آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ببغاوات تصيح قبل ديكها

ببغاوات تصيح قبل ديكها

جمال غصن

 

 

في الأيام الأولى من «طوفان الأقصى»، كان هناك تلبُّك كبير في أوساطٍ عربية كثيرة كارهة لمفهوم المقاومة من أساسه، من جماعة التطبيع الإبراهيمي المستجدّ إلى جماعات التقارب الإستراتيجي التاريخي مع الكيان الإبادي المحتلّ لفلسطين وأراضٍ وأنظمة مجاورة لفلسطين. لكن سرعان ما تبنّى هؤلاء نظرية لوم الجانبين ومساواة المُبيد والمُباد، قبل أن يرسوا على الضفة الغربية من الصراع التحرري مع قوى الاستعمار. اليوم وبعد مرور عشرة أشهر ونصف شهر على التوحّش المستمرّ بحقّ أهل فلسطين الغزاويين، اختفى الحَرج الأخلاقي الذي كان يتظاهر به البعض وبات واضحاً أنهم يصطفون مع مرتكبي الإبادة قولاً وفعلاً ويأملون نجاحهم ليقيهم أي حرجٍ مماثلٍ مستقبلاً. هذا التماهي مع الخطاب «الإبادوي» يدفع بهم إلى تبنّي سردية الانقسامات السياسية السائدة غرباً بين جناح داعمٍ لـ«إسرائيل» كما هي حتى الموت وآخر داعمٍ لـ«إسرائيل» حتى الموت أيضاً، لكنّهم يتمنّون منها محرجين ألّا تحرجهم. كان كرنفال التغيير الديموقراطي في مؤتمر الحزب الحاكم في الولايات المتحدة خير مثال للتباهي بسياسات الدعم المطلق للشر المطلق عند من يدّعون التميّز عن دونالد ترامب المجاهر، كما جو بايدن، بعشقه لـ«إسرائيل» كما هي. الأنكى كان استجداء بعض عرب الولايات المتحدة لكلمة تمثّلهم أو كلمة دعم، ولو كاذبة، من نائبة الرئيس الأميركي الحالية ليصدقوا أن كمالا هاريس حقاً تمثّل تغييراً في سياسة واشنطن تجاه الإبادة. يريدون السير خلفها بحماسة، لكن ربيبة نظام القمع البوليسي واللوبي الصهيوني والمجمع العسكري الصناعي وطغمة الرأسمال المعولم وإدارة البيت الأبيض الحالية الشريكة في الإبادة خذلتهم…للأسف.

لن يصل هذا التبني لسردية الطغاة الطاغية أو تماهي العبد السياسي الواهم مع مستعبده إلى درجة المشاركة في الدعوة المباشرة لقوات الاحتلال إلى قتل الجميع بلا تمييز، أقلّه في العلن، ولكنّ هذا يعني أنهم لا يسهمون في خلق بيئة إعلامية لهكذا خطاب. محاولات تسخيف الخطاب المقاوم والتبخيس بالإنجازات غير المسبوقة لقوى المقاومة في مواجهة جيش «إسرائيل»، الذي لا يقهر في عيون الانهزاميين، منذ صباح السابع من أكتوبر الماضي حتى صباح الأمس، لم تتغيّر كثيراً ولكنّها كثرت وباتت تتسابق مع الدعاية الإسرائيلية وتزايد عليها. على جبهة غزة، مجرّد الصمت عن جريمة الإبادة تواطؤ، وهناك كثر صمتوا بحجج كثيرة قد يكون أبرزها الخوف على فيزا ذهبية كانت أم تنَكاً. لكنْ هناك آخرون اختاروا أن يعبّروا ويكثروا التعبير عن تمايزهم السياسي مع المقاومين المجاهدين في خضم المعركة، ناهيك بأولئك الذين يلومون العملية البطولية في السابع من أكتوبر على «ردّ الفعل» الوحشيّ الذي هزأ بالقوانين الدولية وعرّى ادّعاءات التفوق الأخلاقي الغربي الذي لم يكن يوماً.

أمّا في لبنان حيث الألسنة المتفلّتة قولاً دون عناء الفعل أو ردود الفعل، فانحطاط المتواطئين مع إبادة أهل فلسطين لا قعر له. بدؤوا في الثامن من أكتوبر بمقولة أن جبهة الإسناد التي خلقت حزاماً منزوع المستعمرين على امتداد حدود لبنان مع فلسطين المحتلة تقتصر على «ضرب العواميد». ثم انتشرت الحملات الإعلامية الخبيثة على الطرقات وعلى الشاشات المثبتة والمحمولة التي تقول إن لبنان يريد طمر رأسه في الرمال. جوقة الببغاوات الإعلامية التي دأبت على تكرار الدعاية الإسرائيلية منذ الأزل طبعاً لم تخيّب قائد الجوقة في الحرب. صباح يوم الأحد كانت هناك كلمة مهيّئة للمتحدّث باسم جيش الاحتلال يعلن فيها مسبقاً عن إحباط هجوم المقاومة اللبنانية وبَقْبَقَ خلالها أرقاماً بالمئات والآلاف عن أهداف خُيّل لجيشه إصابتها. الألسنة المتفلّتة المتلهّفة لنصرة إبادة شعبنا سبقت ديكها وبَقْبَقَت عن… «قنّ دجاج».

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سوريّةُ والمحورُ.. واستراتيجيّةُ الأدوارِ المسقوفة!!..

خالد العبود   -هذهِ المرحلةُ من النّزالِ، بينَ محورِ فلسطين من جهةٍ، وكيانِ الاحتلالِ ومن يقفُ إلى جانبِهِ من جهةٍ أخرى، هي مرحلةٌ شديدةُ الدّقةِ، ...