رشا رسلان
في منزله الريفي المتواضع بقرية الدالية في ريف اللاذقية تكللت جهود الرجل الأربعيني أكسم سلامة بالنجاح بعد ثلاثة أعوام ونصف العام من العمل الجاد وقوة الإرادة لإنجاز أكبر نسخة قرآنية بخط اليد ساعده في ذلك شغفه بفن الخط العربي وإلمامه بأنواعه المختلفة وإتقانه لمعظمها.
يقول سلامة: “لقد كانت رحلة ممتعة رغم مشقتها لتقديم عمل متميز وكتابة نسخة كبيرة الحجم لإدراكي بوجود محاولات لأشخاص آخرين نسخوا القرآن الكريم بخط يدهم لكن أحداً لم ينسخه بهذا الحجم من قبل”.
بينما كانت يداه تقلب الصفحات بروية واتزان يتابع سلامة في حديثه لمراسلة سانا وصف التفاصيل الدقيقة لمراحل العمل حيث يبلغ طول الصفحة الواحدة 114 سم وهي مستوحاة من عدد سور القرآن أما العرض 80 فهو مستوحى من قول الله تعالى “ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية” والوزن 51 كغ وهو عدد الركعات في صلوات اليوم الواحد.
وأضاف سلامة: “استغرقت عملية النسخ ثلاثة أعوام ونصف العام واستخدمت نحو 3000 ورقة و12 محبرة وساعات الكتابة كانت تتراوح بين ساعتين و 8 ساعات حسب الحالة النفسية والجسدية والصحية حيث كنت أترك قلمي عند الشعور بالتعب أو التشتت الذهني تلافياً لأي خطأ”.
واجه سلامة صعوبات عدة في بادئ الأمر من ناحية اختيار نوعية الورق والقلم والحبر وكيفية لصق الورق مع بعضه البعض للحصول على المقاس المطلوب وضبط السطور وتحديد المسافة بينها مبيناً أن كتابة الخط القرآني ليست بالأمر السهل بل تتطلب الكثير من الصبر والدقة والتركيز وإجادة الخط والتوزيع الصحيح لأحرف وكلمات الآيات الكريمة على عدد السطور البالغ 15 سطراً في كل صفحة مع الحفاظ على وضوح الكلمات والتشكيل السليم لكل حرف.
“هو الحلم الذي راودني منذ الصغر وكان يكبر بداخلي يوماً بعد يوم.. لقد نشأت على حب كتاب الله وحفظته عن ظهر قلب في الخامسة عشر من عمري.. وجدت بين سطوره وكلماته ملاذاً آمناً يبعث على الطمأنينة في أصعب أوقاتي.. استشهد والدي وأنا في عمر الثانية عشت يتيم الأب مع أمي وأخواتي الخمسة.. لم تكن الحياة سهلة معي” عبارات قالها سلامة وبريق غامض يلمع في عينيه غير أنه بسبب الظروف المادية والإمكانيات المتاحة اضطر لتأجيل هذا الحلم وقتاً طويلاً.
وأشار سلامة إلى أنه وعلى الرغم من طبيعة عمله المرهقة في معمل الغزل والنسيج إلا أنه كان يتوق للعودة إلى المنزل وأخذ قسط من الراحة لمتابعة مشروعه الخاص وينتظر الحصول على معاشه الشهري لاستكمال ما ينقصه من مستلزمات لإنجاز العمل حيث كان نسخ القرآن أولوية بالنسبة إليه منوهاً بالدعم والتشجيع الدائم من أسرته الصغيرة وجهودهم لتوفير أجواء هادئة ومريحة تساعده على التركيز أثناء العمل والتحفيز من أصدقائه المقربين رغم تحفظات البعض ومحاولات ثنيه عن تنفيذ فكرته والتشكيك بقدرته على إنجازها إلا أنه كان يجد في كلماتهم دافعاً لخوض هذا التحدي إلى نهايته ومواصلة ما بدأه بمزيد من التصميم.
واختتم سلامة حديثه بالقول: إنه سعيد بهذه التجربة التي عززت من حفظه لكلام الله ويأمل الوصول بعمله إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر كتاب بخط اليد.
سيرياهوم نيوز – سانا