آخر الأخبار
الرئيسية » شكاوى وردود » بذار القمح مجهولة المصدر تغزو أراضينا الزراعية.. من يتحمل المسؤولية..؟

بذار القمح مجهولة المصدر تغزو أراضينا الزراعية.. من يتحمل المسؤولية..؟

محمد زكريا:

 

 

يتكرر مشهد مبررات تراجع إنتاجية محصول القمح في كل موسم زراعي، حيث تلخصت المبررات على مدار السنوات الخمس الماضية، بقلة وندرة الأمطار والجفاف، بالتأكيد هي مبررات يمكن أن نصفها بالمنطقية والواقعية، وهي من الأسباب الرئيسية، ولكن هناك أسباب أخرى، لا يروق لبعض المتنفعين ذكرها، والتي تتعلق بالبذار المهربة، وهي مجهولة المصدر، وهي غالباً ما تأتي من دول الجوار، بالمقابل وكما هو معلوم، فإن الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تتحف المزارعين في مطلع كل موسم زراعي، بالعديد من الأصناف المستنبطة حديثاً من البذار، لكن على يبدو فإن أغلبية المزارعين سئموا من تلك الأصناف والتي لم تعد تجدي نفعاً، ولم يعد امامهم سوى تجريب المهرب.

 

مجهولة المصدر

الخبيرة الزراعية الدكتورة انتصار الجباوي أشارت إلى أنه مع انتهاء موسم زراعة القمح لعام 2024–2025، ظهرت مؤشرات واضحة على تراجع إنتاجية المحصول في العديد من المناطق السورية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع، رغم توفر الأمطار في بعض المحافظات، وتوسيع المساحات المزروعة بدعم حكومي ودولي، وبينت الجباوي لصحيفتنا الحرية أنه وفي هذا السياق، يبرز استخدام البذار مجهول المصدر، لا سيما تلك الواردة من دول الجوار، أو من الأسواق غير النظامية، كعامل أساسي ساهم في هذا التدهور، موضحة إلى أن البذار ليس مجرد مدخل زراعي تقني، بل هو الأساس الذي يُبنى عليه كل من الغلة والإنتاجية والاستدامة الزراعية، واعتماد الفلاحين على بذار غير موثوق، لأسباب تتعلق بارتفاع أسعار البذار المحسّن أو عدم توفرها في الوقت المناسب، أدى إلى انتشار بذار غير معتمد، بعضها يحمل أمراضًا كامنة، أو أصنافًا لا تتلاءم مع البيئة الزراعية السورية.

 

مشكلات معقدة

ولخصت الجباوي أهم المشكلات المرتبطة بالبذار مجهول المصدر منها عدم ملاءمة الظروف البيئية السورية، حيث البذار التجارية أو المستوردة من الدول المجاورة، غالباً ما تكون أصنافاً غير مدروسة من حيث توافقها مع التربة والمناخ المحلي، ما يؤدي إلى ضعف في الإنبات أو عدم تحمل الجفاف ودرجات الحرارة، إضافة لضعفها في مقاومة الأمراض، حيث سجلت عدة وحدات بحثية وإرشادية حالات انتشار لأمراض فطرية، كأمراض الصدأ والتفحم، ناتجة عن استخدام بذار ملوثة أو ضعيفة المقاومة، ما قلل من الإنتاجية وجودة الحبوب، فضلاً عن تفاوت الأصناف واختلاطها، وأنه في كثير من الحالات، وُجد أن البذار المزروعة في حقل واحد لا تنتمي إلى صنف موحد، بل هي خليط من أصناف متباينة من حيث موعد النضج، وارتفاع النبات، ومقاومة الأمراض، ما يُصعّب العمليات الزراعية والحصاد، ويؤثر سلباً على الإنتاج الكلي، كما أن استخدام البذار مجهولة المصدر تسبب بتدني نسب الإنبات، حيث أظهرت تقارير ميدانية من بعض المناطق الزراعية انخفاضاً كبيراً في نسب الإنبات، وصلت في بعض الحقول إلى أقل من 50%، ما يعني خسارة مبكرة في المردود الزراعي، وزيادة في التكلفة على الفلاح.

 

من يتحمل المسؤولية؟

وحول من يتحمل المسؤولية أوضحت الجباوي أن الفلاح لا يتحمل وحده المسؤولية، بل هو غالباً ضحية لغياب الرقابة، وغياب الدعم الكافي بالبذار المحسنة، وعدم وجود سياسات مرنة لتأمين مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب، كما أن ضعف الرقابة على المعابر والأسواق سمح بدخول كميات كبيرة من البذار الرديئة إلى السوق السورية.

 

الحلول المقترحة

ونوهت الجباوي بأن الحلول يمكن أن تكون في توسيع إنتاج البذار المحسّنة المحلية ودعم مؤسسة إكثار البذار للتمكن من تلبية كامل احتياج الفلاحين، مع تشديد الرقابة على الأسواق والمعابر لمنع تداول البذار غير المعتمدة، إضافة إلى تفعيل دور الإرشاد الزراعي للتوعية بمخاطر استخدام البذار المجهولة، وتقديم بدائل حقيقية للفلاح، فضلاً عن إجراء اختبارات مخبرية للبذار التجارية قبل السماح باستخدامها.

 

خلاصة

إن استمرار الاعتماد على البذار مجهولة المصدر، يهدد الأمن الغذائي السوري بشكل مباشر، ويُقوّض جهود الدولة في استعادة الاكتفاء الذاتي من القمح، ولا بد من تحرك عاجل من الجهات المختصة لضبط هذه الظاهرة، وتوفير بدائل موثوقة وداعمة للفلاح، بما يضمن إنتاجية مستقرة ومستدامة لمحصول القمح، الذي يمثل العمود الفقري للغذاء الوطني.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الحرية

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

شكاوى من ضعف ضخ المياه بقدسيا

يشكو أهالي مدينة قدسيا التابعة لمحافظة ريف دمشق من وجود شح بمياه الشرب، وما فاقم المشكلة أيضاً وجود ضعف بالضخ خلال فترة، ما يفرض صعوبات ...