| مصعب أيوب – تصوير طارق السعدوني
برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي وبحضور اللواء محمد الشعار نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية وأمناء من الجبهة وأعضاء من القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي ووزير الإعلام زياد غصن والمحافظين وعدد من السفراء المعتمدين في سورية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، افتتحت وزيرة الثقافة الدكتورة ديالا بركات مساء أمس احتفالية أيام الثقافة السورية في دار الأسد للثقافة والفنون والتي تستمر حتى الخميس القادم.
وتضمن حفل الافتتاح معرضاً فنياً واستعادة لأعمال الفنانين الراحلين سعيد تحسين وخالد معاذ وتكريماً لعدد من المبدعين والمثقفين السوريين، حيث قامت وزيرة الثقافة ووزير الإعلام بتكريمهم، إضافة لبعض العروض الموسيقية والبصرية التي رافقت الحفل.
موسيقانا أعلى من رصاصهم
وفي كلمة ألقتها وزيرة الثقافة قالت: تعد أيام الثقافة السورية مناسبة سنوية نسلط من خلالها الضوء على غنى وتنوع الإنتاج الثقافي السوري في الماضي والحاضر واليوم في الذكرى السادسة والستين لتأسيس وزارة الثقافة نجدها فرصة لإرساء هذا النتاج في كل مجالات المعرفة والإبداع الفكري ولاسيما في الأدب والموسيقا والفنون التشكيلية والمسرح والسينما وإحياء التراث، وسيرافقنا على مدى أربعة أيام سلسلة من النشاطات الثقافية والفنية المتنوعة، الشيء الذي يسهم في نشر الإبداع على أوسع نطاق، كما نغتنم هذه المناسبة للقاء وتكريم عدد من المبدعين السوريين الذين كرسوا حياتهم وجهودهم وساهموا في إثراء المشهد الثقافي محلياً وعربياً ودولياً، لا شك بأن تلاقي الثقافات وتماذجها كان من أبرز عوامل تطور البشرية ووصولها إلى ما هي عليه اليوم، فكل الحضارات عبر التاريخ كانت استمراراً لبعضها كمداميك البناء رغم انتقال مراكز إشعاعها في جغرافيا العالم الواسع، ومجتمعنا السوري هذا المزيج الراقي لم يَأْلُ جهداً عبر آلاف السنين في تشكيل ورفع البنيان الحضاري الذي وصلت إليه البشرية اليوم، ابتداء من الأبجدية التي نرى تسلسلها ملحوظاً حتى اليوم في اغلب اللغات الغربية مروراً بالنوتة الموسيقية والفكر والفلسفة التي انتشرت في أرجاء الأرض، وما الإبداعات المعمارية التي لا تزال ماثلة في حواضر العالم إلا شاهد على رقي وثقافة هذا الشعب وعلمه وحبه للعطاء والارتقاء، واليوم ونحن في قلب عاصفة من الاضطرابات العالمية الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والتقدم التقني الذي سيغير ملامح الحياة باتت مهمتنا الثقافية أكبر وأصعب وأدق، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد: ستبقى موسيقانا أعلى من رصاصهم وثقافتنا أقوى من إرهابهم، على الرغم من بعض التحديثات التي قد تفرضها العولمة مثل خطر طمس الهويات الثقافية، إلا أنها تلفت النظر إلى أهمية الحفاظ على التراث الثقافي الخاص، فالماضي متصل بالمستقبل عبر الحاضر الذي نحياه، ولتبقى الثقافة السورية رمزاً مشرقاً فاعلاً في الحضارة الإنسانية ورابطاً يعزز الوحدة الوطنية، وضعنا نصب أعيننا رؤية تتمثل في الحفاظ على التراث الثقافي السوري من خلال تكثيف الجهود لصون وحماية المواقع الأثرية التي تضررت نتيجة الأحداث القاسية مع التركيز على إعادة تأهيلها بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية، وتظهر الثقافة اليوم كقوة ناعمة وأداة فاعلة لتعزيز مكانة سورية عربياً ودولياً من خلال تنظيم مهرجانات ومعارض فنية وتطوير برامج تبادل ثقافي، وفي ظل التطور التكنولوجي نعمل على رقمنة الأرشيف الثقافي السوري في المتاحف والمكتبات وتطوير المنصات الإلكترونية لعرض التراث والأعمال لتكون بمتناول الجميع، وتسعى الوزارة لتعزيز الصمود وتماسك المجتمع السوري وتتويج طاقاته نحو النهوض وإعادة بناء حضارة متخذة من الثقافة قوة دافعة نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
صون التراث
وقد صرحت بركات لوسائل الإعلام بأن الاحتفالية اليوم تتزامن مع مرور 66 عاماً على تأسيس وزارة الثقافة التي قدمت خلال هذه العقود مسيرة حافلة من الإبداع والعطاء والحفاظ على الإرث الفكري والحضاري وصون التراث من قبل كل العاملين في القطاع الثقافي والحريصين عليه، وأكدت أن اللقاء اليوم سيكون بمنزلة إعلان انطلاق فعالية ثقافية متنوعة ستكون البداية منها وتنتشر إلى باقي المحافظات السورية خلال أربعة أيام، وتتضمن عروضاً فنية سينمائية ومسرحية ومعارض تشكيلية وملتقيات إبداعية وندوات حوارية وبعض الورش والمحاضرات الأدبية والفكرية والأمسيات الشعرية، ونوهت أن عمل وزارة الثقافة لا ينحصر في العمل الفكري الذي نراه في المراكز الثقافية فحسب، بل هو أعمق بكثير يبدأ مع الإنسان منذ ولادته وحتى النهاية، فهو عمل متجذر يثبت انتماء الإنسان لوطنه وأرضه وتاريخه وتراثه، ونحن لا يمكننا إلا أن نعظم ونجل كل من يعمل في القطاع الثقافي ليجعله حصناً منيعاً في وجه كل ما يحاصرنا من أدوات إرهابية أو فكر ظلامي لا يمت لسورية وحضارتها بأي صلة.
وقالت أيضاً: دراسة الماضي والحديث عن الماضي مهم جداً ولذلك التواصل مع الجيل الجديد في ظل ما نشهده من تطور تكنولوجي مهم جداً من خلال عمليات الرقمنة والمنصات الإلكترونية وطرح جميع المواد الثقافية والفكرية على وسائل التواصل لتصبح متاحة للجميع ليكون لكل إنسان القدرة على الولوج إلى تلك البيانات والاستفادة منها.
الماضي الجميل
في كلمة لـ«الوطن» أكد الفنان سليم صبري أن سورية في الأساس هي بلد الثقافة، وهذا اليوم ليس خاصاً وإنما عاماً، فكان معروفاً لدى جميع الدول العربية أن من يريد الثقافة يأتي إلى سورية، وخلال هذه الأيام نحن نعيد ذكرياتنا الماضية ونرجو أن تعود سورية كما كانت، ولا بد لنا من الاستمرار في استذكار الجميل من الماضي وذكريات سورية وثقافتها، ولاسيما أن سورية كانت من أوائل البلدان ذات الطابع الثقافي عالمياً، فكان سابقاً من كل مكان في العالم تأتي الناس إلى سورية، فما أجملها من أيام وما أعظمها من ذكريات ثقافية رائعة، آملاً أن تعود جميع تلك الذكريات الجميلة.
انتماء وهوية
من جانبه الكاتب المكرم د. حسين جمعة لفت إلى أن الوطن انتماء وهوية، الوطن الذي نحن فيه ويكرم المثقفين والمبدعين، وهذا وطن يستحق التقدير كما تستحق «الوطن» التقدير لأنها تنقل الكلمة للعالم كله، وهذه الكلمة التي نقف عندها اليوم هي كلمة الوفاء والتقدير للفنانين والمثقفين والمبدعين في يوم الثقافة الذي نجدد العهد معه في كل عام، وهذا العام هو وقفة مع الذات من أجل أن نقوم بمراجعة لما قدمناه، ونحن في وطن مقاوم من أجل الوجود وليس من أجل أي شيء آخر، فوجودنا مقاومة وثبات وانتماء لوطننا سورية ولهذه الأمة العربية، فنحن اليوم أحوج ما نكون للثقافة لكي نؤصل انتماءنا وولاءنا للوطن.
وعن استمرار الفعالية عاماً بعد عام يؤكد جمعة أن الاحتفالية تعد تجدداً في الثقافة لأن هناك من يريدنا أن نقدم الأجود دائماً، ولذلك يوم التكريم هو محطة لإعادة تقويم أعمالنا، وعليه فنحن بحاجة لأن نقوم بمراجعة لما قدمناه، وما ينبغي أن يكون الأفضل للثقافة التي نعتز بالانتماء إليها التي تثبت دائماً بأنها مبتكرة ومتجددة ومتأصلة فينا.
أسماء تستحق التكريم
وعن التكريم يقول الناقد والإعلامي سعد القاسم: ما يعنيني اليوم في الحقيقة هو الأسماء الموجودة معي في التكريم، فجميعهم يستحق هذا التكريم وجميعهم مهمون في مكانهم وموقعهم واسمهم وقد أنجزوا أشياء مهمة جداً في المشهد الثقافي السوري، وأنا أريد أن أخص هنا الأستاذ مصطفى عبود لأنه غير معروف كما ينبغي في وسطنا الثقافي، إلا أنه رجل مهم جداً في المسرح وفي مجال الدراسات والبحث وهو أقدم أستاذ في الوقت الراهن في المعهد المسرحي، فقد مر ما يزيد على ثلاثة عقود منذ بدايته في ممارسة التدريس في المعهد، وتكريمه والإضاءة على دوره شيء جدير بالإجلال والاحترام.
ولفت القاسم إلى أن احتفالية أيام الثقافة السورية لم تتوقف حتى في أوقات عصيبة وأعنف من وقتنا الحاضر، مشيراً إلى أننا تجاوزنا المراحل الصعبة وقد استطعنا أن نثبت قوتنا ونجذر ثقافتنا بالعديد من الأنشطة الثقافية.
بادرة جميلة
وقد شرح الفنان المكرم صفوان بهلوان في حديث خاص مع الوطن أن التكريم بادرة جميلة ولا بد أن نحض عليها، وما أجمله من تكريم خلال أوج العطاء الفني للفنان وفي حالة السيرورة الإبداعية الدائمة، بعد أن درجت العادة تكريم الفنان والمبدع بعد وفاته أو بعد أن يتقاعد، ولا يمكن أن يكون هناك أمل في إنتاج جديد، وهو ما يدفعه للتجديد الدائم ويحفزه لمزيد من العطاء، وقال أيضاً: أنا أقول لهم شكراً وأحبذ وأشدد على ذلك ليكون نبراساً للآخرين.
المكرمون في سطور
أنطوانيت عازرية: مونتيرة مولودة في حلب عام 1950 شاركت في إنجاز العديد من أفلام المؤسسة العامة للسينما ومنها ليالي ابن آوى واللعبة وأدهم إسماعيل والترحال وصهيل الجهات، وقد نالت الكثير من الجوائز المحلية والإقليمية ومنها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم تسجيلي بعنوان «حكاية ما جرى في مدينة نعم»، وجائزة في مهرجان قرطاج التونسي عن الفيلم الروائي نجوم النهار، وفي الإسكندرية عام 1996 نالت جائزة عن فيلم اللجاة كما كرمتها نقابة الفنانين في سورية 2024، كما شاركت في لجان تحكيم عدد من المهرجانات السينمائية وحصلت على ميداليات من مهرجانات أوروبية، كما ألفت وأخرجت فيلماً بعنوان «سمعان العمودي» وحصد جائزة أفضل فيلم في مهرجان نيويورك للأفلام المستقلة عام 2006، كما أنجزت فيلماً بعنوان «شاميات» ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008.
د. حسين جمعة: كاتب وأستاذ جامعي مواليد 1949 في يبرود، ترأس سابقاً اتحاد الكتاب العرب في سورية، ويحمل شهادة الدكتوراه في الأدب القديم، ورئيس تحرير مجلة جامعة دمشق 2003 وعضو اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني لعدة سنوات، وعضو لجنة التحكيم في جائزة الدولة التقديرية في وزارة الثقافة وكذلك عضو في جائزة الدولة التشجيعية، وقد صدر له العديد من المؤلفات والدراسات منها الرثاء في الجاهلية والإسلام ومختارات الأدب في صدر الإسلام وفي جمالية الكلمة وابن المقفع.. سيرة إبداع بين حضارتين، وأوراق روح تحترق، وسنابل القلق، ورحلة قيثارة والثقافة الوطنية والتحديات الراهنة، وجدلية الذات والوجود في القصيدة الجاهلية، والفارس الأثير أبو فراس الحمداني.
مصطفى عبود: باحث مسرحي مواليد حمص 1962 درّس في المعهد العالي للفنون المسرحية ونشر العديد من المقالات في الدوريات الرسمية ومنها الحياة المسرحية وله ثلاثة مؤلفات أدبية، وتولى عدة مهام رسمية كان منها وكيل المعهد العالي للفنون المسرحية ورئيس قسم الدراسات المسرحية وأشرف على عشرات رسائل التخرج.
عصام درويش: فنان تشكيلي مواليد دمشق 1952، تخرج في معهد أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية وفي كلية الفنون الجميلة، له مشاركات فنية في معارض داخلية وخارجية عدة، منها في الكويت ولبنان والأردن والبحرين والإمارات وفرنسا وبلغاريا وإيطاليا وله أعمال عدة مقتناة في كلية الفنون الجميلة ومتحف دمر للفنون، وله عدة كتابات في القصة القصيرة وعمل في الصحافة، وساهم في تأسيس عدة صالات ومعارض فنية، يبني تكويناته بقوة تعتمد على التوازن بين الكتلة والمساحة والخط واللون.
صفوان بهلوان: موسيقار مواليد جزيرة أرواد 1953 بدأ العزف في سن مبكرة وتعلم الموسيقا في مدارس القاهرة، أنجز في الثمانينيات برفقة الشاعر مهدي الجواهري والفنانة ميادة الحناوي التحفة الغنائية « جبهة المجد»، كما لحن لربا الجمال أغنية «لنا الأرض» وهي من أشعار محمد عمران، يعتبر بهلوان من أهم عازفي العود في الوطن العربي، وهو عضو جمعية مؤلفي الموسيقا في باريس وفي ألمانيا، عمل خبيراً ومستشاراً موسيقياً في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، له العديد من المقطوعات السمعية وعدد كبير من الموسيقا التصويرية للأعمال الدرامية.
سليم صبري: ممثل ومخرج مسرحي وتلفزيوني، كانت بداياته الأولى في المسرح بالتعاون مع الراحل بسام لطفي، وأول عمل مسرحي شارك فيه كان «بيت الدمية» وانتسب للمسرح القومي وكانت أول مشاركاته فيه 1962 لتتوالى المشاركات المسرحية ومنها الرجل الرابع ومدرسة الفضائح والتنين، وفي السينما شارك بخياط للسيدات وكفر قاسم ونسيم الروح، أما في الدراما التلفزيونية فأخرج عدداً من الأعمال كان منها شجرة النارنج وقلوب خضراء والعنوان القديم ومساكين وغيرها، كما تألق في بطولة الكثير من الأعمال كان منها الفصول الأربعة وقوس قزح وأسياد المال وأشواك ناعمة وأهل المدينة وزمن العار وعن الخوف والعزلة وعلى صفيح ساخن وغيرها الكثير.
سعد القاسم: إعلامي وفنان تشكيلي وناقد فني يحمل إجازة في الفنون الجميلة منذ عام 1981، شارك في تأليف العديد من الكتب وله سبعة كتب المتخصصة، قام بتوثيق بدايات الفن التشكيلي السوري عبر «الوطن»، ودرّس مادتي تاريخ الفن وعلم الجمال في معاهد المسرح والموسيقا والسينما وفي كلية الفنون الجميلة، انتخب عضواً مستقلاً في المؤتمر الأول للصحفيين السوريين 1991، كما انتخب عضواً مستقلاً في مجلس إدارة نقابة الفنون الجميلة، وانتخب رئيساً لجمعية الباحثين والنقاد التشكيليين، وأعد الكثير من حلقات بعض البرامج التلفزيونية.
رياض سكر: موسيقي تعلم العزف على آلة العود في سن العاشرة، وانتسب لمعهد العالي للموسيقا 1961 وانتقل للعمل والدراسة مع مجموعة من الخبراء الروس ليؤسس معهم رباعية وترية ويقدموا أعمالهم في التلفزيون ضمن برنامج مع الموسيقا العالمي، وشارك أيضاً في حفل على مدرج بصرى الأثري، وكانت له مشاركة مع أول أوركيسترا سيمفونية بقيادة صلحي الوادي، واكتسب الكثير من الخبرات والمعارف بعد سفره إلى موسكو 192 ويعمل في دمشق في المعهد العربي للموسيقا كمدرس وعازف أول في أوركيسترا الموسيقا الحجرة، كما أنه وضع الموسيقا للكثير من الأعمال المسرحية والبرامج التلفزيونية والمسلسلات.
زهير العربي: فنان ومصمم ديكور مواليد 1958، شارك بالبداية في التمثيل كهاوٍ في العديد من العروض المسرحية، وضع العديد من الديكور المسرحي لأعمال مهمة في بداياته مثل «المخططون وعنترة»، شغل عضوية نقابة الفنون الجميلة عام 1981 وشارك في الكثير من المعارض الفنية الفنية والتشكيلية العربية والمحلية في مجال الإعلان والديكور، وهو عضو اللجنة الفنية في مهرجان بصرى الدولي وعضو اللجنة الفنية في مهرجان دمشق للفنون المسرحية، ومن أهم الأعمال المسرحية التي صمم ديكوراتها: شوكولا والسبع واحتفال عائلي وهاملت وطبق الأصل والميراث وغيرها الكثير.
أخبار سورية الوطن ١_الوطن