| مهند الحسني
نستعجب كثيراً عندما نسمع القائمين على سلتنا الأنثوية من خبراء ومحللين ومنظرين وفقهاء، وهم يشخصون أمراض كرة السلة الأنثوية ويحللون أخطاءها، ويصفون العلاجات اللازمة لها، والحلول السحرية الكفيلة بالوصول بها إلى أعتاب البطولات القارية، ويتناسون أن سلتنا الأنثوية في عهدهم تعجز عن اعتلاء منصات التتويج على الصعيد العربي على أقل تقدير، وهذه ليست المرة الأولى بل على مدار سنوات طويلة فقدت اللعبة بريقها.
غياب قسري
لم تكد سلتنا الأنثوية تنتهي من مشكلة حتى تجد نفسها أمام مشكلة أكثر تعقيداً، فبعد الشح بالإمكانات المادية في السنوات الماضية التي ساهمت في غياب سلتنا الأنثوية عن كثير من البطولات اتسعت فسحة تفاؤلنا بوجود الاتحاد الحالي الذي رفع شعار الاهتمام باللعبة الناعمة وفتح باب المشاركات أمامها غير أنه بسبب إخفاقه الإداري والتنظيمي تعرض لغرامة مالية باهظة لمنتخب الناشئات وهذا ما سيحرم السلة الأنثوية بشكل عام من أي مشاركات عربية أو قارية، وخاصة أن ضيق ذات اليد بات يفرض نفسه بقوة على رياضتنا بشكل عام، وإذا كانت محاولات الاتحاد في التحضيرات المجتزأة في الفترة الأخيرة غير أنها غير كافية ولا يمكن أن تستر عوراتنا وعيوبنا، وستكون لاعباتنا اللواتي ظهرن في الآونة الأخيرة بمستوى يبشر بالخير الضحية لحصاد إخفاق القائمين على اللعبة.
تطبيل وتزمير
وعلى الرغم من التطبيل والتزمير الذي يمارسه اتحاد كرة السلة للتباهي بإنجازاته التي يعتبرها خارقة وفريدة واستثنائية على صعيد ترتيب أوراق بيته الداخلي، فإنه من المؤكد أنه لم يطلع أو يجر نظرة شاملة على مستويات فرق السيدات منذ توليه مهامه ليشاهد الانحدار التاريخي للسلة الأنثوية بعد أن ظهرت المباريات الطابقية في دورينا وباتت علامة مميزة، وإن كانت بعض أندية العاصمة أمثال ناديي الثورة والوحدة يعتبران كقطرة المعقم الوحيدة للعبة، إلا أنها باتت أشبه بحالة استثنائية في الظرف العام التي تمر فيه السلة الأنثوية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازدادت المشكلة تعقيداً بعدما أهملت اللعبة في بعض الأندية وألغيت في أندية أخرى دون أن يحرك أحداً ساكناً أو يهب لنجدتها، ما جعل اللعبة تغرد خارج التغطية في بعض الأندية من دون رجعة وأكبر دليل على صحة ما ذكرناه تلاشي اللعبة في ناديي المحافظة وقاسيون.
تراجع مخيف
يبدو أننا على موعد مع دوري سيكون الأضعف منذ سنوات ليس لأنه لا يضم أندية قوية وإنما لأن نكهة المنافسة محصورة بين ناديين ( الوحدة، والثورة) اللذين يضمان أفضل اللاعبات على مستوى القطر ولديهما قاعدة جيدة ووجود ناديين في دائرة المنافسة لا يمكن أن يساهم في رفع مستوى الدوري ولا يمكن أن يفيد المنتخب الوطني، لكن اللعبة تدهورت في أندية كثيرة بالشهباء، فسلة الجلاء أصبحت هذه الأيام في أضعف حالاتها، وسلة الأهلي ستلعب هذا الموسم بتشكيلة من اللاعبات الصغيرات بعد أن عزف عنها أفضل لاعباتها، وكذلك الحال في أندية اليرموك والعروبة والحرية التي شهدت تراجعاً مخيفاً وهجرة كبيرة بلاعباتها، فما إن تصعد لدوري الأضواء حتى تعود أدراجها إلى الدرجة الثانية، وفي مدينة حمص السلة الأنثوية غائبة ومعدومة ولم تسع أنديتها لانطلاقة اللعبة الناعمة، وكذلك الحال في مدينة حماة، وفي مدنية اللاذقية اللعبة تلاشت في نادي تشرين وهي تلفظ أنفاسها في نادي حطين والسبب ضعف الإمكانات المادية وعدم وجود اهتمام باللعبة.
تعاني السلة الأنثوية الكثير في دوري الدرجة الثانية وباتت تعتمد في جل عملها على الاجتهادات الخاصة من قبل محبي اللعبة دون أن نلمس أي أمل في تطور هذه الأندية منذ سنوات طويلة.
فإذا كانت أندية الدرجة الأولى عاجزة عن دعم فرقها، فكيف هو الحال في أندية تعيش على التبرعات والهبات وتفتقد كل مقومات الاستثمار والاحتراف الأمر الذي ساهم في تراجعها وغيابها في بعض الأندية.
خلاصة
مازال اتحاد كرة السلة يعتبر نفسه متمماً لجميع واجباته والتزاماته دون أن يقف مع نفسه وقفة صادقة ويعترف بأدائه ويقيم الواقع الحقيقي للعبة الناعمة ويحاول أن يضع تصورات جديدة لتطوير مفاصلها، كيف لا وجل أعضائه همهم المراقبات التي باتت محرزة وأذونات السفر وترؤس بعثات المنتخبات الوطنية وعلى ضوء هذا الحال لن ترى سلتنا الأنثوية أي بصيص أمل في المدى المنظور.
فهل ستشهد السلة الأنثوية تحركاً كبيراً واهتماماً من قبل الاتحاد أم ستبقى الشعارات الرنانة والوعود الواهية عناوين مهمة للمرحلة القادمة في مفاصل اللعبة.
سيرياهوم نيوز١_الوطن