تنطلق، مساء اليوم، فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان المسرح الجامعي الذي تستضيفه دمشق على مسرحَي الحمراء والقباني التابعين لمديرية المسارح والموسيقا، حيث تتنافس فرق مسرحية جامعية على مدار ستة أيام بوجود لجنة تحكيم تضم الفنانين المسرحيين الدكتور تامر العربيد، والأستاذ تيسير إدريس، والأستاذة فيلدا سمور، والأستاذ كفاح الخوص، الدكتور ندى العبد الله، أما لجنة مناقشة العروض فتضم المخرج المسرحي إسماعيل خلف والفنانة المسرحية أمية ملص والكاتب المسرحي جوان جان، وسيتم تكريم الفنانين دريد لحام وفايز قزق في حفل افتتاح المهرجان الذي سيقام، مساء اليوم، في مسرح الحمراء، وفي تصريحه لـ”البعث” عبّر المخرج هاشم غزال مدير المهرجان عن سعادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية بعقد الدورة الـ ٢٨ من المهرجان في دمشق -الذي غاب عنها منذ الثمانينيات- لخصوصية هذه المدينة مسرحياً وأهمية تقديم العروض في مسرحَي الحمراء والقباني وهما من أهم المسارح في سورية: “حلم كل مسرحي تقديم أعماله في هذين المسرحين، إلى جانب وجود جمهور مسرحي متميز فيها وعدد كبير من الفنانين الذين سيطّلعون على تجارب هؤلاء الشباب”، مشيراً إلى أن أهمية الدورة تكمن إلى جانب وجودها في دمشق أنها تكرّم قامتين مهمتين في المسرح هما الفنانان دريد لحام وفايز قزق، والاستفادة من تجاربهما وتوجيهاتهما عبر اللقاء الذي سيتم بينهما وبين الطلبة، وكذلك الاستفادة من توجيهات لجنة التحكيم ولجنة مناقشة العروض لرفع سوية الشباب المشاركين وإرشادهم إلى الطريق الصحيح في عملهم، مبيناً أن العروض المشاركة تمّ انتقاؤها من خلال التواصل الدائم مع المخرجين والكتّاب والممثلين وحضور البروفات والاطّلاع على سير تطورها: “لدينا ١٢ عرضاً مسرحياً ٣ منها خارج المسابقة، اثنان منها اشتركا في دورات سابقة، لكننا حرصنا على إتاحة الفرصة للعروض الجديدة للمنافسة على الجوائز، وهذه العروض الثلاثة ستتنافس على جوائز التمثيل فقط”، موضحاً أن اتحاد الطلبة يحرص على استقطاب الشباب وتشجيعهم على العمل في المسرح ومحاولة إشراك جميع الجامعات السوريّة في المهرجان، خاصةً أنه يتيح إقامة ورشة عمل للمشاركين، كما يحرص على مشاركة التجارب الجديدة تشجيعاً لها، لكن خارج نطاق المسابقة.
ويُعد المهرجان منصة مهمة لدعم شباب المسرح الجامعي من خلال تقديم مساحة لهم للتعبير عن شغفهم بالمسرح والكشف عن إمكانياتهم في التعبير عن أفكارهم ورؤيتهم لمجتمعهم وواقعهم، كما يُعدّ من أقدم المهرجانات المسرحية في سورية حيث أقيمت الدورة الأولى منه عام 1971 وكل من يقرأ تاريخ المسرح السوري المعاصر يدرك أن المسرح الجامعي كان رديفاً حقيقياً للمسرح القومي والمسارح الأخرى في تنشيط الحياة المسرحية في سورية بعد أن حقق هذا المسرح في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي نجاحاً كبيراً جعل غالبية النقاد، اليوم، يؤمنون بأن سمعة المسرح الجامعي مرتبطة بالفترة التي تميزت بتقديم أعمال مسرحية مهمة تفوقت في بعض الأحيان على أعمال مسرحية كانت تقدم آنذاك، وقد ساعدت الظروفً الاجتماعية والاقتصادية على خلق مناخ جيد لازدهار هذا المسرح، وكان للجامعة كمؤسسة تعليمية دور فعال وكبير في الحياة الثقافية والفنية ليس فقط في المسرح، إنما في الأدب والشعر والموسيقى والفنون التشكيلية، فأصبح مسرحها المكان الذي يستقطب المهتمين والشغوفين بالمسرح وجميع أصحاب المواهب، خاصة أن المعهد العالي للفنون المسرحية لم يكن قد تأسس بعد، فعلى سبيل المثال قُدّم الشاعر ممدوح عدوان من خلاله أول مرة ككاتب مسرحي، كذلك الكاتب حسيب كيالي، وبدأ كل من بسام العيد ونائلة الأطرش وعبد المسيح نعمة الإخراج المسرحي على خشبته التي قدمت ممثلين شباباً موهوبين أصبحوا فيما بعد نجوماً كباراً في سورية والعالم العربي مثل عباس النوري، وسلوم حداد، وبسام كوسا، ورشيد عساف، وفيلدا سمور.. وغيرهم.
في فترة الحرب على سورية والحصار الاقتصادي والثقافي وحجم التآمر الدولي الذي شهده السوريون وتراجع الحياة الثقافية والفنية، تأثر المسرح الجامعي مع تفاوت هذا التأثّر بين مدينة وأخرى، حيث استمرت الأعمال المسرحية الجامعية في بعض المدن طوال فترة الأزمة، بينما شهدت مدن أخرى انقطاعاً عن تقديم الأعمال المسرحية الجامعية، والمسرحية بشكل مهم، وما بين غياب وحضور المهرجان في السنوات الأخيرة أقيمت الدورة 25 منه في اللاذقية في العام 2015 وبعد انقطاع دام أربع سنوات أقيمت الدورة السادسة والعشرين في مدينة حلب، واكتسبت هذه الدورة أهمية كبيرة لكونها كانت تُعدّ نقطة عودة للمهرجان بشكل سنوي كما كان الأمر قبل العام 2010 وهذا ما ساهم في عودة وتيرة العروض المسرحية المميزة وزيادة التنافس بين الفرق المسرحية من أجل المشاركة في دوراته، لكن فترة وباء كورونا حالت دون إقامته حتى العام 2022 حيث أقيمت دورته السابعة والعشرين في مدينة حمص، لتعود وتيرة الأعمال المسرحية الجامعية ليس من ناحية عدد الأعمال المنجزة فقط وإنما من ناحية سوية وجودة العروض المسرحية المقدمة بعد أن وضع الاتحاد الوطني لطلبة سورية خطة متكاملة للنهوض بواقعه من خلال تأمين ورشات مستمرة في التمثيل والإخراج والكتابة المسرحية وتمويل العروض المسرحية بما يتناسب مع الواقع المعيشي اليوم، فحقق المسرح الجامعي في السنوات الأخيرة حضوراً عربياً مهماً حيث شاركت فرقة جامعة البعث عام 2022 في الملتقى الدولي الحسين بوزيان للمسرح الجامعي في تونس بعرضها المسرحي “كائنات من ضوء” إخراج حسين ناصر، وحصدت حينها ثلاث جوائز من جوائز هذا الملتقى السبع: أفضل إخراج للفنان حسين الناصر، وأفضل ممثل للفنان استيفان برشيني، وثاني أفضل ممثلة للفنانة أليسار أسبر، وفي العام الماضي منحت سورية شرف افتتاح المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي أقيم في تونس من خلال العرض المسرحي “بيت على الحدود” إخراج كمال فضة لفرقة المسرح الجامعي في جامعة تشرين-اللاذقية، كما حل وفدها المسرحي ضيف شرف على تلك الدورة وتم اختيار المخرج هاشم غزال مدير المسرح الجامعي عضواً في لجنة التحكيم، ويشير الواقع إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها الاتحاد الوطني لطلبة سورية لتوفير كل الإمكانيات الممكنة لديه لتقديم العروض المسرحية المتميزة، لكنه في النهاية ليس جهة إنتاجية، وبالتالي ومن أجل استقطاب الأسماء المهمة في المسرح السوري للعمل ضمن أروقة المسرح الجامعي فإن المطلوب توفير إمكانيات مادية أكبر سواء من قبل الجامعات أو من قبل وزارة التعليم العالي، كذلك محاولة إيجاد حلول لعقبتين أساسيتين تواجه محاولة النهوض بالمسرح الجامعي والمتمثلة بغياب البنى التحتية كالمسارح وقاعات التدريب المجهزة لاحتضان العروض، فجامعة دمشق على سبيل المثال والتي تضم أعداداً ضخمة من الطلاب لا يوجد فيها مسرح ولا قاعات مجهزة على الرغم من وجود مبانٍ كثيرة فيها قيد الإنشاء والتي لم يرصد ضمن أي بناء منها مسرح بمواصفات قياسية، وهذا ما ينطبق كذلك على جامعة البعث وجامعة حلب، لذلك من الضروري أن تقوم الإدارات الجامعية بتخصيص أماكن مناسبة للقيام بالأنشطة الجامعية المسرحية في سبيل النهوض بالمسرح الجامعي الذي يثبت يوماً بعد يوم أهميته في حياتنا المسرحية.
يُذكَر أن عروض المهرجان ستقدَّم على مسرح الحمراء-الساعة السابعة حسب البرنامج التالي:
السبت “المبارزة” إخراج رائد مشرف، جامعة دمشق.
الأحد “رجال في الشمس” إخراج فراس المقبل، فرع درعا.
الإثنين “المدينة الفاضلة” إخراج رغداء جديد، جامعة تشرين.
الثلاثاء “حمائم غرناطة” إخراج حسين ناصر، جامعة البعث.
الأربعاء “قضية” إخراج إياد شحادة، جامعة حلب.
الخميس “ليليت” إخراج هاشم غزال، جامعة تشرين.
وفي مسرح القباني–الساعة الخامسة:
السبت “قصة حديقة الحيوان” إخراج يوسف شموط، جامعة حماة.
الأحد “شتات” إخراج وليد العاقل، فرع السويداء.
الإثنين “توركايه” إخراج يحيى عبد الهادي وكنان شاهرلي، جامعة دمشق.
الثلاثاء “يوميات منسي” إخراج فيصل الحميد، فرع الحسكة.
الأربعاء “أسفل ومنتصف الهدف” إخراج نور عزو، معاهد حلب.
الخميس “منها وفيها” اخراج حسن نصر، جامعة طرطوس
بعد غياب طويل.. دمشق تحتضن مهرجان المسرح الجامعي
سيرياهوم نيوز 2_البعث