هل يلوّح لبنان بسحب رسالته التي تطلب من مجلس الأمن التجديد سنة جديدة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب؟
طرح السؤال قد يبدو غريباً عن السلوك الرسمي اللبناني في مسائل تتصل بالتعامل مع الدول الغربية. لكن المسألة باتت تتصل أكثر بما ينوي الغربيون فرضه من إجراءات على لبنان ضمن التقرير الذي يترافق مع صدور قرار التجديد للقوة الدولية التي تنتهي ولايتها الخميس المقبل.
وعلى بعد خمسة أيام من انعقاد مجلس الأمن لهذا الغرض، واصل وفد لبنان في الأمم المتحدة اتصالاته ولقاءاته مع سفراء الدول، بالتزامن مع اتصالات غير معلنة بين الدول المعنية وقيادات لبنانية بارزة. وكان اللافت اتصال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب في نيويورك، وإبلاغه أن لبنان لن يقبل تثبيت حق القوة الدولية بالتحرك من دون التنسيق مع الجيش، وأن هذا القرار نهائي ويمثل لبنان الرسمي.
التواصل بين ميقاتي وبوحبيب جاء على وقع الضغوط الكبيرة التي لجأت إليها الدول الغربية في مجلس الأمن، وبعد الكلام العالي السقف لمندوبة الولايات المتحدة، وبعدما بادر سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة الى ترهيب لبنان من أن رفضه السير بالمسوّدة، والتلويح بسحب رسالة طلب التجديد ستقابلها قرارات دولية تضرّ به. وقد حاول الجانب البريطاني الإيحاء بأن الحكومة اللبنانية لا تريد مواجهة مع المجتمع الدولي، لكنها باتت رهينة حزب الله الذي لا يريد تنفيذ القرار 1701. ومع ذلك، فإن الجانب البريطاني يعرف مسبقاً أن أي قرار جديد عن مجلس الأمن لا يناسب لبنان، سيسقط في مجلس الأمن نفسه من خلال الفيتو الروسي أو الصيني، كما لن يكون بمقدور أحد تنفيذه على الأرض، بل قد يعرّض القوات الدولية العاملة في الجنوب للخطر، ما يدفعها هي الى طلب مغادرة لبنان، وهو أمر تعيه قيادة هذه القوة تماماً.
ومن المفترض أن يستأنف الوزير بوحبيب والوفد اللبناني اتصالاته واجتماعاته مع السفراء الغربيين في نيويورك، بينما تبحث فرنسا في إعداد صيغة وسطية من أجل معالجة أمرين:
الأول، يخص بلدة الغجر، حيث ترفض مسودة القرار إعادة تسمية المنطقة، وفق طلب لبنان، من الجزء الشمالي لبلدة الغجر الى خراج بلدة الماري. وتبين أن الرفض سببه أن مجلس الأمن يرفض الإقرار بأن إسرائيل تحتل هذه الأرض، وهي أصلاً تعتبرها من الأراضي السورية. وقد أقرت الولايات المتحدة علناً، والبريطانيون والفرنسيون سراً، بقرار العدو ضم هضبة الجولان الى الكيان الصهيوني. وعرض الفرنسيون تسوية تقضي بالأخذ بطلب لبنان لناحية التسمية، لكن مع إصرار على وصف الاحتلال في تلك المنطقة بـ«الوجود الإسرائيلي».
الثاني، يتعلق بحرية حركة قوات “اليونيفيل” حيث يصر الفرنسيون ومعهم العواصم الغربية على رفض إزالة البند الذي أقر العام الماضي، واقترحت فرنسا إضافة عبارة منفصلة تتعلق بالتنسيق مع الجيش اللبناني، لكن الصياغة تبقي الأمور غامضة، وتفتح الباب أمام القوة الدولية للتصرف خلافاً لذلك.
ما هي قصة الفصل السابع؟
من جهة أخرى، برزت الى الواجهة أسئلة حول سبب ورود عبارة الفصل السابع في التصريحات المنقولة عن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، إذ أذيع الجمعة الماضي بيان ورد فيه أن بوحبيب أبلغ ممثلي الدول «رفض لبنان نقل ولاية اليونيفيل إلى الفصل السابع»، ما دفع جهات معنية الى السؤال عما إذا كان الموضوع قد طرح أصلاً؟
وقال مصدر دبلوماسي لـ«الأخبار» إنه في عام 2006، صدر القرار 1701 ضمن ما يعرف بـStatus of force agreement (Sofa)، وهي النموذج الخاص بحفظ السلام في الأمم المتحدة التي تعمل تحت الفصل السادس لفض الاشتباك. وعليه، فإن المهمة في جنوبي الليطاني المصنفة ضمن «المساعي السلمية لحل الأزمة» تندرج في إطار حفظ السلام (Peace keeping) وليس صنع السلام (Peace making) الذي يندرج ضمن الفصل السابع.
وأوضح المصدر أن «نقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس إلى السابع ليس على جدول أعمال مجلس الأمن، وأن مناقشات مجلس الأمن لتعديل الولاية تحتاج إلى آليات مختلفة، إذ يقرر مجلس الأمن تنفيذ مهمة ما في إحدى الدول تحت الفصل السابع من دون الرجوع إلى رأي الدولة المعنية كما حصل في العراق عام 1990 على سبيل المثال، عندما اعتبر أن العراق يهدد الأمن والسلام».
ومنذ عام 2010، طرحت «اليونيفيل» خططاً لتغيير قواعد الاشتباك، ضمن إطار القرار 1701. لكن ما حصل على الأرض عدّل من وجهتها، وخصوصاً أن تحركات الأهالي منعت دخول دوريات بعض وحدات اليونيفيل إلى أحياء سكنية أو تصويرها، ما اضطرّ قيادة الناقورة قبل عامين إلى استبدال التحركات الميدانية المحدودة بشبكة كاميرات حديثة تمكّنها من رصد الأودية والأحياء المقفلة. لكن حتى هذا المخطط جرى إجهاضه.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار