أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مستهل لقاء مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الكرملين، أمس الإثنين، أن لروسيا وفرنسا مباعث قلق مشتركة في مجال الأمن، فيما شدد ماكرون على ضرورة إبداء كل الأطراف المسؤولية في حل التوتر «الحرج» الذي يسود أوروبا، كما أعلنت روسيا رفضها الموقف الازدواجي للغرب بشأن نشر الأسلحة النووية الأميركية في أوروبا، مؤكدة أنه ينبغي على هذا الغرب التفكير في الخطر الحقيقي من نشر الأسلحة النووية الأميركية في أوروبا بدل الخوف من التهديد الافتراضي بنشر أسلحة نووية روسية في بيلاروس.
وحسب موقع «روسيا اليوم» أعرب بوتين خلال استقباله ماكرون مساء أمس الإثنين عن سعادته برؤية نظيره الفرنسي، مشيراً إلى أن هذا اللقاء هو الأول بينهما منذ سنتين، قائلاً: هناك العديد من القضايا التي ينبغي وتجب مناقشتها في الصيغة المباشرة، لكن على الرغم من ذلك إلا أن اتصالاتنا لم تنقطع أبداً خلال هذه الأعوام.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن بوتين قوله مفتتحاً اللقاء: أرى الجهود التي تبذلها القيادة الحالية لفرنسا ورئيس فرنسا شخصياً لحل الأزمة المتعلقة بضمان الأمن المتكافئ في أوروبا لمنظور تاريخي طويل، ولحل المشكلات التي ترتبط، لحل الأزمة الأوكرانية الداخلية في جنوب شرق البلاد».
وأضاف: لقد ناقشنا كل هذه القضايا بالتفصيل عبر الهاتف، أعلم أن لديك أفكاراً خاصة حول هذا الموضوع، ويسعدني جداً أن تتاح لي الفرصة للقاء ومناقشة كل هذا بشكل شخصي، مؤكداً: بالطبع، تراكمت الكثير من القضايا التي يمكن وينبغي مناقشتها بشكل مباشر، رغم أن اتصالاتنا لم تنقطع أبداً على مر السنين، نحن على اتصال دائم».
وقال بوتين: لدينا مخاوف أمنية مشتركة وأود أن أشكر باريس على مشاركتها في حل هذه المشكلة على أساس ثابت في وضع قرارات مبدئية في هذا الاتجاه.
ولفت بوتين إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وفرنسا ارتفع على الرغم من الجائحة، حيث ازداد خلال الأشهر الـ11 الأخيرة بنسبة تفوق 70 بالمئة.
وأشار إلى استمرار العمل السياسي المشترك على مستويات عدة إضافة إلى تطوير العلاقات في المجال الإنساني، مضيفاً: أود التشديد على أنني أفهم أن لدينا مباعث قلق مشتركة بشأن ما يحدث في مجال الأمن بأوروبا.
بدوره أعرب ماكرون عن أمله في أن تساهم مباحثاتهما في «تخفيف حدّة التوتر» على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، وحسب وكالة «أ ف ب» أشار ماكرون إلى أن المناقشة قد تكون بداية المسار الذي نريد أن نسلكه، وهو خفض التصعيد»، مضيفاً: إنه يريد تجنّب نشوب حرب وبناء عناصر الثقة والاستقرار والرؤية للجميع، مشدداً على ضرورة إبداء كل الأطراف المسؤولية في حل التوتر «الحرج» الذي يسود أوروبا على خلفية الأوضاع حول أوكرانيا.
وقال: «الأوضاع الحرجة في أوروبا تثير قلقا لدينا لذا يجب أن نتصرف جميعاً بشكل مسؤول. لقد وضعنا أسسا للحوار الشفاف والملزم والشامل عام 2019 هذا الحوار حيوي الآن لدرجة لم يكن عليها في أي وقت مضى، إنه ضروري، وهو الأمر الوحيد الذي سيتيح ضمان الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية».
وفي وقت سابق اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الولايات المتحدة وبريطانيا اخترعتا مسألة سيناريو الهجوم الروسي المزعوم على أوكرانيا لتحويل الانتباه عن أزماتهم السياسية وخلق انتصار وهمي.
وحسب وكالة «نوفوستي» كتبت زاخاروفا على قناتها في «تيليغرام»: الهجوم المزعوم سيمثل فرصة بالنسبة لهم لتحويل الانتباه عن أزماتهم السياسية وفرصة لاستنزاف المليارات لتسليح الديمقراطيات الهشة وطريقة لإحياء صورة «الأميركي الذي لا يهزم» بعد الفشل الأفغاني، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس طرفاً محايداً في الصراع الأوكراني وهو يعتبر أوكرانيا مجال نفوذه.
وأعلنت كييف والدول الغربية مؤخراً عن زيادة مزعومة في «الأعمال العدوانية» من جانب روسيا بالقرب من حدود أوكرانيا، ونفت موسكو بدورها مراراً مثل هذه الاتهامات، قائلة: إنها لا تهدد أحداً ولا تنوي مهاجمة أحد ومزاعم «العدوان الروسي» تستخدم كذريعة لوضع المزيد من المعدات العسكرية للناتو بالقرب من الحدود الروسية.
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن تصريحات الغرب حول «العدوان الروسي» وإمكانية مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها ضده، سخيفة وخطيرة.
من جانبه قال مدير إدارة منع الانتشار والسيطرة على الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف: السؤال المطروح هو ما إذا كان زملاؤنا الأوروبيون لا يرون تهديداً لأمنهم في فرضية نشر أسلحة في بيلاروس بدل الانتشار الفعلي على أراضي عدد من دول الناتو لأسلحة نووية أميركية قادرة على ضرب أهداف في روسيا.
ووفقاً لوكالة نوفوستي أكد يرماكوف أن مشاركة دول أوروبية غير نووية في المهمات النووية المشتركة لحلف شمال الأطلسي تتناقض بشكل مباشر مع التزاماتها الأساسية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مضيفاً «نحن نرفض مثل هذه الازدواجية لدى الدول الغربية».
وتقوم دول الناتو، بقيادة الولايات المتحدة، بتزويد أوكرانيا بالأسلحة وبتدريب جيشها، الأمر الذي ينتهك بشكل مباشر اتفاقيات مينسك ويؤثر سلباً على التسوية في دونباس.
بالإضافة إلى الأميركيين، تشارك بريطانيا وكندا وفرنسا وبولندا وتركيا وليتوانيا والتشيك وبلغاريا ورومانيا وإستونيا في عمليات تسليم معدات عسكرية لأوكرانيا يبلغ مجموع أثمانها مليارات الدولارات.
(سيرياهوم نيوز-وكالات-الوطن)