وقال تورك “إن عدم الامتثال لهذه الالتزامات قد يشكل تهجيراً قسرياً، وهو جريمة حرب”.
ويعيش حوالى 1,2 مليون شخص حاليًا في محافظة رفح، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وقد فرّ معظمهم اليها من أماكن أخرى في قطاع غزة خلال الحرب المتواصلة منذ سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال تورك “يجب قبل كل شيء أن يكون هناك وقف لإطلاق النار. ويجب أن تكون المساعدات الإنسانية قادرة على الانتقال بحرية وعلى نطاق واسع. ويجب إطلاق سراح الرهائن والأشخاص المحتجزين تعسفياً على الفور”.
من جهته حذر ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين من أن عملية “الإخلاء الجماعي” لقسم من سكان رفح التي أمرت بها إسرائيل “من المستحيل” أن تُنفّذ بطريقة “آمنة”، مؤكداً أن الأمم المتحدة لا تشارك “بأي إخلاء غير طوعي”.
وقال للصحافيين “إن أوامر الإخلاء الصادرة اليوم من شرق رفح ستؤدي ببساطة إلى زيادة معاناة المدنيين. أُصدرت أوامر لهم بالانتقال في اتجاه المواصي المكتظة أصلاً والتي تفتقر إلى الأمن والخدمات الإنسانية الأساسية. ومن المستحيل تنفيذ عملية إخلاء جماعية بهذا الحجم بشكل آمن”.
كما أعربت المنظمة الدولية للهجرة، الاثنين، عن “قلقها العميق” إزاء “التهجير القسري” لسكان قطاع غزة من مدينة رفح جنوبي القطاع بموجب تحذير صدر عن الجيش الإسرائيلي.
وقالت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، في منشور على حسابها عبر منصة إكس: “نشعر بقلق عميق من تعرض النازحين للتهجير القسري مجدداً بسبب تصاعد الأعمال العدائية في رفح بغزة”.
وأضافت: “لم يتبق لسكان غزة أي مكان آمن يلجأون إليه”.
وشددت الوكالة على أن الوضع الإنساني وصل إلى “مستويات كارثية”.
وحذرت أن سكان غزة لا يستطيعون تحمل “تصعيد جديد يؤدي إلى مزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح”.
وأضافت: “من المهم للغاية أن تصل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين”، داعية إلى وصول المساعدات دون قيود.
وأعلنت إسرائيل صباح الإثنين بدء عملية عسكرية في مدينة رفح زعمت أنها “محدودة النطاق”، ووجهت تحذيرات إلى 100 ألف فلسطيني بـ”إخلاء” شرق المدينة قسرا والتوجه لمنطقة المواصي جنوب غرب القطاع.
وسبق أن دعت دول عدة على رأسها الولايات المتحدة ومصر التي تقود الوساطة بين تل أبيب وحركة حماس بالتعاون مع قطر إلى تجنب أي هجوم على رفح المكتظة بالنازحين، إلا أن إسرائيل تصر على العملية بذريعة أن رفح “آخر معاقل حركة حماس”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تشن إسرائيل بدعم أمريكي حربا على غزة، خلفت نحو 113 ألف بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.???????