| عمار النعمة
بحوث فكرية في الفلسفة ومناهج التفكير عنوان كتاب صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق للكاتب شاهر أحمد نصر في 442 صفحة من القطع الكبير .
يتضمن الكتاب بابين وخمسة فصول يتحدثون عن تاريخ الفلسفة, والمقولات الفلسفية, والسجال بين الفلسفتين المادية والمثالية, بالإضافة إلى منهج التفكير سر الحكمة وجذور مناهج التفكير في منطقتنا والمناهج الفقهية ومناهج التفكير عند العرب والمسلمين …ومناهج التفكير الحديثة, ليختتم الكتاب بنماذج في استخدام مناهج التفكير.
ويرى المؤلف أن مناهج التفكير التي عرفتها البشرية على مر العصور تعددت, وارتبط مستوى تطورها, بطبيعة البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية السائدة والمهيمنة في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمعات البشرية, ويشير أن الدراسات التاريخية تبين بأن المجتمعات التي يسود فيها منهج التفكير المنفتح على الثقافات الإنسانية عامة يلعب دوراً هاماً في بناء شخصية إنسانية واسعة الأفق جذابة متصالحة مع نفسها, ومع محيطها, من هنا تأتي ضرورة الاهتمام بمناهج التفكير ووضعها ضمن المناهج الدراسية في مختلف المستويات التعليمية, وإقامة الأبحاث والدراسات حولها وصولاً إلى سبل امتلاك منهج التفكير السليم .
ويؤكد شاهر أحمد نصر أن التحكم بمناهج التفكير في المجتمعات البشرية يلعب دوراً في غسل أدمغتها حيث يترك مستوى تطور الجماعة البشرية أثره على مناهج التفكير فيها, من هنا يمكن القول إن مناهج التفكير كثيرة ومتعددة ومتنوعة بمقدار تعداد وتنوع الجماعات البشرية, وتعدد المسائل التي تعالجها, فمنها المرتبطة بالمرحلة المشاعية , القبلية, الدينية, المذهبية, الحزبية.. مع تطور المجتمعات البشرية وترابطها فيما بينها أخذت تتلاقى وتتلاقح هذه المناهج وتجدد قواسم مشتركة فيما بينها من حيث الأسلوب والمقومات لتأخذ تسميات أعم كمنهج التفكير العاطفي, السلبي, الهمجي, والعلمي..
ويلفت نصر إلى أن ايراد آراء مختلف الفلاسفة والمفكرين من مختلف القوميات والجنسيات والمدارس والمذاهب على مر العصور ليس تبنياً لتلك الأفكار والآراء بل دعوة للاطلاع عليها والاستفادة منها ومقارنة مناهجها مع ماتوصل إليه العقل, وتجاوزها علنا نصل إلى منهج يستوعب خصائص تفكيرنا وينسجم مع متطلبات العصر ويساهم في نهضة مجتمعنا.
ويتساءل المؤلف لماذا البحث في الفلسفة ومناهج التفكير .. في زمن تلعب فيه كثير من وسائل الإعلام ومنابر الثقافة دوراً هداماً في تشتيت الوعي وتحطيمه, ويزداد انتشار الخبل الفكري بين فئات واسعة من الناس, ويطغى التشوش على تفكيرهم, ويضيق الأفق مع طغيان الانغلاق تنتصب أسئلة ومهام ملحة أمام المفكرين تتلخص في إبداع ثقافة ووعي يواجه الموت والخبل والانغلاق والخوف والتخلف , وعي يسمو بإنسانية الإنسان كي يبقى في أحسن تقويم … فما السبيل لتحقيق هذه المهمة كيف نصون وجود الإنسان وتطور انسانيته, من يجيب عن هذه الأسئلة لمّا تزداد الخيبات مع تقدم الزمن وتراكم التجارب؟ أيأتينا الجواب على لسان طفل فيلسوف هرم والحلم يرافقه في اكتشاف دواء يقي أمه وأحبته خطر الموت؟ أليس الأطفال هم الفلاسفة الأوائل والفلاسفة أطفال يسعون؟
إن الافكار التي يعالجها الكتاب لها دور في عملية الوقوف في وجه المساعي الحثيثة التي تبذل لتشويه إنسانية الإنسان ولإبراز وجهه الغريزي المتوحش, وتنمية عوامل التطرف والإرهاب عند المجموعات البشرية, وأن يساعد كل مهتم في بناء شخصية الإنسان التي تتجاوز الأمراض الغريزية والاجتماعية العرقية, والمذهبية والطائفية المنحطة, وبناء المجتمع الإنساني العادل على أسس علمية موضوعية.
(سيرياهوم نيوز3-الثورة)