لندن | أخيراً، انتهى انتظار البريطانيين الطويل المملّ لعملية صناعة الخلافة داخل حزب «المحافظين» الحاكم، والتي استمرّت لشهرَين، بعدما صوّت ما يقرب من 150 ألفاً من أعضاء الحزب (الاثنين الماضي) لمصلحة تصعيد ليز تروس إلى منصب رئيس وزراء بريطانيا، على حساب المرشّح الآخر ريشي سوناك. وفي الواقع، فإن هيمنة «المحافظين» على أغلبية مقاعد مجلس النواب الحالي منحت الفرصة لعدد أقلّ من ثلث النقطة المئوية من مجموع الناخبين المسجَّلين في الجزيرة، للانفراد باختيار الشخصية التي سيُعهد إليها بإدارة دفّة السفينة البريطانية المنهَكة، بعدما كان بوريس جونسون قد أُجبر على تركها إثر انقلاب أعضاء حكومته عليه بداية تموز الماضي. ولم يمتلك سوناك، وزير الخزانة السابق، فرصة حقيقية للفوز بالمنصب، على الرغم من التأييد الملموس له في أوساط دوائر المال والأعمال في لندن، وتَقدُّمه في الاستطلاعات لناحية القبول الشعبي. إذ بدا جلياً أن الكتلة «الذهبية» الناخبة من «المحافظين»، كانت في مكان آخر تماماً؛ فهي لم تغفر أبداً له مشاركته الفاعلة في إطاحة جونسون من السلطة، كما أنها ليست جاهزة لتقبُّل شخصية غير بيضاء (سوناك من أصول هندية) في المنصب التنفيذي الأهمّ. ويتألّف حزب «المحافظين» اليميني، الذي هيمن على السلطة طوال أغلب فترة المئتَي عام الأخيرة، من أغلبية من الذكور الإنكليز ذوي البشرة البيضاء، وهو يعبّر عن مصالح تحالف البورجوازيين والأرستقراطيين، ما يجعل تروس الأقرب نفسياً وثقافياً إلى هذه الكتلة.