آخر الأخبار
الرئيسية » الرياضة » بعد نهاية مونديال قطر.. هل نتطلع إلى المونديال القادم؟ كرتنا تسير خبط عشواء وأنديتنا فقيرة فكرياً وإدارياً الاحتراف الأعوج أضّر بكرتنا والمال يهدر بلا طائل

بعد نهاية مونديال قطر.. هل نتطلع إلى المونديال القادم؟ كرتنا تسير خبط عشواء وأنديتنا فقيرة فكرياً وإدارياً الاحتراف الأعوج أضّر بكرتنا والمال يهدر بلا طائل

| ناصر النجار

انتهى المونديال الكروي بحلوه ومره وبمنافساته الساخنة من المباراة الأولى إلى المباراة الختامية، واستمتع عشاق الكرة بشهر كامل من الأداء الجيد والمنافسة والترقب اليومي والحسابات الصعبة.
هذا في الميدان، أما خارج الميدان فكان هناك الكثير من الكلام الذي يمكننا الحديث عنه، وباستطاعتنا القول بعد نهاية المونديال إن كرة القدم ليست فريقين وكرة ومدرباً فقط، كرة القدم صارت أكثر من ذلك بكثير، فهي سياسة وصناعة وسياحة وتجارة واقتصاد.
أهمية كرة القدم تأتي من هذه الأمور، فهي ليست مباراة وحسب، لأن أهميتها تكمن بكونها حالة اجتماعية تحظى بمحبة أغلب عشاق الرياضة في العالم، فهي الرياضة الجماهيرية التي نالت إجماع العالم محبة وعشقاً واهتماماً.
تتقدم كرتنا في هذا العالم الشيق إذا اعتبرت كرة القدم حالة عامة وليست خاصة، كرة القدم كي تتطور في بلدنا يجب اعتبارها حالة اجتماعية لها أهمية خاصة في كل المناحي الأخرى التي ذكرناها.
ولأن كرتنا ضائعة في أهدافها فستفشل لأنها تعتمد العشوائية في برامجها ولأنها ليست لعبة جماعية، بتصور القائمين عليها فهي بالنسبة لهم لعبة فردية بالفكر والثقافة والتعامل.
كل شخص مسؤول عن كرة القدم يعتبر نفسه الأفضل في المكان المسؤول عنه، فاتحاد كرة القدم على الشاكلة هذه، لذلك نجد أن كل اتحاد جديد ينسف عمل من يسبقه ويبدأ من الصفر، وتتوالى، الأصفار في كرتنا، لدرجة أننا لم نتقدم أي خطوة إلى الأمام!
وفي الأندية الوضع أوهى وأمر، فالقائمون على كرة القدم في الأندية أغلبهم لا يملكون الخبرة المطلوبة لقيادة كرة القدم، لذلك نجد أنديتنا تتخبط في مسيرتها الكروية وتنفق المال بلا طائل، مع العلم أن خطوات البناء والتطوير باتت معروفة للجميع ولاتحتاج إلى مرشد أو دليل.
نحن نلعب كرة أشبه بكرة القدم، كرة أقرب للهواية في الدرجة الممتازة، للأحياء الشعبية في بقية الدرجات والفئات.
كرة القدم صارت علماً وهي صناعة، كيف نصنع كرة متطورة، وكيف ننمي موهبة فطرية لتصبح نجماً مرموقاً؟
قد نتميز عن محيطنا بوجود مواهب فطرية كثيرة، لكننا ننتظر أن تقدم نفسها لنا وأن تجتهد، فكرتنا مثل رياضتنا تنتظر الطفرات في كل شيء!

ما الهدف من كرة القدم؟
انتهى المونديال العالمي وبات الوصول إلى المونديال القادم حلماً يدغدغ مشاعر كل الكرويين على مدار القطر كله، وخصوصا أن «بحبوحة» المقاعد التي قد تصل إلى ثمانية مقاعد آسيوية تجعلنا أقرب إلى التأهل من ذي قبل وخصوصاً أن كرتنا كانت على أبواب هذا التأهل في المونديالين السابقين وكنا أحد اثني عشر منتخباً مؤهلاً للوصول إلى المونديال.
بصيص الأمل الجديد يراود أيضاً منتخبات أخرى قريبة منا بالجوار وقريبة منا بالمستوى، فالمنافسة ستكون على أشدها لنيل هذه المقاعد الجديدة، ومن الممكن أن نجد مقاومة عنيفة من منتخبات كنا نتجاوزها بسهولة في السابق.
البطاقات الإضافية ستكون العين عليها من منتخبات العراق والأردن والكويت والإمارات والبحرين وعُمان، هذا فقط من غرب آسيا، ونحن نستثني هنا منتخبات الصف الأول كإيران والسعودية واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا، فأين سيكون موقعنا في التصفيات المونديالية القادمة؟
نحن نقرر موقعنا إذا بدأنا بالعمل الجاد منذ الآن لتحقيق هذا الحلم وجعله واقعاً وأمراً مفروضاً.
الخطوات التي سيتبعها اتحاد كرة القدم معروفة وواضحة وصريحة، لكن هذه الخطوات يجب أن تسبقها إجراءات عديدة ودعم غير مسبوق، في البداية يجب أن نضع هدفاً لكرتنا، ماذا نريد من كرة القدم السورية؟
هل نريدها كرة عشوائية دون تخطيط أو برمجة؟ أم نريدها كرة متطورة منافسة ولو على الصعيد الإقليمي والعربي والآسيوي؟
عندما نقرر الهدف، نبحث عن خطوات الوصول، وإذا أتقنا السير على هذه الخطوات وصلنا إلى الهدف المنشود.

ثقافة مهترئة
القاعدة المعروفة في كرة القدم تقول: أعط كرة القدم فتعطيك، وهي تعطيك على قدر الهدف وحجمه ومستواه، إذا كان هدفنا الوصول إلى نهائيات كأس العالم فقد يكون هذا الهدف ممكناً، لكن من المفترض أن يكون هدفنا أكبر من ذلك بكثير، لأننا إذا حققنا الهدف الأعلى والأسمى فسيكون وصولنا إلى المونديال طبيعياً وتحصيل حاصل كحال زوار كأس العالم في كل بطولاته.
كرة القدم لتعطيك يجب أن تنفق عليها المال الوفير فمهرها غال جداً، وبعملية المقارنة بين اتحاد كرتنا وبقية الاتحادات الوطنية في دول الجوار نجد أنها مقارنة ظالمة، لأنه شتان بين اتحادنا وهذه الاتحادات سواء الاتحادات الخليجية أم اتحادات الأردن والعراق وإيران، وأقلها أن هذه الاتحادات تلقى دعماً رسمياً غير مسبوق، وأنها تعيش وفرة المال والإمكانيات، ونحن نسير على عكس هذا الطريق.
منظومة كرة القدم في بلادنا خاطئة وهي تسير نحو المجهول، كرتنا تفتقد الثقافة الاحترافية العالية، وكدليل بسيط فإن أعضاء الاتحاد ما زالوا يختلفون على مرافقة المنتخب وسفرة هنا وهناك وهو أقصى طموحهم.
أما في الأندية فكرتنا تسير خبط عشواء، ولم نجد نادياً حتى الآن يخطط للمستقبل، كل الأندية فهمت من الاحتراف أن تشتري اللاعب الأبرز، أن تنفق مالها على العقود، أن تستدين المال أو أن تستجدي الداعمين والمحبين من أجل بعض النفقات هنا وهناك، هذه الصورة السوداء لا يمكن أن تصنع كرة قدم قادرة على الفوز في مباراة ودية وليس الوصول إلى كأس العالم؟
الأندية هي عماد كرة القدم لأنها المصانع الحقيقية للاعبين ولأنها الصورة الحقيقية للمنتخب، لكن للأسف فإن أنديتنا بواد وكرة القدم بواد آخر، فالأندية فهمت الاحتراف أنه الاعتماد على اللاعب الجاهز، بينما الاحتراف هو بناء كرة القدم وتنمية مواهب الخامات الواعدة، أي صناعة اللاعب الموهوب؟
ولأن أنديتنا اعتمدت على اللاعب الجاهز وأهملت القواعد فقد وصلت إلى مرحلة العجز، فشاخت كرتنا لأن لاعبيها شاخوا، مع عدم وجود البديل المناسب، وإذا اختصرنا كرتنا بعدد اللاعبين فإنها لا تملك أكثر من مئة لاعب بين الداخل والخارج يمكن الإشارة إليهم ونصفهم بلغ سن الاعتزال، وكرة تعتمد على هذا العدد القليل من اللاعبين لا يمكن أن تصل إلى أكثر مما وصلت إليه.
الناحية المهمة أن أنديتنا غير مستقرة وما زالت تعاني من الاضطراب الإداري والتنظيمي والمالي، والتغيير المستمر وقلما نجد إدارة قادرة على الاحتفاظ بمنصبها دورة انتخابية كاملة، عدم الاستقرار يؤدي إلى التخلف والتراجع لأن توالي الإدارات يؤدي إلى توالي الأفكار، وهذا بطبيعة الحال لا يسهم بتنفيذ خطة مستقبلية شاملة، وهذا يؤدي بدوره إلى الاضطراب الفني لأن كل إدارة جديدة لها مدربوها ولاعبوها وهذا مؤشر خطير يقضي على كل بارقة أمل بتأسيس فريق منظم وناضج.
الثقافة الكروية في أنديتنا غير ناضجة ولا تسير ضمن إستراتيجية علمية واضحة، وأغلب أنديتنا تهمل قواعدها، وتدفع كل ميزانيتها على فريق الرجال، لذلك نجد أن أغلب أنديتنا مبتورة، لأنه لا يوجد لديها رديف تغذي به فريقها الأول وستبحث دوماً عن لاعبين جدد يدافعون عن ألوانها، وهذا يكلف دائماً نفقات باهظة وبذلك تدور ميزانية العجز سنة بعد أخرى.
فريق الوحدة اليوم يدفع ضريبة إهمال قواعده، وكذلك حطين ونأسف لأننا نراهما في أسوأ صورة كروية ومثلهما الكرامة النادي العريق الذي لم يعتمد لسنوات طويلة إلا على لاعبيه ولم يلجأ إلى لاعبي الأندية الأخرى إلا ما ندر، لكننا اليوم نراه في صورة بائسة ووضع حزين عكس صورته النقية السابقة.
نستغرب أيضاً أن يستعين فريق أهلي حلب بفريق كامل من خارج أبنائه، والنادي مملوء بالمواهب والخامات الواعدة وهذا دليل على أن القائمين على النادي لا يملكون أي خبرة إدارية، في قيادة كرة القدم والأزمة المالية التي يعيشها أعرق أندية سورية تنذر بخطر كبير يداهم النادي وهو بالمحصلة العامة يداهم كرتنا.
أما الفتوة فهو اليوم يسير على نهج الاحتراف الأعوج، يريد هذا النادي بطولة الدوري بأي ثمن، فدفع من أجل ذلك أكثر من ملياري ليرة واشترى أكثر من خمسة عشر لاعباً من خارج النادي ليحقق هدفه الآني، إذا نظرنا في حياد إلى هذا الوضع نجد أن مثل هذا التفكير يضر بنادي الفتوة كثيراً ولو نال ما تمنى، لأن الفريق لا يضم أكثر من عدد قليل من اللاعبين من أبناء النادي، ولأن قواعده مهملة وضعيفة، وهذا يعني أن النادي سيضطر في كل موسم إلى شراء فريق جديد، وعواقب هذا الأمر وخيمة لأنه قضى على كرة النادي فماتت في المهد، ولأنه في كل موسم سيبحث عن الانسجام والتناغم في الفريق لوجود تشكيلة مغايرة للموسم الماضي، وهذا يتطلب استمرار الدعم المالي، وإذا افترضنا أن الدعم المالي توقف فجأة لسبب من الأسباب، فماذا سيكون مصير كرة الفتوة؟

كل شيء متوقع، فناديا حطين وتشرين توقف الدعم المقدم لهما فجأة لكن الناديين استطاعا الصمود بفضل وجود عدد من اللاعبين الجيدين من أبناء النادي، ولا ننسى أن فريقي حطين وتشرين في دوري شباب الممتاز من الفرق الجيدة أو المنافسة، بينما شباب الفتوة في الدرجة الأولى وهو بعيد عن المنافسة.
لذلك فإن سوء الإدارة بنادي الفتوة لا تخدم كرة القدم، وهذه الأمثلة من أنديتنا تدل على أن كرتنا بعيدة عن التطور وعن النضوج وعلى ما يبدو أنها على وضعها الراهن في الأندية مفيدة للسماسرة والفاسدين فلن تغير وجهتها، وبالتالي ستبقى كرتنا على حالها من دون أي تغيير وتبقى أحلامنا بالوصول إلى كأس العالم مؤجلة حتى نغير فكرنا الكروي العفن وحتى نتبع ما اتبع أولئك الجادون في بناء كرة القدم والصادقون في خطواتهم والمخلصون في عملهم.

 

سيرياهوم نيوز3 – الوطن أونلاين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ذهبيتان وفضيتان لسورية في البطولة العربية للكيك بوكسينغ في مصر

حقق منتخب سورية للكيك بوكسينغ ميداليتين ذهبيتين ومثلهما من الفضة في البطولة العربية التي اختتمت منافساتها اليوم في مصر. وفي تفاصيل الميداليات فقد حقق فادي الوكيل ...