يقبع محصول الحمضيات تحت ضغوط التسويق داخلياً وخارجياً وتأتي الخطة التسويقية للموسم الزراعي 2024-2025، التي وافق عليها مجلس الوزراء مؤخراً منفذاً لتصريف الإنتاج شرط أن يكون التطبيق العملي متوافقاً مع البنود الموضوعة فيها، ما يعد تحفيزاً للمزارعين الذين بات محصول الحمضيات خياراً ثانوياً لا رئيسي لهم، حيث تشهد المناطق الساحلية معقل زراعة الحمضيات تحولاً زراعياً نحو بدائل أخرى كالموز مثلاً، ما يتطلب إدارة حقيقية ومدروسة لعملية التحول.
المحافظة على بعض الأصناف
الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش أشار إلى أن الأفق الحالي ومن وجهة نظر عدد لابأس به من المزارعين هو المحافظة على زراعة بعض الأصناف من الحمضيات التي تحقق قيمة تسويقية أعلى والاستغناء عن بعضها الآخر، ذلك وعلى الرغم من حاجة السوق المحلية لها، والتوجه لاستبدالها بزراعة محاصيل أخرى، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية القيام بإجراء ضبط لعملية التحول الزراعي لا سيما في هذه المنطقة.
ويمكن القول إن المطلب لايزال ملحاً حالياً وأكثر من قبل لضرورة تحفيز الاستثمار في هذا المحصول عبر تشجيع عمليات التصنيع الغذائي ومنها تأسيس معامل للعصائر الطبيعية وغيرها من الصناعات الغذائية، كأحد الحلول المرحلية التي يمكن أن تساهم في تحسين تسويق المنتج وتأمين ريعية مستقرة للمزارعين على حد سواء، والتخلص من اضطراب الأسعار لاسيما خلال فترة ذروة الإنتاج، ويمكن أن يعزز هذا بدوره من ثقة المزارع بالاستمرار في إنتاج هذا المحصول، إذ إن تدخل الجهات المعنية من خلال مؤسسات التدخل الإيجابي ومنها السورية للتجارة عبر شراء كميات من الإنتاج خلال فترة الذروة، وعلى الرغم من أهمية هذا الإجراء، إلا أنه غير كافٍ في الحفاظ على ريعية مستقرة للمزارعين يمكن أن تغطي تكاليف العملية الإنتاجية وتحقق مستوى دخل اجتماعي مناسب لهم.
وتضمنت الخطة الزراعية تكليف المؤسسة السورية للتجارة بشراء 20 ألف طن من الإنتاج خاصة خلال فترة ذروة الإنتاج، والإعلان عن أسعار الشراء حسب النوع والصنف والمواصفات، ومنح المؤسسة السورية للتجارة سلفة 7 مليارات كحد أدنى لتعزيز قدرتها على تسويق الإنتاج.
المزيد من الجهود
ورغم الجهود التي بذلتها وزارة الزراعة وغيرها من الجهات المعنية ذات الصلة للمحافظة على سير العملية الإنتاجية من الحمضيات في الساحل وفقاً لدرويش وذلك عبر تأمين الدعم اللازم لو حتى في الحد الأدنى، واعتماد خطط زراعية سنوية يمكن أن تكون سنداً للمزارع والمسوق وحتى المصنع على حد سواء، لكن يبقى الواقع أصعب مع الانحسار التدريجي لهذه الزراعة.
ووجد درويش أن السعي للتوسع في برنامج الاعتمادية لمحصول الحمضيات يساهم في رفع وتحسين نوعية المنتج وتعزيز فرص تسويقه وتصديره خارجاً خاصة أن هذا المحصول من المحاصيل الرائدة التي يمتاز بها الساحل السوري على وجه الخصوص والذي لايزال يعتبر دعامة للدخل لكثير من العوائل التي اعتمدت عليه سابقاً في تحسين مستوى حياتها الاجتماعية وتأمين متطلباتها اليومية.
وأكدت الخطة الزراعية استمرار وزارة الزراعة بالعمل في برنامج الاعتمادية، وتقديم الغراس مجاناً للمزارعين لاستبدال أشجار الحمضيات الهرمة، واستكمال إجراءات المسح الشامل لكل حقول الحمضيات في محافظتي اللاذقية وطرطوس بالتعاون مع المكتب المركزي للإحصاء وهيئة الاستشعار عن بعد.
رافد اقتصادي
وتعد الحمضيات وبالإضافة لمحصول الزيتون (كأشجار مثمرة دائمة الخضرة)، الرافد الاقتصادي الرئيسي للسكان في محافظتي اللاذقية وطرطوس، ولم يبخل المزارعون في تطبيق أحدث التقانات من استخدام للأصناف والأساليب الزراعية التي تضمن زيادة كميات الإنتاج ورفع جودة المنتج. إلا أن المعوقات التي رافقت سير العملية الإنتاجية خلال السنوات الأخيرة، لاسيما فترة الأزمة التي لايزال يمر بها البلد، من حيث تأمين متطلبات الإنتاج (أسمدة، ري، مواد مكافحة، محروقات…) ومستلزمات عمليات التسويق لفائض الإنتاج وأهمية تأمين أسواق محلية وخارجية، ترك أثراً سلبياً خلال السنوات الماضية على العملية التسويقية، ودفع كثيراً من المزارعين للبحث عن بدائل زراعية أخرى ذات تكلفة إنتاجية أقل وتحقق ريعية تسويقية أعلى، وهذا يمكن أن نلحظه حالياً حول انتشار الزراعات الاستوائية والتي يأتي على رأسها الموز كما يؤكد درويش.
688 ألف طن
وتبلغ تقديرات الموسم الحالي حوالي 688 ألف طن من كافة الأصناف، وكان رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد غازي الجلالي وافق على خطة تسويق محصول الحمضيات للموسم الزراعي 2024-2025، وكلف وزارة الزراعة للتنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ مضمونها وتذليل كل الصعوبات التي تعترض ذلك.
وتضمنت الخطة تمديد تخفيض السعر الاسترشادي للبراد أو حاوية الحمضيات إلى 2000 دولار بدلاً من 8000 دولار، وتمديد العمل بقرار تخفيض البدلات المرفئية المترتبة على المنتجات الزراعية المصدرة ذات المنشأ السوري بنسبة 75%، وتأمين المحروقات لمراكز الفرز والتوضيب وخاصة خلال فترة ذروة الإنتاج، وقيام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بإقرار دعم تصديري بنسبة 25% من كلف الشحن البري والبحري خلال الفترة من 1 / 11 / 2024 وحتى 28 / 2 / 2025 (فترة ذروة الإنتاج)، وبنسبة 10 % خلال الفترة من 1 / 3 / 2024 وحتى 30 / 5 / 2025، والسماح لمصدري العبوات البلاستيكية من العراق والمحافظات الأخرى والسماح للبرادات المحملة بالحمضيات العائدة من العراق بتعبئة خزانتها من مادة المازوت.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين