تتساقط أقنعة الدفاع عن الحريات وحق التعبير عن الرأي التي يتلطى الغرب وراءها أمام انتهاء المصالح فالديمقراطية التي يتبجح بامتلاكها عرجاء وليس ما تشهده فرنسا حالياً من قمع للصحفيين والمتظاهرين المنددين بقانون أمني يهدف إلى كم الأفواه وتقييد الحقوق الأساسية للفرنسيين إلا مثالاً آخر على سياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها باريس ومعها عواصم غربية تتشدق بشعارات حماية حقوق الإنسان وحرية الصحافة لخدمة أجنداتها السياسية في دول أخرى مثل سورية.
الطريقة التي تتعاطى فيها فرنسا مع المظاهرات الرافضة لقانون “الأمن الشامل” الذي يفرض قيوداً على الحريات ويمنع عرض الانتهاكات التي ترتكبها الشرطة الفرنسية تكشف نفاق باريس على وجه الخصوص والغرب بشكل عام في الحديث عن الحريات والشعارات الجوفاء التي تتغنى بها عند استهداف الدول التي ترفض الخضوع لإملاءاتها.
فالاعتداءات التي تمارسها الشرطة الفرنسية ضد المحتجين وضد الإعلام تدحض شعاراتها التي تتحدث فيها عن دعم الحريات.. واعتداء قوات الشرطة على مصور من تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي أثناء تغطيته للمظاهرات في باريس جاء بعد انتهاء المهمة الموكلة إليه في تلفيق الأخبار والصور وفبركتها لمصلحة السلطات الفرنسية عما يحدث في سورية فتحول إلى عدو لتلك السلطات.
تطبيق حرية التعبير وحقوق الإنسان لطالما كان أمراً ثانوياً لدى الغرب فالمهم كان وسيبقى استهداف دول بعينها لمصالح سياسية واقتصادية وغيرها فالدفاع عن الحريات والسعي لمعرفة الحقائق ذريعة مفضوحة يستخدمها الغرب لتحقيق أهدافه فكثيرة هي الجوائز التي منحتها منظمات غربية وفرنسية لإرهابيين فبركوا الصور والأكاذيب بشأن ما يجري في سورية وأعدوا تمثيليات لحرف الوقائع في إطار هيستيريا التضليل الإعلامي الغربي حول سورية ومحاولات شرعنة التنظيمات الإرهابية والتغطية على جرائمها.
محاولات فرنسا إخماد المظاهرات التي تعم شوارعها احتجاجاً على تقييد الحريات وكم الأفواه بشتى وسائل القمع ومع التجاهل التام للانتقادات الدولية حول ما يحدث من إساءات واعتداءات على المتظاهرين والصحفيين تعري المعايير المزدوجة التي اتبعتها باريس والغرب منذ بدء الحرب الإرهابية في سورية إلى الآن وتعيد إلى الأذهان فضائح الغرب وإعلامه الذي عمد على مدى سنوات طويلة إلى تسخير الإرهابيين لتشويه الحقائق وفبركة الأخبار وقلب الوقائع.
والفضيحة التي أماطت اللثام عنها مجلة “دير شبيغل” الألمانية عام 2018 وبطلها أحد أبرز صحفييها كلاس غيلوتيوس الذي فاز بعدد من أبرز الجوائز الصحفية في البلاد ليتضح لاحقاً أن معظم مقالاته ومواده الإعلامية حول سورية وغيرها من القضايا قصص مختلقة أبدعها خياله الواسع مثال واضح على تبادل الأدوار بين السلطة والإعلام في الغرب لاستهداف سورية.
صورة الطفل عمران التي روجت لها وسائل إعلام الغرب عام 2016 والتي رفعتها مندوبة واشنطن السابقة داخل الأمم المتحدة في مسرحية هزلية هدفها تشويه صورة الدولة والجيش العربي السوري هي الأخرى مثال واضح على نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة.
فوالد الطفل عمران كشف عام 2017 حقيقة متاجرة الغرب بصورة ابنه والتهديدات والعروض المالية التي تلقاها منهم وكشف تفاصيل الأكذوبة التي صنعها تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي وأكد أن مجموعة إرهابية قامت باختطاف ابنه من بين يديه بعد إصابته في حي كرم القاطرجي بحلب وتصويره بغية استغلال هذه الصور والمتاجرة بها عبر وسائل الإعلام المعادية.
رفض صحيفة نيوزويك عام 2019 نشر تحقيق الصحفي العامل فيها طارق حداد حول تفاصيل التلاعب والتزوير الذي تم عبر مسح منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية أجزاء مهمة من تقارير خبرائها الدوليين في سورية جزء من تبادل أدوار السياسة والإعلام في الغرب في استهداف الدول الأخرى ومنها سورية.
فرنسا وغيرها من دول الغرب لم يتركوا مناسبة إلا وطالبوا فيها سورية بعدم التعرض لأدواتهم من التنظيمات الإرهابية ممن يسمونهم “مسلحين معتدلين” بينما تعمد باريس إلى قمع محتجين مدنيين يرفضون قانوناً يكم الأفواه والحريات وتمارس بحقهم أبشع عمليات القمع والضرب.
تشدق الدول الغربية بحقوق الإنسان ما هو إلا أكذوبة كبيرة يتلطى وراءها صناع القرار في هذه الدول لتحقيق مصالحهم لكن القناع الذي يستر عورة هذه الأكذوبة يسقط دائماً عند أقل تهديد يواجهه المتبجحون بالديمقراطية وحاملو راية الحريات الوهمية.
باسمة كنون
سيرياهوم نيوز-سانا