ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، اليوم الثلاثاء، أنّ الجيش السوري وقوات سوريا الديموقراطية (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة، توصّلا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حيَّين بمدينة حلب، وذلك بعد تصاعد التوتر بين الجانبَين.
وشهدت مناطق سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة في محيط حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية تصعيداً واسعاً بعد انسحاب حواجز “الأمن العام”، إثر توتر وتصاعد الخلافات بين عناصرها من جهة، وبين فصائل موالية لأنقرة صاحبة النفوذ الأكبر في المنطقة وعفرين من جهة أخرى.
ووفقاً لمصادر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإنّ “الأمن العام حاول بدايةً احتواء الموقف، إلّا أنّ الأمور خرجت عن السيطرة بعد قيام عناصر الفصائل الموالية لتركيا برفع السلاح، ممّا دفع قيادة الأمن العام إلى سحب عناصرها من الحواجز والنقاط الأمنية، الأمر الذي فتح الباب أمام الفصائل لبدء جولة جديدة من التصعيد الأمني والعسكري”.
وكان قد شهد حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، تصعيداً عسكريّاً حيث نفذت قوات تتبع لوزارة الدفاع السورية قصفا بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة استهدف مناطق متفرقة من الحيَّين، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات المهاجِمة ومجموعات محلية.
كما وثّق “المرصد السوري” استخدام طائرات مسيّرة انتحارية (درون)، يُعتقد أنها استُخدمت لاستهداف مواقع في عمق الشيخ مقصود، ممّا تسبّب في أضرار مادية كبيرة.
وبحسب نشطاء “المرصد السوري”، فإن شبكات الإنترنت والاتصالات قُطعت بالكامل في حي الشيخ مقصود، تزامناً مع استمرار القصف والاشتباكات، مما زاد من عزلة المنطقة وصعّب عمليات التواصل.
يأتي هذا التصعيد بعد يوم من احتجاجات شعبية واسعة شهدها الحي، على خلفية إغلاق المعابر من قبل القوات الحكومية، وهو ما أدى إلى توترات متصاعدة بين الجانبين
وقالت وزارة الدفاع السورية، أمس الاثنين، إنّ الجيش أعاد الانتشار على طول عدة جبهات لقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد، مؤكدة أن هذه الخطوة ليست تمهيداً لعمل عسكري، وإنّما تهدف إلى منع الهجمات المتكررة ومحاولات الجماعة التي يقودها الأكراد للسيطرة على أراض.
وذكرت وكالة “سانا” نقلاً عن الوزارة أنّ “تحركات الجيش العربي السوري تأتي ضمن خطة إعادة انتشاره على بعض المحاور شمال وشمال شرق سوريا، وذلك بعد الاعتداءات المتكررة لقوات قسد واستهدافها للأهالي وقوى الجيش والأمن، وقيامها بمحاولة السيطرة على نقاط وقرى جديدة”.
وأضافت نقلاً عن إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع: “نلتزم باتفاق العاشر من آذار، ولا توجد نوايا لعمليات عسكرية”.
وألقت الاشتباكات بين الجانبين بظلالها على اتفاق تم توقيعه في آذار/ مارس بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والحكومة السورية الجديدة التي يقودها الإسلاميون لدمج تلك القوات في مؤسسات الدولة.
وكان الاتفاق يهدف إلى لملمة شتات بلد مزقته الحرب التي استمرت 14 عاماً وتمهيد الطريق أمام القوات التي يقودها الأكراد وتسيطر على ربع مساحة سوريا للاندماج مع دمشق، إلى جانب اندماج هيئات الحكم الكردية الإقليمية.
إلى ذلك، قال شهود إنّ الجيش أغلق في وقت سابق حيَّين في مدينة حلب تسيطر عليهما قوات سوريا الديموقراطية، مما أثار احتجاجات متفرقة من جانب السكان.
وذكر الشهود أنّ اشتباكات متفرقة استمرت على مشارف الحيين اللذين يديرهما الأكراد، حيث أفاد السكان بأنّ قذائف صاروخية أطلقت من داخل الحيين وأصابت مناطق سكنية قريبة.
وقال مصدر أمني إنّ أحد ضباط الأمن قُتل في هجوم على نقطة تفتيش، فيما ذكر مقاتلون أكراد مرتبطون بقوات سوريا الديموقراطية أنهم صدوا هجوماً للقوات الحكومية. وقال اثنان من السكان لـ”رويترز” إنّ عشرات العائلات في الحيَّين تفرّ بحثاً عن الأمان.
“قسد” دعت إلى رفع “الحصار”
اتهم المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي فصائل تابعة لحكومة دمشق بمحاولة دخول حيين يسيطر عليهما الأكراد في حلب بالدبابات.
وكتب على صفحته على “فايسبوك”: “ما يجري في حلب نتيجة مباشرة لاستفزازات فصائل الحكومة المؤقتة ومحاولاتها التوغل بالدبابات”.
كما نفى الاتهامات الموجهة لعناصر قوات سوريا الديموقراطية باستهداف نقاط تفتيش، قائلاً إنّ الجماعة لا تملك قوات في حيَّي الأشرفية والشيخ مقصود.
وقال: “تتناقل بعض الوسائل الإعلامية مزاعم باطلة تفيد بأنّ قوات سوريا الديمقراطية استهدفت حواجز تابعة لمسلحي حكومة دمشق في محيط حيَّي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب… نؤكد بشكل قاطع أن هذه الادعاءات غير صحيحة إطلاقاً، فقواتنا لا وجود لها في المنطقة”.
كما دعا فرهاد إلى رفع ما وصفه بأنّه “حصار”، محذّراً من أن ما تقوم به الحكومة يُمثّل تصعيداً خطيراً يفاقم معاناة السكان المحليين.
وكثّفت قوات سوريا الديموقراطية المداهمات في بلدات عدة تسيطر عليها وتقطنها أغلبية عربية، قائلة إنّ العمليات تستهدف خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية.
وأثارت هذه المداهمات، إلى جانب حملة متسارعة للتجنيد العسكري للشبان، احتجاج بعض القبائل العربية التي تتهم قوات سوريا الديموقراطية بالتمييز، وهو ما تنفيه الجماعة.
وقال مسؤولون إن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية الأميرال براد كوبر التقيا، في وقت سابق، بقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ومسؤولين كبار في شمال شرق سوريا. وركّزت المحادثات على تسريع تنفيذ اتفاق آذار/ مارس مع دمشق.
وتصاعدت الاشتباكات المتقطعة خلال الأيام القليلة الماضية، وتبادلت دمشق وقوات سوريا الديموقراطية الاتهام بممارسة استفزازات.
وفي آذار/ مارس الماضي، توصل الطرفان إلى اتفاق برعاية الولايات المتحدة لدمج القوات التي يقودها الأكراد في المؤسسات السورية بحلول نهاية العام، بما يشمل نقل السيطرة على معابر حدودية ومطار وحقول للنفط والغاز إلى دمشق. لكن التنفيذ بطيء وسط اتهامات متبادلة.
وتضغط واشنطن أيضاً على الأكراد لتسريع المفاوضات من أجل الاندماج مع دمشق بشروط مقبولة من الطرفين. وتتهم تركيا أيضاً قوات سوريا الديموقراطية بالمماطلة، وأنذرت بأنها قد تقدم على عمل عسكري إذا لم تندمج في أجهزة الدولة السورية.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار