طرطوس:هيثم يحيى محمد
اقتحمت الزميلة رشا النقري عالم الأدب في الفترة الاخيرة بعد سنوات من العمل في الاعلام المرئي حيث لم تستطع مقاومة ماتفجر بداخلها من صور وعبارات وكلمات تعكس الواقع المر الذي عاشته وتعيشه هي والكثير من أقاربها وأصدقائها وزملائها بسبب الحرب وتداعياتها وايضاً بسبب كورونا وآثارها ونتائجها ..ومنذ فترة قصيرة احتفلت مع زملائها وأصدقائها في قاعة مجلس محافظة طرطوس بتوقيع مولودها الاول الذي عنونته ب(البكاء دفعة واحدة)وبهذه المناسبة كان لنا اللقاء التالي معها:
*فجأة وبدون سابق إنذار بات اسمك متداولاً بين اسماء كتاب خاضوا تجربة الاصدار الأول لما ماكتبوه في وقت قياسي يطرح عدة تساؤلات عن الإرهاصات والدوافع وغير ذلك ..بماذا تردين على أصحاب هذه التساؤلات البريئة او غير البريئة؟
**عملي الإعلامي في وسيلة إعلام مرئية كالتلفزيون أشعر أنه أثر سلبا على نشاطي الثقافي الجديد وهو الكتابة في مواقع إلكترونية أولها الياقوت السوري وفي منتديات أدبية وصالونات ثقافية في سوريا وخارجها.. الكثير من التهكمات وصلت حد الإستهزاء ومحاولة التخفيف مما أحاول إيصاله بالكلمة ففي الكتابة حرية تعبير تحمل مسؤولية الشخص بعيدا عن سياسة وسائل الإعلام التي نتبع لها، لكن أقول للمشجعين شكرا وللمتهكمين من فراغ ونقص يعانونه أني نشطت ونشرت بفترة قصيرة لكن حرفي عمره ٨ سنوات مختبىء في خزانتي بصناديق أحضرتها من بيت الأهل إلى بيتي عند زواجي فهو مشروع مؤجل فأنا من كتب بداوفع ومشاعر حيث إتسعت لي الأوراق البيصاء عندما ضاقت عليّ الأماكن وذهب مني الزمن من الحرب وتبعاتها من فقدٍ وطموح تأجل فلم أكتب برفاهية الشاعر الذي يغازل حبيبته تحت شجرة بليلة صيفية لكن كتبت في أيام حرب باحثة عن جواب لما نحن فيه وطريق نجاة يجدها الحرف ويجددها دائما بالأمل لكن فكرة النشر جاءت من واجب التوثيق فالمرحلة حملت إحساس أننا خارج الحياة من تداعيات فايروس كورونا وإحساسي أني خارج إطار الحياة بأي لحظة.. كتبت ونشرت من باب التوثيق فلقد سمعنا كثيرا عن أوبئة وكوارث مضت ومن هنا أردت للجيل القادم الذي سيسمع عما جرى عام ٢٠٢٠ و٢٠٢١ أن يقرأ ويدرك التفاصيل التي مررنا بها ليقوى على ما يمر وما سيمر به
*بعد اصدار مولودك الاول(البكاء دفعة واحدة) واقامة حفل توقيعه هل شعرت بانك استعجلت هذه الخطوة ام لا ولماذا؟ **لم أستعجل بخطوة الإصدار الأول (البكاء دفعة واحدة) بل كان من منطلق واجبي تجاه الوطن كفرد أمله بعمله كما نادى السيد الرئيس بشار الأسد بحملته الإنتخابية فالواقع السوري صعب أثقلته الحرب والفقد من كورونا ولن يأتي كاتب من الخارج يوصّف حالتنا أكثر من أبناء البلد الذين عاشوا هذه الحالة لذلك كان الإصدار سيرة حياتي بهذا الواقع الصعب الذي ربما يتشابه مع واقع الكثيرين ويكون توثيقاً للأجيال القادمة ..سمعنا بالماضي عن كوراث ونحن مررنا بكارثة من حرب وكورونا وثقتها أنا ورأيت من الواجب نشرها ورآها من قرأها بأنها أشبه بدفتر ذكرياتهم ..هم من بكوا مثلي دفعة واحدة سراً أو في العلن
*هل يمكننا القول انك عبرت بصدق وواقعية عما يفكّر به الجيل الشاب في بلدنا من خلال الخواطر والمقالات التي يضمها الكتاب سيما وأنك تحدثت بألم عن معاناة الناس لاسيما الشباب منهم نتيجة الحرب وكورونا وغيرهما؟ **نعم عبرت بصدق ولا شيء غير الصدق فالصورة بالنسبة لي تكذب لانها تحتاج لإبتساماتنا لتكون أجمل غير الحرف الذي يحتاج الصدق ليطبع في الأوراق والأذهان ،وصدق الكتاب من عنوانه فأنا عبرت عن مشاعر الكثيرين ممن بكوا دفعة واحدة من حرب ومن كورونا ومن تفاصيل خاصة لحياة كل شخص لا يدركها غيره هناك من توفى له قريب فأرسل لي فعلا البكاء دفعة واحدة وهناك من طلقها زوجها فأرسلت لي البكاء دفعة واحدة وهناك من لم يستطع تأمين طعام بيته فأرسل لي البكاء دفعة واحدة ومن هنا شعرت بصدق حرفي من حروف لامست ومست حياة الكثيرين على إختلاف معاناتهم
*كنت قلقة وخائفة بعض الشيئ قبل حفل توقيع الكتاب وخلاله ..لماذا؟وحبذا لو تصفين للقراء المشاعر التي عشتيها من يوم صدور الكتاب وحتى انتهاء حفل توقيعه؟
**نعم كنت قلقة قبل التوقيع فليس من السهل مشاركة الناس المشاعر والأحاسيس واليوميات والمعاناة وكتاباتي تكاد لا تتعدى الهموم والمعاناة وأنا التي أضحك كثيرا وأبدو قمة السعادة من خلال تعاملي مع الناس لكن الحرف أصدق من الصورة يحتاج لصدق أما في الصورة فيطلبون منا أن نضحك قبل إلتقاطها وهنا الخوف فالكاتب يصبح كتاب مفتوح بضعفه وقوته لكن الخوف بُدّد من خلال انسجام الناس مع فكرة الكتاب إنطلاقا من واقع يشبهنا جميعا كما كتبت في إحدى مقالات الكتاب نحن غرباء لكننا أقرباء من وطن واحد وسعيدة جدا بالأصداء التي كانت فوق المتوقع وفرحت كثيرا وإن كان الفرح من بكاء وكثيرة هي المشاعر التي راودتني خلال حفل التوقيع وفاء أصدقائي وزملائي لي من خلال حضورهم وإنسجامهم مع فكرة النشر والمحبة التي وجدتها يوم ٢٤ ٦ ٢٠٢١ سترافقني بكل حياتي وتعلمت رسالة أن أبقى أحب من حولي ولن أسمح لشخص موقفه تبدل أن يبدل ما اعتدت أن أقابل به الناس لأن المحبة عادت في يوم التوقيع دفعة واحدة وأن المشاعر والأعمال عندما تكون صادقة تعود وقد عادت نجاحاً ومحبة
*ماذا قدم لك عملك اﻻعلامي من قيم مضافة لصالح موهبتك الأدبية ؟وأيهما تفضلينه على الآخر؟ **عملي الإعلامي قدم لي صور حياتية فنحن على إحتكاك مباشر مع هموم الناس وأنا من يحفزني على الكتابة مشهد أو حرف كذلك ساعدني عملي الإعلامي -ومن خلال حضور المواهب أمامي ومعرفة تاريخها وبداياتها وكلامها في نهاية كل لقاء -بأنه لايوجد شيء مستحيل وخاصة الكتاب والأدباء خاصة وأن الكثير منهم كتبوا في عمر كبير وأنهم لا يقرأون كثيرا وجدت نفسي أتشابه معهم ومن هنا تشجعت لفكرة النشر والتعبير عن موهبتي التي إكتشفتها في عمر ٢٨ سنة عام 2013 .. الكتابة والعمل الإعلامي في صف واحد لدي والإعلامي الجيد معد ممتاز والإعداد هو البحث عن الحرف الجميل (أي حرامي شاطر) لكن موهبتي بالكتابة جعلتني أملك المفتاح ولا أحتاج لسرقته ولكن جمالية الكتابة أننا نعبر بحرية بعيدا عن سياسة وسيلة الإعلام التي نتبع لها فيكفي أن نعبر بسطر واحد يخفي وراءه الكثير من الجمل والمعاني كأن أقول العمل يهوى المتمكنين لا يهوى المندفعين
*الكتابة فعل مستمر ماهي رؤيتك وما خطواتك القادمة في مجال الكتابة والنشر والإصدارات؟ **نعم تبدو الكتابة لدي فعل مستمر يحفزها الواقع بكل تفاصيله ولا أجيد إلا كتابة الواقع على ما يبدو وإن تخيلت يكون الخيال إسقاط فقط لخدمة المشهد الذي أريد إيصاله سأبقى أكتب حتى الفرح لأني مع الفرح أنطلق بعيدا عن الحرف فوراء كل دمعة حرف ومع كل بسمة نزهة.. عملي القادم بعنوان رصاص وقيصر عن حرب ميدان وحرب إقتصادية نعانيها وإن كتب لنا أن نعيش واقع خالٍ من حروب سأكتب روايات ومسلسلات رسالتي فيها المشهد كما هو فعند توصيف الواقع نصل لنصف الحل
*ماذا تطلبين من حكومتنا فعله لصالح الجيل الشاب وبماذا تنصحين شبابنا الذين يفكرون بالسفر الى الخارج وعدم البقاء في الوطن؟
**أطلب من الحكومة بكافة قطاعاتها الإهتمام بجيل الشباب وتحفيزه وتشجيعه والأخذ بيده مهنيا وتنمويا والإهتمام بالمواهب حتى نحقق لها طموحاتها وطموحات الوطن بها.. ومن يغادر الوطن أقول لهم لا حلم خارج حدود الوطن لكن لا يمكننا أن ننكر الواقع الصعب في الوطن الغالي سوريا وأن البحث عن لقمة العيش هو الهدف داخل الوطن وخارجه ومن هنا أعذرهم
*كلمة اخيرة تودين قولها في ختام هذا اللقاء؟
**كل إنسان ينطلق من نفسه يبحث في مكنوناته يأخذ بعين الإعتبار الإشارات الكونية يهتم بما لديه ويدعم موهبته وعمله فالأمل بالعمل وبالإنجاز وشكرا لك الإعلامي المميز ولجريدة الوطن ومعا نحو غد أفضل
(سيرياهوم نيوز29-8-2021)