نور علي:
بدأت عملية الاقتراع للانتخابات النيابية اللبنانية اليوم الاحد كما هو مقرر لها، وفتحت صباح اليوم الاحد مراكز الاقتراع في مختلف المراكز في كافة المناطق اللبنانية. و يتوجه نحو 4 ملايين لبناني لاختيار مئة وثمانية وعشرين نائبا في البرلمان اللبناني الجديد. ويبلغ عدد المرشحين في الانتخابات 719 نائبا موزعين على 103 لوائح ويتنافسون في 15 دائرة انتخابية.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل ازمة اقتصادية ومعيشية خانقة لم تشهدها البلاد في تاريخها، وانقسام سياسي حاد، نقل المعركة الانتخابية بين القوى من المطالب والاولويات المعيشية الى العناوين السياسية والخيارات الاستراتيجية. وبات الحديث عن سلاح المقاومة هو العنوان الأول والاوحد بالنسبة لخصوم الحزب والمقاومة في لبنان. كما تأتي هذه الانتخابات في ظل غياب التيار الأكبر على الساحة السنية، بعد اعلان زعيمه سعد الحريري بضغط من الرياض الخروج من الحياة السياسية وسط توقعات بان يقاطع غالبية السنة في لبنان هذه الانتخابات، وهذا ما سيتم تأكيده اليوم بعد نهاية عملية الاقتراع والعد والفرز.
وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها من كونها أول انتخابات تُجرى منذ ما عرف بثورة 17 تشرين عام 2019 ضد المنظومة الحاكمة وانفجار مرفأ بيروت في اب عام 2020، وأزمة المصارف التي أدت الى احتجاز أموال المودعين. ما اطلق حملة ضد كل اقطاب السلطة الحاكمة، وافرز قوى تطلق على نفسها قوى التغيير تخوض اليوم الانتخابات تحت هذا الشعار. لكنها تتلقى اليوم الكثير من الانتقادات بسبب جنوحها نحو الشعارات السياسية وانخراطها في الانقسام السياسي بين الأحزاب التقليدية فضلا عن تساؤلات ملحة عن مصادر تمويلها.
وقبل ساعات من بدء التصويت دعا رئيس الجمهورية ميشال عون في رسالة الى اللبنانيين الى “المشاركة الكثيفة في الانتخابات للتعبير عن رأيكم واختيار من تثقون بهم وتجدونهم اهلا للدفاع عن حقوقكم واقرار القوانين التي تصونها”.
وقال عون ” هي فرصتكم فلا تضيعوها، خصوصا بعد الحقائق التي تكشفت خلال هاتين السنتين، والأكاذيب التي تم فضحها، وبعدما بات للفساد وللسرقة وجوه وأسماء”.
وأضاف”” منذ 30 سنة، جعلونا نعيش كذبة كبيرة؛ أوهمونا أن الليرة بخير وأن أموالنا موجودة ولا شيء يدعو للقلق. كذبة كهذه هي لا شك ممتعة ومريحة، ولكن كان لا بد أن يأتي وقت وندفع ثمنها، وكلما طالت الفترة، كلما بات الثمن أغلى وأقسى”
وأشار عون الي ان هنالك حملة تيئيس كبرى، عنوانها أنَّ لبنان مكسور ومفلس: “غادروه، واهربوا لا لقد قلتها منذ سنين، وها إنَّني إكررها إنّ لبنان منهوب وليس مكسوراً ولا هو مفلّس”
وأضاف ” ها هم يحاولون اختلاق كذبة جديدة وبدعة خطيرة، محاولين زرعها في عقول اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم، وخلاصتها أنه من الممكن إلغاء مكون من مجتمعنا من دون أن يؤثر ذلك على استقرار الوطن، هذا التفكير خطر للغاية وكلفته جدُّ مرتفعة، كلفته فتنة، كلفته حرب أهلية. لبنان لا يمكن أن يحيا إلا بجميع مكوّناته وبجميع ابنائه، وقد سبق واختُبرت محاولات العزل، وأغرقت لبنان في بحر من الدم والدموع”. وسأل عون “هل من أحد على استعداد أن يعيش أولاده وأحفاده ذلك الخوف إياه، وذلك الوجع، وتلك المآسي؟ ” ودعا لوقف “خطاب الكراهية، وشعارات التحريض، وأحلام العزل، وفبركة الشائعات، وتخويف المواطنين من بعضهم البعض”، معتبرًا أن “هذا الطريق مهدّم ولا يمكن أن يوصل إلا الى الدمار، دمار مجتمع ودمار وطن”، وقال “غداً ستنتهي الانتخابات، وستعودون للعيش معاً، ولا يمكن لأحد أن يتخلّص من أحد”.
وبانتظار ما ستقوله صناديق الاقتراع مع اقفالها عند الساعة السابعة من مساء اليوم بتوقيت بيروت، حيث ستحدد النتيجة احجام القوى السياسية داخل الندوة البرلمانية وهذا بدوره سوف ينعكس على طبيعة مهام البرلمان المقبل الذي سيكون امام استحقاقات كثيرة أولها تشكيل حكومة جديدة، يكون لديها خطة انقاذية واضحة للوضع الاقتصادي والمعيشي المأزوم، ومن ثم الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشيل عون في أكتوبر تشرين الاول المقبل. وفي بلد تتحكم فيه الطائفية في الحياة السياسية بالكامل فمن الصعب توقع انتهاء الانقسام السياسي مع ولادة البرلمان الجديد، انما التعويل على توافق سياسي يخفف من حالة الاحتقان السياسي، ويسرع عملية الإنقاذ.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم