آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » بعد أوكرانيا… هل يتخلّى ترامب عن تايوان؟

بعد أوكرانيا… هل يتخلّى ترامب عن تايوان؟

 

 

تمارا برو

 

 

أثار الاجتماع العاصف، الذي جرى بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مخاوف في تايوان بشأن الالتزام الأمني للولايات المتحدة الأميركية تجاه الجزيرة، التي تتمتع بالحكم الذاتي وتحلم بالاستقلال، بينما تَعُدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، ستعود إلى البرّ الرئيس الصيني يوماً ما، حتى لو استدعت الضرورة استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك.

 

تميزت الفترة الرئاسية الثانية للرئيس ترامب بقلب السياسة الخارجية الأميركية رأساً على عقب، ولاسيما سعيه لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وإبرام صفقة المعادن مع كييف، والتفاوض مع روسيا، التي عينت ألكسندر دارتشييف سفيراً جديداً لها لدى واشنطن، بعد انتهاء عمل السفير الروسي السابق أناتولي أنطونوف في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبعد المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن ضرورة عمل سفارتي البلدين لنجاح مفاوضات التسوية الأوكرانية. ووصف ترامب الرئيس زيلينسكي بأنه “لا يريد صنع السلام”، بينما قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يريد السلام وإنهاء الحرب”.

 

أدّى استعداد ترامب للتخلي عن أوكرانيا وتعليق المساعدات العسكرية لها، بعد المشادة الكلامية بينه وبين زيلينسكي، إلى ارتفاع منسوب القلق في تايوان من أن الرئيس ترامب قد يتخلى عن الجزيرة ويتركها تحت رحمة الصين، التي كثّفت، خلال الأعوام الماضية، طلعاتها الجوية حول تايوان، وازدادت تصريحات المسؤولين الصينيين بشأن إعادة التوحيد مع تايوان حتى لو عبر استخدام القوة العسكرية.

 

يعود قلق تايوان من سياسة ترامب تجاهها إلى تصريحاته خلال حملاته الانتخابية العام الماضي، إذ صرّح، في إحدى مقابلاته، بأن تايوان يجب أن تدفع إلى الولايات المتحدة الأميركية في مقابل المساعدة على الدفاع عن نفسها، على الرغم من أن تايبيه تنفق مليارات الدولارات لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية، التي تُعَدّ أهم داعم أمني لها، كما اتهم ترامب الجزيرة بسرقة صناعة الرقائق الأميركية.

 

يتّضح، من خلال تصريحات ترامب تجاه تايوان، أنه يركز على أمرين: إجبار تايوان على زيادة إنفاقها الدفاعي وشراء مزيد من الأسلحة الأميركية، وإلزام الجزيرة بفتح مصانع جديدة لشركة TSMC التايوانية، الرائدة في مجال صناعة الرقائق الالكترونية عالمياً، في أراضي الولايات المتحدة الأميركية.

 

ومن أجل إقامة علاقات أمنية وثيقة بواشنطن، تسعى تايبيه لشراء مزيد من الأسلحة الأميركية، إذ تدرس حالياً شراء أسلحة بقيمة 7-10 مليارات دولار هذا العام، مع عزمها زيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن الرئيس ترامب كان اقترح أن تزيد تايوان في ميزانيتها الدفاعية 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر صعب جداً بالنسبة إلى الجزيرة.

 

أما فيما يتعلق بالرقائق الإلكترونية، وتجنباً للرسوم الجمركية بنسبة 25%، والتي يعتزم الرئيس ترامب فرضها على أشباه الموصلات، بداية شهر نيسان/أبريل المقبل، أجرت شركة TSMC التايوانية مشاورات مع الرئيس ترامب، وتوصل الجانبان إلى صفقة تتضمن موافقة الشركة التايوانية على زيادة استثماراتها بمقدار 100 مليار دولار من خلال بناء خمسة مرافق متطورة جديدة في الأراضي الأميركية، الأمر الذي سيجنب الشركة الرسوم الجمركية الأميركية، بحسب قول الرئيس ترامب.

 

ما يريده الرئيس الأميركي هو أن تقوم الشركة التايوانية بإنتاج الشرائح الأكثر تقدماً في الولايات المتحدة الأميركية، وزيادة إنتاج الرقائق الإلكترونية، وهو ما كانت تتجنبه تايوان لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الأهمية الجيوسياسية لها.

 

مواضيع متعلقة

 

رسالة من ترامب: إمكانية نجاح مسعى الحوار مع إيران

اليوم 11:39

 

تركيا في النظام الإقليمي بين أميركا و”إسرائيل”

3 آذار 10:52

أثارت الصفقة، التي أبرمتها شركة TSMC مع ترامب، الارتباك والقلق في تايوان، بحيث تُعَدّ صناعة الرقائق الإلكترونية حاسمة لاقتصاد الجزيرة وأمنها القومي، لذلك وعدت الحكومة التايوانية بعدم نقل أحدث تقنيات أشباه الموصلات لديها إلى الولايات المتحدة الأميركية بسبب ارتباط ذلك بالأمن القومي للجزيرة، بينما يتطلّع الرئيس ترامب إلى أن تقوم الشركة التايوانية بتصنيع أحدث الرقائق في الأراضي الأميركية. وفي ظل هذا التناقض، من المحتمل أن يصل الجانبان إلى صفقة ترضيهما نظراً إلى أهمية كل منهما بالنسبة إلى الآخر.

 

على مدى العقود الماضية، حافظت الولايات المتحدة الأميركية تجاه تايوان على سياسة “الغموض الاستراتيجي”، أي عدم إظهار كيفية ردها في حال نشوب هجوم صيني على تايوان. ومع ذلك، صرّح الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، في مناسبات متعددة خلال فترة ولايته، بأنه سيلتزم إرسال قوات أميركية في حال نشوب صراع في مضيق تايوان، إلا أن مسؤولي الإدارة الأميركية كانوا دائماً يتراجعون عن تصريحات الرئيس بايدن، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة لم تغير سياستها المتبعة تجاه تايوان.

 

أمّا الرئيس ترامب فيرفض دائماً التعليق عما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان في حال الهجوم عليها. وقبل تنصيبه، قال، في مقابلة على قناة NBC، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، إنه لن يقول أبداً ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة الدفاع عن تايوان ضد الصين.

 

وبعد إعلان الصفقة بين ترامب وشركة TSMC التايوانية، رأى الرئيس الأميركي أن غزو الصين لتايوان سيكون كارثياً، لكنه لم يُشِر إلى ما إذا كانت واشنطن ملتزمة الدفاع عن تايبيه.

 

تايوان في الوقت الحالي مهمة جداً بالنسبة إلى واشنطن، ومن المستبعد أن تتنازل عنها لبكين نتيجة أسباب متعددة، منها الأهمية الاستراتيجية لتايوان بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ، وخصوصاً أن واشنطن ستركز حضورها في المنطقة من أجل تطويق الصين. لقد صرّح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لشبكة “فوكس نيوز” الأميركية، بأن أفضل طريقة لمنع الصراع في مضيق تايوان هو أن تكون لدى الولايات المتحدة الأميركية قدرة عسكرية قوية، مضيفاً أن الولايات المتحدة في حاجة إلى أن تكون حاضرة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ للتعامل مع الصين. أما بشأن موقف الولايات المتحدة تجاه تايوان فقال إن موقف الولايات المتحدة راسخ بشأن تايوان، وهو رفض أي تغيير قسري في وضع الجزيرة.

 

الولايات المتحدة الأميركية أيضاً في حاجة إلى الرقائق الإلكترونية التي تنتجها شركة TSMC التايوانية، والتخلي عن الجزيرة سيؤثر في صناعة أشباه الموصلات الأميركية، وخصوصاً في ظل حرب التكنولوجيا بين الصين وأميركا، ويؤثر أيضاً في شعار الرئيس ترامب” أميركا أولاً” وجهوده لزيادة التصنيع المحلي.

 

وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تستفز الصين بدعمها العسكري لتايوان، إلا أن واشنطن كانت تتجنب دائماً أن يصل الأمر إلى مرحلة الهجوم العسكري على تايوان، بسبب وجود شركة TSMC، وبالتالي فإن الهجوم العسكري الصيني قد يؤدي إلى سيطرة الصين على الرقائق الإلكترونية التايوانية. لذلك، تحاول واشنطن أن تصبح رائدة في صناعة الرقائق الإلكترونية وتقليل اعتمادها على تايوان تجنباً لأي خسائر قد تلحق بها في حال هجمت الصين عسكرياً على الجزيرة مستقبلاً.

 

من ناحية أخرى، تبقى تايوان ورقة ضغط تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية ضد الصين لإجبارها على الرضوخ للمطالب الأميركية. وبالتالي، فإن التخلي عن تايوان قد يشكل مكسباً لبكين في هذا الإطار.

 

وفي المقلب الآخر، تحتاج تايوان إلى الدعم الأميركي، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، في ظل الضغوط التي تمارسها الصين على الجزيرة وعدد من الدول لقطع علاقاتها الدبلوماسية بتايوان.

 

الصين ليست مستعجلة لإعادة التوحيد مع تايوان، نظراً إلى عدم توافر الظروف الملائمة لضم الجزيرة سلمياً، كما أن بكين لا تريد استخدام القوة العسكرية لضم تايوان نظراً إلى ما قد يسببه ذلك من أضرار شديدة تلحق باقتصادها، الذي يعاني تباطؤاً في النمو. أما الولايات المتحدة الأميركية فستبقى تحتضن تايوان، ولن تتخلى عنها ما دامت مصلحتها تقتضي ذلك

(أخبار سوريا الوطن ١-الميادين)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قمة القاهرة.. بين الهمم والذمم

  حسني محلي . أثبتت مجريات قمة القاهرة أنها في وادٍ والحكام العرب في وادٍ آخر. في ختام القمة العربية الطارئة التي دعا إليها الرئيس ...