| أنس تللو
مُربٍّ وقورٌ كبير رجلٌ موثِّقٌ كبير، عرف مكانة التراث، وأدرك قيمته الكبرى في صنع الشعوب… كرَّس عمره وجهده ليخدم قضيته الكبرى التي ينادي بها، ألا وهي أن ليس التراث العريق مجالاً للتغني والتفاخر بقدر ما هو أداة للتطوير والتحفيز والتجديد، لذلك فإن المتاحف ليست مجرد مستودعات لتكديس التحف والآثار، وإنما هي وسيلة من وسائل تطوير وتنوير المجتمع.
تلك هي الفكرة الأساسية التي نذر من أجلها عمره الفنان بشير زهدي فغدا المتحف بفضله مرجعاً أساسياً يستفيد منه الباحثون فضلاً عن كونه جامعة شعبية يؤمها كل أبناء المجتمع.
ولد بشير زهدي في العاصمة دمشق 1927، وتعلَّم في مدارسها، ثم انتسب إلى كلية الحقوق سنة 1951 ونال منها إجازة بمرتبة عالية، فتمَّ إيفاده إلى فرنسا للتخصُّص في علوم الآثار والمتاحف وعلم الجمال، فنال بعد أربع سنوات ليسانس الآداب من جامعة السوربون، ثم حصل على شهادة تاريخ في العصور الوسطى، ثم شهادة في علم الجمال وعلم الفن، ثمَّ حصل على دبلوم من معهد اللوفر في باريس عام 1955.
بعد عودته للوطن عُهِدَ إليه بالوظائف التالية:
عُيّن أميناً لمتحف الآثار الكلاسيكية بدمشق 1955-1981.
عُيّن أميناً رئيسياً للمتحف الوطن بدمشق1981-2003.
عَمل كأستاذ مُحاضر في جامعة دمشق.
عَمل مُحاضراً في الجامعة الخاصة للعلوم والفنون بحلب.
عُيّن عضواً في لجنة التاريخ والآثار، ولجنة الفنون التشكيلية في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بدمشق.
فضلاً عن ذلك فقد عمل زهدي في التدريس في كلية الآداب وكلية الهندسة والفنون الجميلة في جامعة دمشق، فقدم جُلَّ وقته للبحث والتأليف ؛ وكان من ذلك أن قدَّم مئة وخمسين دراسة علمية محكمة تمَّ نشرها في دوريات متخصصة في عدة أقطار عربية.
وقد تمَّ نشر أبحاثه في مجال التاريخ والآثار وعلوم المتاحف في عدة مجلات دولية.
ويرى الأستاذ زهدي أن الإنسان لا ينفصل عن تُراثه بل هو مُلتصق به، يستلهم منه ويُضيف إليه، ويعتبر أن التراث يمنح المجتمع قوة معنوية ودفقاً إنسانياً وحضارياً، لذلك فقد وجب علينا أن نحافظ على تراثنا وأن نمنع أيدي العابثين من محوه.
من هنا فقد كان حريصاً كل الحرص على الحفاظ على المتاحف، فهو يعتبر أن الحفاظ عليها واجب قومي وحضاري وثقافي، وهو بمثابة حفاظ على ما أبدعه الآباء والأجداد للأبناء والأحفاد، وحين يلمس الأحفاد جذور حضارة آبائهم وأجدادهم فإن في ذلك استثارة للهمم لكي تقوم بتحقيق الاستمرار الحضاري والإبداع الإنساني ليكون للشعب مكانته بين أمم العالم.
كما أن المتاحف تقوم بتنمية الذوق الفني والحس الجمالي عن طريق أسلوب العرض وحسن الإضاءة ضمن تصميم فني.
ألف بشير زهدي عدداً من المؤلفات منها:
1- المتاحف.
2- الإمبراطور فيليب العربي.
3 – علم الجمال والنقد ــ فلسفة الجمال.
4-علم الجمال والنقد ــ علم الفن.
5 – معلولا المدينة الأثرية والسياحية النموذجية.
6 – الرصافة لؤلؤة بادية الشام.
7 – دليل مختصر للمتحف الوطني بدمشق ــ فرع الآثار السورية من العهود.
8 – كنيس دور أوروبوس في المتحف الوطني بدمشق.
9- حضارات وأساطير.
10 – تاريخ الفن ج 1 – 2.
11- تاريخ الفن- الجزء الثاني.
12- الصناعات اليدوية السورية التقليدية.
13- دمشق وأهميتها العمرانية والمعمارية عبر العصور.
14- حوران موطن الفعاليات الحضارية وأضخم المباني المعمارية.
15- حضارات وأساطير.
16- دمشق المدينة العربية المتجددة الشباب.
17- دراسات في التاريخ والآثار والحِرف الدمشقية.
18- من ذكريات الجلاء.
منحه الرئيس الراحل حافظ الأسد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى، ومنحته الجمهورية الإيطالية وساماً بدرجة فارس، ومنحته الجمهورية الفرنسية وساماً بدرجة ضابط.
توفي الفنان زهدي عام 2020.
لقد قضى الأستاذ بشير زهدي سنوات عمله الإبداعي، في البحث عن وجوه الفن والجمال، وأسهم بنشاط كبير في الكشف عن وجوه التراث المتألّقة… وقد تعب كثيراً من أجل السهر على حماية هذا التراث وتقديمه للناس في أبهى صوَره.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن