آخر الأخبار
الرئيسية » عالم البحار والمحيطات » بحر غزة… ملاذ الهاربين من الحرّ والهموم

بحر غزة… ملاذ الهاربين من الحرّ والهموم

عبد الله يونس

 

دير البلح | يجلس الشاب محسن عبد العال أمام شاطئ بحر مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، محملقاً في أمواجه المتتابعة، فيما يبدو شارد الذهن تماماً. الشاب ذو الـ 31 عاماً دمرت الحرب حياته تماماً؛ إذ أتت على شركته الصغيرة في مجال البرمجة والتي أسّسها قبل نحو عامين، وشقّته التي كان قد انتهى من تجهيزها قبيل الحرب بأسابيع قليلة استعداداً لإتمام حفل زفافه. يقول عبد العال، الذي نزح من مخيم جباليا شمال قطاع غزة إلى مجمع إيواء في مدينة دير البلح، في حديثه إلى «الأخبار»، إنه «بعدما خسرت منزلي وعملي، حدثت عدة مشاكل مع خطيبتي انتهت بانفصالنا». ويلفت إلى أنه يزور البحر بشكل شبه يومي، ليشكو إليه همومه: «أشعر بأن البحر ينصت لي، في الوقت الذي ينشغل فيه جميع من حولي بهمومهم ومشاكلهم التي سببتها الحرب». على مقربة من عبد العال، كانت الفتاة فاطمة السعيد التي قتلت الحرب ثلاثة من أشقائها، بالإضافة إلى والدتها، خلال غارة استهدفت منزل عائلتها في مدينة غزة في تشرين الثاني الماضي، تجلس على رمال الشاطئ، واضعة سماعات رأس متصلة بهاتفها النقال. تقول السعيد، وهي طالبة جامعية في «الجامعة الإسلامية» في غزة، والتي دمرها جيش الاحتلال تماماً: «هذا البحر هو ملاذي الوحيد هرباً من واقع الحياة هنا. آتي إليه يومياً وأضع السماعات في أذنيّ واستمع إلى الموسيقى، وأنفصل عن كل ما يدور من حولي، فأنا لا أريد أن أسمع المزيد من القصف وأصوات الطائرات». وتلفت السعيد إلى أنها كانت قبل الحرب تعدّ بحث تخرّجها في الجامعة، لكنّ تدمير جامعتها أبقاها معلّقة من دون أن تعلم كيف ستنهي تعليمها الجامعي. وتضيف أن «جزءاً من عائلتي قُتل، ومستقبلي بات في المجهول، أحياناً وأنا أجلس هنا، صوت ما في رأسي يخبرني بأن الغرق في البحر سيكون خلاصي، حقاً لا أشعر بأي أمل».

على بعد عشرات الأمتار، يجلس باسل الشيخ (49 عاماً) على كرسي خشبي أمام شاطئ البحر، محدّثاً نفسه بشعر خرج من خاطره ويعبّر عن مأساته. يقول الشيخ في أبياته الشعرية: «القيد أدمى خاطري لا معصمي… والليل أرّق ناظري كالأنجم… لا الدمع كفى ولا الدمى عزت سوى… ما عدت أعرف سال دمعي أم دمي»، موضحاً، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «هذه الأبيات ألّفها خلال اعتقاله في “سجن النقب” الإسرائيلي، بعدما اعتقلته قوات الاحتلال من داخل مستشفى “كمال عدوان” خلال توغّلها البري شمال قطاع غزة في كانون الأول الماضي». ويشير إلى أن سلطات الاحتلال أفرجت عنه في شباط 2024، وأجبرته على النزوح إلى جنوب القطاع، بعيداً عن زوجته وأبنائه الذين بقوا في الشمال. ويضيف: «أعيش في خيمتي وحيداً، فليس معي أحد من عائلتي هنا، لذلك أزور البحر يومياً هرباً من ازدحام مخيمات الإيواء ولكسب بعض الشعور بالأُنس».

منذ تشرين الأول الماضي، قتلت الزوارق الحربية الإسرائيلية 15 صياداً

 

وفيما يُعتبر أنّ البحر المتنفّس الوحيد للنازحين الفلسطينيين للهروب من حرّ الخيام وشقائها وأصوات القصف ومشاهد الموت التي تحيط بهم من كل جانب، فإن أجزاء واسعة من شواطئه ملوثة بشدة نتيجة تصريف مياه الصرف الصحي إليها من دون معالجة. وفي السياق، تشير مصادر محلية إلى أن بلديات القطاع تتخلص من معظم مياه الصرف الصحي (نحو 120,000 متر مكعب يومياً) غير المعالجة، في بحر غزة، بسبب تدمير القصف الإسرائيلي محطات المعالجة بشكل كامل. ومع ذلك، يندفع النازحون للسباحة على شاطئ البحر مع اشتداد حرارة الطقس، من دون الاكتراث بمخاطر الإصابة بالأمراض. ويقول الشاب عامر المصري إنه «بالإضافة إلى أن السباحة ترفّه عنا، وهي أيضاً وسيلتنا للاستحمام»، لافتاً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «مخيمات الإيواء تواجه أزمة كبيرة في توفير مياه الاستحمام، بسبب قيام دولة الاحتلال بقطع إمدادات المياه تماماً عن قطاع غزة».

غير أن شواطئ بحر غزة لم تسلم بدورها من الاعتداءات الإسرائيلية؛ إذ تطلق الزوارق الحربية نيرانها الرشاشة باتجاه الصيادين الذين يحاولون صيد الأسماك لإطعام أسرهم، ما أفضى في حالات كثيرة إلى استشهادهم. ومنذ تشرين الأول الماضي، قتلت هذه الزوارق 15 صياداً، بحسب ما يفيد به نقيب الصيادين الفلسطينيين، نزار عياش، «الأخبار»، لافتاً إلى أن «آخر تلك الجرائم كانت في 14 حزيران 2024، حين قتلت الزوارق الإسرائيلية صيادَين اثنين خلال ممارستهما الصيد قبالة سواحل خانيونس جنوب قطاع غزة». ويوضح عياش أن جيش الاحتلال دمر 90% من قوارب الصيد، مشيراً إلى أن قطاع الصيد كان ينتج قبل الحرب نحو 5000 طن سنوياً من الأسماك، فيما الآن لا ينتج سوى نحو 100 كيلوغرام من الأسماك يومياً، وهي كمية لا تكفي لسدّ جوع عشرات الأسر.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيد الحوثي: أكثر من 700 غارة وقصف بحري لواشنطن لم يحد من عملياتنا وحاملة الطائرات “روزفلت” عادت بالتهريب عبر المحيط الهندي ولم تدخل البحر الأحمر

قال زعيم جماعة “أنصار الله” اليمنية عبد الملك الحوثي، السبت، إن أكثر من 700 غارة وقصف بحري لم يفد الولايات المتحدة في الحد من عملياتنا ...