سراب علي:
لم تمر تلك الصورة، التي شاهدها الحسن كدرو ذو الـ١٢ عاماً على جوال والدته لإحدى السيدات المصابات بالسرطان وهي من دون شعر، مروراً عادياً على مخيلته، كما لم يكترث للكلمات المسيئة له التي سمعها من زملائه في المدرسة، عندما قرر إطالة شعره في الصفين الخامس والسادس ليتبرع به للسيدات المصابات بالسرطان في الجمعية السورية الخيرية لأورام الثدي، اللواتي يحتجن( البيروكة)، فغايته كانت إنسانية في كل المقاييس.
ويقول الحسن: الجميع بحاجة لبعضه البعض، ويجب أن نشعر بالآخرين، ولهذا قررت أن أبقى سنتين من دون أن أقص شعري للتبرع به للمصابات بالسرطان في الجمعية، وتابع: بعض زملائي تنمر عليّ، وبعضهم فعلوا مثلي وبدؤوا بإطالة شعرهم، وكنت سعيداً عندما قصصت شعري منذ أيام لتستفيد منه السيدات المحتاجات.
حفّزني والدي
أما الحافز الثاني لما فعله الحسن كان مبادرة والده (أحمد كدرو) بإطالة شعره ليتبرع به لصالح المصابات بالسرطان في الجمعية، وهذا أيضاً شجع ابنته (ورد الشام كدرو ) ١٥ عاماً في الصف العاشر لتبقى مدة عامين من دون أن تقص شعرها، لتتبرع هي الأخرى بشعرها للجمعية، وقالت في حديثها لـ«تشرين»: أنا سعيدة بما قمت به، وعلى كل إنسان أن يقدم ما يستطيع للآخرين، فهناك الكثير ممن يحتاجون منا القليل ليكونوا سعداء، لماذا لا نفرحهم؟
وأضافت: قصصت شعري الطويل ولم يتغير شيء سوى شكلي، وسوف أتبرع مرة ثانية بشعري، وأشجع زملائي في المدرسة على هذا الشيء، وختمت: كل خير تفعله سيعود لك.
وأشارت ورد الشام إلى أن مقطع الفيديو الذي تابعته على فيس بوك، والذي يتحدث عن امرأة مصابة بالسرطان لا تستطيع حضور إحدى الحفلات، لأن المرض أفقدها شعرها، ليأتي أحد الأشخاص و يقدم لها (بيروكة ).. كان سبباً آخر لما قامت به.
حفزتني أكثر
كما لم تتردد ليان حمود ١٣ عاماً في الصف الثامن في إطالة شعرها أكثر والاعتناء به لتتبرع به منذ أيام لمصلحة مصابات السرطان، قائلة: تبرعت بشعري للسيدات المحتاجات في الجمعية السورية الخيرية لأورام الثدي، حتى لا يشعرن أنهن مختلفات عنّا، وأضافت: (إذا فيك تساعد ساعد)، فمساعدة الآخرين شيء يشعرك بالسعادة، ويحفزك أكثر على تقديم المزيد، وما تقدمه للآخرين وإن كان صغيراً، فهو يرسم الفرح والسعادة في نفوسهم، وأشارت ليان إلى أن هذه التجربة كانت جميلة، وحفزتها أكثر لتعيدها، قائلة: أنا مستعدة للتبرع مرة أخرى.
مجتمع يؤمن بالعطاء
بدورها، رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية الخيرية لأورام الثدي في اللاذقية غراء طالب، قالت في حديثها لـ«تشرين»: نعمل في الجمعية لدعم السيدات المصابات بالسرطان، ومن أحد أشكال الدعم هو التبرع بخصلات من الشعر لمن فقدت شعرها، وكان الأطفال الثلاثة (الحسن وليان وورد الشام ) شركاء في عملنا ودعمنا، فما قاموا به من عمل دليل على الوعي والاهتمام والشعور بالآخرين، ورأيت أن هذا العمل بدافع قوي من داخل كل واحد فيهم، كما رأيت السعادة على وجوههم لما يفعلونه، وأشارت طالب إلى تبرع عدد من صالونات الحلاقة في اللاذقية بخصلات شعر طبيعي، و(بيروك) طبيعي أيضاً للمصابات، ومنهن مصابة هي قيد العلاج الكيماوي الآن، كما تبرع أحد الشباب بشعره الطويل لصالح الجمعية، ولفتت غراء إلى الوعي الواضح من قبل فئات المجتمع الشابة للعمل الإنساني وأهميته، فالمتبرعون الشباب كانوا على قدر الاهتمام بهذا الموضوع مثل بقية الفتيات والسيدات اللواتي يتبرعن، وهذا سيشجع الآخرين ليبادروا لمساعدة الغير.
وختمت طالب: أثبت هؤلاء الأطفال وغيرهم ممن تبرعوا أننا مجتمع واعٍ يؤمن بأن العطاء لو كان بسيطاً فهو يرسم بسمة و فرحة في قلوب بحاجة للعطف، لتدرك أن الدنيا مازالت بخير.
سيرياهوم نيوز 6 تشرين