طلال ماضي
ترددتُ عدة مرات قبل الكتابة عن هذا الأمر، لكن بعد أن وصلني عشرات الرسائل من الطلاب وأهاليهم، لم يعد من الممكن تجاهل نبض الناس، ولا بد من إيصال صوتهم إلى من يهمه الأمر، بخصوص ما حدث في آخر ثانوية في دمشق، بقيام وزارة التربية بين ليلة وضحاها بإصدار قرار وتنفيذه بفصل الذكور عن الإناث في ثانوية المتفوقين الثانية.
السيد وزير التربية، قد تجد أن هذا الأمر بالنسبة لك أو لمن اتخذ القرار هو أمر عادي ولا مشكلة فيه، لكن في المقابل عليك أن تنظر إلى النتائج التي حققتها المدرسة خلال السنوات السابقة، وإلى رغبات الأهالي، والأهم من ذلك إلى أن المدرسة مستقرة بصفر مشاكل، وأن الإدارة والكادر مهتمون بها بشكل لافت، وأن آلاف الطلاب يتمنون الدخول إليها.
معالي وزير التربية، أولاً: إذا كنت أنت أو من اتخذ القرار لم يدرس في مدارس مختلطة ولا يعرف أهميتها، فهذا لا يعني أن لا نحترم خصوصية ورغبات الناس والطلاب والعائلات التي تدرك أهمية المدرسة وجوها والنتائج التي تحققت فيها خلال السنوات السابقة. وعليك أن تحصِي كم طبيب وكم مهندس خرجت هذه المدرسة، وأن تدرك مستوى التفوق الذي حققته، وهذا لا يمكن إنكاره أو إغفاله.
معالي الوزير:هذه المدرسة ليست خاصة بمنطقة محددة، بل يأتيها الطلاب من جميع المناطق، والجميع يدرك قبل التقديم إليها أنها مدرسة مختلطة. والاختلاط ليس تهمة أو عيباً أو مذمة، بل هو الحياة من وجهة نظر من يحترم الجنس الآخر، وهذا ما لمسناه من الاحترام المتبادل بين الطلاب وارتباطهم بالمدرسة حتى بعد التخرج منها. وهناك الكثير من طلاب الطب يزورون المدرسة ويثنون على الإنسانية والعلاقة الأخوية الموجودة بين الكادر والطلاب.
كنا نتمنى من الوزارة أن تنظر بشمولية أكبر، وأن تراعي جميع الثقافات والأعراف والتقاليد. فالطالب الذي درس في مدارس مختلطة منذ 10 أو 11 سنة، واليوم تُفرض عليه بيئة غير مختلطة، قد يتحطم وتُزرع بذور الحقد في عقله. والوزارة لم تراعِ مشاعره، وما سمعناه من الطلاب لا يُسرّ يا معالي الوزير، وعليك أنت بنفسك أن تسمع.
جميع الأهالي عند التقدم لمدارس المتفوقين يعرفون كل مدرسة، ويدرسون بعدها عن منازلهم، ويعلمون الكادر، ويراقبون النتائج في الثانوية والتعليم الأساسي، ويعلمون أنها مدارس مختلطة. وكون المدرسة تحقق هذه النجاحات الكبيرة، ومضبوطة بشكل مثالي، ولا يوجد أي مشاكل فيها قياساً بالمدارس الأخرى، فلماذا العمل على إحداث هذه البلبلة في منتصف العام الدراسي؟ ومن المستفيد من ذلك؟ ولصالح من؟ إذا كان جميع الطلاب والأهالي منزعجين ولا يرغبون بأي تعديل في المدرسة، فلماذا تنشغل الوزارة بقصص تزعج الطلاب والأهالي؟
القياس بالنتائج
يا معالي الوزير، قصة الاختلاط بين الطلاب هي ثقافة، وعلى الوزارة أن تراعي العادات والتقاليد والثقافة الخاصة بالطلاب، وتترك للأهالي حرية الاختيار بين المدارس. فمن يريد المدارس الشرعية فهي موجودة، ومن يريد مدارس غير مختلطة فهي أيضاً موجودة، ومن يريد الاختلاط يجب أن تكون له خيارات كذلك. لأن القانون وُجد لتنظيم حياة الناس، والناس يعيشون وفق ثقافتهم، وليس وفق مزاج قرار غير مدروس.
جميع الطلاب والأهالي يدعونك إلى لقاء في المدرسة لبحث هذه المسألة التي تهمهم، والتي من شأنها أن تنعكس سلباً على مدرسة مستقرة وتحقق نتائج أكثر من باهرة في التفوق والنجاح. وهذا ما ننتظره من معاليك: الحكم بالنتائج، لا بالقرارات المرتجلة.
(اخبار سوريا الوطن ٢-A2Zsyria)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
