زكية الديراني
بعد تخاذل «رويترز» وخسارة مصداقيتها | «مراسلون بلا حدود» تؤكّد المؤكّد: إسرائيل قتلت عصام
استشهد عصام عبدالله بعد قصف اسرائيلي مباشر
بعد مرور أكثر من أسبوعين على استشهاد مصوّر «رويترز» عصام عبدالله، وإصابة مجموعة من زملائه خلال تواجدهم في منطقة علما الشعب في جنوب لبنان لتغطية الاشتباكات الحاصلة هناك، أصدرت «مراسلون بلا حدود» تقريرها، محمّلة العدو مسؤولية استهداف الإعلاميين بعدما تنصّلت الوكالة من ذلك
الموقف الذي عجزت «رويترز» عن اتخاذه بسبب انحيازها وانبطاحها أمام العدو الإسرائيلي، نطقت به منظمّة «مراسلون بلا حدود» بكل صراحة. «استناداً إلى نتائج أولية للتحقيق، إن مقتل مصوّر وكالة «رويترز» عصام عبدالله في لبنان يوم 13 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، كان نتيجة ضربة مستهدفة من اتجاه الحدود الإسرائيلية».
بهذه الكلمات وضعت «مراسلون بلا حدود» أول من أمس النقاط على الحروف، بعدما أصدرت تقريرها في قضية استهداف الصحافيين، محمّلة العدو الإسرائيلي مسؤولية استشهاد عبدالله وإصابة مجموعة من المراسلين والمصوّرين خلال تواجدهم في منطقة علما الشعب في جنوب لبنان (الأخبار 16/10/2023 ــــ 25/10/2023). وأوضحت المنظمة في تقريرها أنّه «بحسب التحليل الباليستي (مسار المقذوف) الذي أجرته «مراسلون بلا حدود»، جاء إطلاق النار من شرق المكان الذي كان الصحافيون واقفين فيه، من اتجاه الحدود الإسرائيلية. ضربتان في المكان نفسه في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن (أكثر بقليل من 30 ثانية)، من الاتجاه نفسه، تشيران بوضوح إلى استهداف دقيق».
مع صدور تقرير «مراسلون بلا حدود»، توجهت الأنظار نحو «رويترز» التي تنصّلت من تحميل العدو الإسرائيلي مسؤولية استهداف المصوّر الشاب. خسرت وكالة الأنباء الأجنبية التي تدّعي المهنية، مصداقيّتها أمام الرأي العام بسبب انحيازها السافر إلى إسرائيل، ولو على دماء الأبرياء. منذ اللحظات الأولى لاستهداف عبدالله وزملائه، كان موقف «رويترز» مخزياً بحقّ المصوّر الذي عمل لديها لـ 16 عاماً، واستُشهد أثناء قيامه بواجبه المهني ولم يكن في رحلة نقاهة!
مع انتشار خبر استشهاد عبدالله، أصدرت «رويترز» حينها بياناً قالت فيه «إنّ مصوّر التلفزيون لديها قُتل أثناء نقله للأحداث في بث مباشر» على حدّ قولها. وأشارت إلى أن الكاميرا كانت «موجّهة إلى جانب إحدى التلال عندما هزّها انفجار قوي وملأ الدخان الجو وسُمع صوت صرخات».
كلام «رويترز» كان كفيلاً باشتعال حملة عنيفة ضدّها على صفحات السوشال ميديا، فحاولت لفلفة الموضوع عبر بيان ثانٍ أصدرته قائلة «مراسلها عصام عبدالله قُتل في جنوب لبنان بصواريخ استهدفتهم من الجانب الإسرائيلي، مع إصابة ستة صحافيين آخرين».
بقيت «رويترز» مصرّة على كلامها بعدم تحميل العدو مسؤولية مقتل عبدالله وإصابة مراسلة قناة «الجزيرة» ومصورها كارمن جوخدار وإيلي براخيا، إلى جانب إصابة المصورة الفوتوغرافية لدى وكالة «فرانس برس» كريستينا عاصي ومصور الفيديو لدى «فرانس برس» ديلان كولينز.
وعلى رغم أن جميع الدلائل كانت واضحة في تلك الجريمة وتفيد ـــ بحسب روايات الصحافيين المصابين ـــــ أنهم استُهدفوا مباشرة من قبل العدو، إلا أنّ «رويترز» امتنعت عن ذكر الجهة المجرمة بالاسم، مدّعيةً «إجراء تحقيق سريع وشفاف» للكشف عن ملابسات مقتل عبدالله. هكذا، بعد مرور أكثر من أسبوعين على استشهاده، أصدرت منظمة «مراسلون بلا حدود» تقريرها، مفنّدة رواية استهداف العدو للإعلاميين. مع العلم أنّ أيادي العدو ملطخة بدماء عشرات الصحافيين العرب والفلسطينيين.
لا تزال «رويترز» مصرة على «التحقيق» الذي يجريه العدو الإسرائيلي
منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» قُتل عمداً أكثر من 30 صحافياً ومصوّراً ومراسلاً في غزة، إلى جانب استهدافه عائلة مراسل قناة «الجزيرة» في غزة وائل الدحدوح، واستشهاد عدد من أفرادها. يستشرس العدو في استهداف الشهود على مجازره، على رأسهم الإعلاميون والصحافيون الذين يفضحون إجرامه للرأي العام. في نيسان (أبريل) من العام الماضي، استُشهدت مراسلة «الجزيرة» الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بالرصاص الحي الذي أطلقه جنود الاحتلال عليها خلال تغطيتها اقتحام القوات الإسرائيلية لمخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة. وقبل أيام قليلة، أقرّت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في شأن مقتل الصحافية، بأن القوات الإسرائيلية استخدمت «القوة المميتة من دون مبرر» في استهدافها للصحافية، داعية إلى اتخاذ إجراءات سريعة لضمان تحقيق العدالة لها ومحاسبة قتلتها!
من جانبها، ردّت «رويترز» على تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود» قائلة: «نراجع الاستنتاج الأولي الذي توصلت إليه «مراسلون بلا حدود»، ونكرر دعوتنا إلى السلطات الإسرائيلية لإجراء تحقيق سريع وشامل وشفاف في ما حدث»! في إشارة إلى أنها لا تزال تنتظر رأي الإسرائيليين بالجريمة!
تتعامل الوكالة مع صحافييها العرب كأنهم مجرّد أرقام
في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أن موقف «رويترز» المشين من قضية استشهاد عبدالله، كشف حجم الخلل في إدارة الوكالة، واستهتارها بحياة الموظفين العرب لديها. وأشارت المصادر إلى أنّ الوكالة تتعامل مع صحافييها العرب كأنهم مجرّد أرقام، وتتهرّب من مسؤولياتها عند تعرّضهم لأي خطر!
على الضفة نفسها، يقول أحد أفراد عائلة المصوّر عصام عبدالله في اتصال مع «الأخبار»، بأن «إسرائيل قتلت عصام، لكن «رويترز» لم تذكر ذلك. منذ اليوم الأول لاستشهاد عصام، تلقينا اتصالاً من إدارة الوكالة تُفيد بأنهم يقفون إلى جانبنا، ونتلقى الدعم منهم، مهما كانت سياسة الوكالة التحريرية». وأكّد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه «يوافق على التقرير الذي نشرته «مراسلون بلا حدود» بشكل كامل». واختتم بالقول «كل وكالة أنباء لديها سياساتها ومخاطرها في ما يتعلق بكيفية نشر الخبر. أما بالنسبة إلى قضية عصام، فهي معركة وطنية وليست معركة عائلية. إنّ الحقيقة حقّ».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية