محمد خواجوئي
يبدأ الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، اليوم، رحلته الخارجية الأولى، والتي تقوده إلى العراق، على رأس وفد رفيع، تلبيةً لدعوة نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئیس الوزراء محمد شياع السوداني. ويبدو أن الإدارة الإيرانية الجديدة ماضية على طريق «تطوير العلاقات مع الجيران»، والذي شكّل دعامة السياسة الخارجية في عهد الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي. ووفق جدول أعمال الزيارة المرتقبة، سيلتقي بزشكيان، في بغداد، كبار المسؤولين العراقيين، قبل أن ينتقل إلى أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، حيث سيجتمع إلى المسؤولين هناك، وبعدها سيزور مدن البصرة والنجف وكربلاء.ووفقاً للسفير الإيراني لدى العراق، محمد كاظم آل صادق، فإن الزيارة ستشمل توقيع مسؤولي البلدَين على اتفاقات اقتصادية وأمنية، كان مقرّراً التوقيع عليها إبّان عهد رئيسي. من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في حديث إلى قناة «الفرات» العراقیة، أمس، إن «اختيار الرئيس مسعود بزشكيان العراق، كأول بلد يزوره، يعكس عمق العلاقات الأخوية بيننا». وأضاف أن «العراق، بالنسبة إلى إيران أكثر من مجرّد بلد جار، هو بلد صديق وشقيق وتربطنا مشتركات كثيرة»، مؤكداً أن «أمن العراق واستقراره من أمن إيران، وعدوّنا مشترك، وهو الكيان الصهيوني».
وكانت العلاقات بين البلدَين الجارَين قد شهدت، خلال العقدَين الأخيرَين، مزيداً من التقارب، بعدما أصبحت إيران واحداً من أكبر الشركاء التجاريين للعراق، الذي يستورد الكهرباء والغاز من الجمهورية الإسلامية، لكنه، وعلى خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، غير قادر على دفع مستحقاته للأخيرة، ما حوّل كيفية تسديد تلك المستحقات إلى واحد من الملفات المهمّة في العلاقات الثنائية بين البلدَين. وفي هذا الإطار، أكد نائب رئيس غرفة تجارة العراق، قبل نحو خمسة أشهر، أن لإيران 11 مليار دولار محتجزة لدى العراق، فيما سبق لطهران أن أعلنت أن بغداد مدينة لها بمبلغ قدره 9 إلى 11 مليار دولار. ويتمّ إيداع هذه المستحقات، بالدينار، في حساب شركة النفط الوطنية الإيرانية لدى المصرف العراقي للتجارة. وحتى صيف العام الماضي، كان يُسمح لإيران باستخدام أموالها لشراء السلع غير المشمولة بالعقوبات من العراق، لكن الإعفاءات الأميركية، في حزيران 2023، سمحت للجمهورية الإسلامية باستخدام أرصدتها لاستيراد المستلزمات الإنسانية من الدول الأخرى.
تُعدّ القضايا الأمنية أحد المواضيع المطروحة على طاولة النقاش الإيرانية – العراقية
وإلى ما تقدّم، تُعدّ القضايا الأمنية أحد المواضيع المطروحة على طاولة النقاش الإيرانية – العراقية، ولا سيما أن انتشار المجموعات الكردية شبه العسكرية المعارضة لإيران، في إقليم كردستان العراق، والهجمات الإيرانية على معاقل هذه المجموعات، شكّلا أحد التحديات المهمّة في العلاقات بين البلدين، علماً أن الأخيرين وقّعا، في آذار 2022، خلال زيارة رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني آنذاك، علي شمخاني، اتفاقاً تعهّد العراق بموجبه بإزالة مقارّ المعارضة الكردية من المناطق الحدودية مع إيران، ونقلها إلى مناطق أبعد، على أن تنتشر مكانها قوات الحكومة المركزية. ووُضع الاتفاق المذكور موضع التنفيذ خلال العام ونصف العام الأخير، لكن ذلك تمّ بصورة متدرجة، تخلّلتها تقلّبات؛ جرى، خلال العام الماضي، نقل العناصر المنتمين إلى «الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني» إلى مناطق أخرى في إقليم كردستان، كما قامت حكومة الإقليم، الأسبوع الفائت وعشية زيارة بزشكيان للعراق، بنقل أعضاء حزب «كوموله كردستان إيران» إلى منطقة جديدة تبعد نحو 70 كيلومتراً شمالاً عن مقر انتشارهم السابق. وفيما احتجّ هؤلاء على قرار نقلهم، فإن احتجاجهم لم يثمر جديداً، وخصوصاً أن الحكومة المركزية وحكومة كردستان تبدوان عازمتَين على تبديد الهواجس الأمنية لإيران.
وتقول طهران إن «الموساد» الإسرائيلي ينشط في الإقليم، وهي قصفت مناطق هناك عدّة مرات، وآخرها في كانون الثاني الماضي، في أعقاب استهداف إسرائيل كبار قادة «الحرس الثوري» في سوريا، فيما أثارت هذه الهجمات توتراً في العلاقات على خطَّي طهران – بغداد، وطهران – أربيل. غير أن الزيارة التي قام بها رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، لطهران في أيار الماضي، ومحاولاته رأب الصدع في العلاقات بين الجانبين، وطمأنة الإيرانيين إلى أن الإقليم لن يتحوّل إلى منطلق ضدّ الأمن القومي الايراني، فضلاً عن الاستقبال الحارّ الذي تلقّاه من المسؤولين الإيرانيين، ولقائه المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي، كل ذلك أفضى إلى فتح صفحة جديدة، وخفض منسوب التوتّر بين الجانبين.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار