قبل حوالي عام من الآن طلبت المؤسسة العامة للإسكان من المكتتبين لديها على السكن الشبابي تسليمها دفاترهم القديمة الموجود عليها بيانات تسديد أقساطهم منذ بدء تسجيلهم على السكن الشبابي عام 2004 وسلّمتهم عوضا عنها بطاقة ورقية (كرتونية) يتم تسجيل أقساطهم الجديدة عليها بدءاً من تاريخ استلامها قبل حوالي عام، وطلبت منهم الاحتفاظ بها لاستبدالها مع نهاية العام ببطاقة دفع الكترونية.
وبالفعل بدأ المكتتبون تسديد أقساطهم عن العام 2023 وقبيل نهاية العام بقليل راجع عدد منهم المؤسسة العامة للإسكان لاستلام بطاقة الدفع الالكترونية لتسديد أقساط العام 2024 بواسطتها، ففوجئ عدد منهم أكثر من 6000 بحسب مصدر في قسم المعلوماتية بالمؤسسة- طلب عدم ذكر اسمه، فوجئوا أن اكتتابهم مغلق، ولم تسلمهم المؤسسة بطاقات الدفع الالكترونية- كما كانت قد وعدت، وبالتالي لن يتمكنوا من تسديد أقساطهم الشهرية!.
– مرارة الأجوبة..
وحين استفسر المكتتبون عن سبب إغلاق اكتتابهم، أخبرتهم المؤسسة أن السبب هو تأخرهم عن دفع أقساطهم الشهرية (سابقاً) لمدة ثمانية أشهر متصلة أو أكثر، كما أخبرتهم بأن الخطوة القادمة هي إلغاء الاكتتاب نهائياً وسقوط حقهم بالحصول على مسكن!.
مئات المواطنون تواصلوا مع “صحيفة الثورة”، (أرقامهم وأسماؤهم لدينا) يشتكون مما جرى، ويخشون من أن تقوم المؤسسة بالفعل بإلغاء اكتتابهم، و(بعضهم من القانونيين) تحدثوا عن أن إلغاء الاكتتاب مخالف للدستور ومخالف للقوانين الناظمة لعمل المؤسسة.
– المعاملة بالمثل..!
معظم المواطنين – المغلق اكتتابهم- من مشروع منطقة الديماس، تحدثوا بأنه من المفترض بالمؤسسة العامة للإسكان الانتهاء من إنجاز مشروع السكن الشبابي الخاص بهم عام 2016 لأنهم مسجلون عام 2004 ومدة التسليم بحسب عقودهم مع المؤسسة 12 سنة، وقالوا إنهم يتفهمون بعض أسباب تأخر المؤسسة بتسليمهم المساكن، وهي (الحرب على سورية).
وتساءلوا: لماذا نتفهم ونقدر ظروف المؤسسة، ولا نرفع دعاوى قضائية بحقها بسبب تأخرها وما ينتج عنه من ضرر يصيبنا لجهة فروق الأسعار، ودفع ملايين الليرات سنوياً إيجار سكن من قبل بعضنا، بينما المؤسسة تستغل ظروفنا القاهرة لإلغاء اكتتابنا والقضاء على حلم حياتنا بمسكن نستقر به؟!.
وشرحوا ظروفهم القاهرة نتيجة الحرب من خلال عرض حالات بعضهم، منهم: السيدة ر. ص من خان الشيح، والتي قالت: “انقطعت عن تسديد الأقساط الشهرية لمدة عامين وبضعة أشهر، من نهاية العام 2011، وقد انقطع الطريق بسبب الحرب على سورية، وحتى بداية العام 2014 وتم فتح الطريق فذهبت ودفعت الأقساط المتراكمة وقبلتها المؤسسة.. ومنذ ذلك الحين لم أتأخر عن تسديد أقساطي.
السيدة م. ك من دمشق قالت: عام 2004 كنت عروساً جديدة، ومقيمة في بيت حماي، ولما سمعت بمرسوم السيد الرئيس بفتح باب الاكتتاب للتسجيل على الدفعة الثانية من مشروع السكن الشبابي، “اتفقت مع زوجي على بيع “مصاغي” وزوجي تدين قرشين، وسجلنا ودفعنا 60 ألف ليرة، صار ابني بالجامعة، وما زلت في بيت حماي.. ورضيانة.. لكن لا تقتلوا حلمي الذي انتظره منذ عشرين عاماً”.
وأضافت: أنا تأخرت حوالى سنة، أيام كانت القذائف تنهال على دمشق من الإرهابيين من دون سابق إنذار، وعندما تحسن الوضع الأمني ذهبت وسددت ودفعت غرامات التأخير ولم يقولوا لي سنلغي اكتتابك، ولذلك أنا أسدد جميع أقساطي حتى نهاية عام 2023.
سيدة أخرى إ. ت قالت: عام 2020 بعت مصاغي الذهبي، وزوجي حصل على قرض على راتبه 1،5 مليون، واشترينا دفتراً بمبلغ 15 مليون ليرة ، وحصلنا على حكم محكمة بالتنازل من صاحبه، وتم فروغه بالمؤسسة العامة للإسكان، بعد أن طلبت المؤسسة بيان غير مستفيد، ومنحوا صاحب الدفتر براءة ذمة مالية (أي أنه سدد جميع أقساطه للمؤسسة)، وواظبنا على دفع الأقساط حتى 31 /1 / 2023 من دون أي تأخير.. لتفاجئنا المؤسسة قبل حوالى شهر أن حسابنا مغلق!! لأن البائع كان قد تخلف عام 2017 لمدة عام عن دفع أقساطه.
وأضافت السيدة.. سألت الموظفة: ألم يدفع عن ذلك العام؟ قالت: بلى!
ألم تمنحوه براءة ذمة حين تنازل لي عن اكتتابه؟ قالت: بلى؟! لماذا قبلتم أقساطه المتراكمة؟ ولماذا قبلتم غراماتها؟ ولماذا تلغون اكتتابه في حينه؟ ولماذا منحتموه براءة ذمة مالية، ولماذا قبلتم أقساطي منذ ثلاثة أعوام حتى الآن؟
بدورنا توجهنا إلى مدير عام المؤسسة العامة للإسكان راما ظاهر.. حول سبب قبول المؤسسة استلام أقساط الأعضاء المتخلفين عن الفترة التي تخلفوا فيها وعدم إلغاء اكتتابهم بناء على الشكاوى، فأجابت: يعود السبب في ذلك إلى عدم وجود ربط شبكي بين المؤسسة والمصرف العقاري الذي يتم إيداع الأقساط فيه، وبالتالي لا يمكن للمؤسسة معرفة أسماء جميع المتأخرين عن السداد!
طلبنا من مدير أحد المصارف التعليق على جواب مدير المؤسسة، فقال: هناك مطابقات شهرية أو فصلية أو نصف سنوية أو سنوية تتم بين المصارف والمصرف المركزي وبين المصارف والمؤسسات العامة (تسويات مالية)، لذلك فالمؤسسة تستطيع بسهولة معرفة المتخلفين عن الدفع- إن شاءت.
.
– أين العدالة..!
وبخصوص قيمة المبالغ التي ستعاد للمكتتبين في حال تم إلغاء اكتتابهم.. أجابت مدير عام المؤسسة العامة للإسكان: “سيعاد المقدار الذي دفعوه ذاته بعد حسم النفقات الإدارية منه”!
وحول الخسارة الهائلة التي ستلحق بالمواطنين المكتتبين بسبب التضخم وفرق أسعار الصرف، قالت الظاهر: المؤسسة لم تستثمر أموال المكتتبين لتتكفل بتعويضهم..!
وفي سياق متصل تواصلنا مع مدير فرع سابق في الإسكان، فقال: “الحقيقة أن المؤسسة استثمرت تلك الأموال في مشاريعها التي أنجزتها كلها، وقد تضاعف سعر المتر المربع للمنازل التي تم تسليمها مئات المرات، وكانت القيمة التقديرية للمسكن 600 ألف ليرة والآن أصبحت أكثر من 60 مليوناً.
– آراء قانونية..
بعيداً عن العواطف والانفعالات، وبالانتقال إلى مدى صحة المرجعية القانونية التي استندت إليها المؤسسة العامة للإسكان لاتخاذ قرار إغلاق، ومن ثم احتمال إلغاء اكتتاب آلاف المواطنين المكتتبين على مسكن منذ عشرين عاماً.
يجيب المسؤولون عن ذلك باختصار شديد: نريد تطبيق القانون.
وبالبحث عن المادة القانونية التي تجيز للمؤسسة إلغاء اكتتاب الأعضاء المتأخرين عن السداد ثمانية أشهر (240) يوماً متواصلة تبين أنها المادة (37) من نظام العمليات الصادر بالقرار رقم (8) لعام 2016 التي نصت على أن “من يتخلف عن سداد الأقساط المترتبة مدة (240) يوماً متواصلة يعتبر اكتتابه ملغى حكماً”.
– آراء قانونية مضادة..
وبعرض المادة (37)، الآنف ذكرها على عدد من رجال القانون، أحدهم فقط وافق على ذكر اسمه، وهو محامٍ متخصص بدعاوى الإسكان منذ عام 2004 (فراس أباظلي)، وقانونيان آخران، يعمل أحدهما في (الإسكان) طلب عدم ذكر اسمه، والآخر، لا تسمح له طبيعة عمله بالحديث إلى الإعلام، فطلب أيضاً عدم ذكر اسمه.
وقد أجمع الثلاثة على أنه لا يجوز لمؤسسة الإسكان تطبيق المادة (37) من نظام العمليات الصادر بالقرار رقم (8) على المكتتبين عام 2004 لأن فيها مخالفة صريحة للمادة (52) من دستور الجمهورية العربية التي نصت على:
(لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يكون لها أثر رجعي)، كما أنها تخالف المادة 35 من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2015 التي نصت على: “تطبق أحكام هذا المرسوم التشريعي على جميع مشاريع المؤسسة المعلن عنها بدءاً من تاريخ نفاذه وتبقى المشاريع المكتتب عليها قبل نفاذه خاضعة للقوانين والأنظمة المعمول بها بتاريخ الإعلان”.
– مرجع قانوني يعرض حلاً..
موظف حقوقي قانوني على أبواب التقاعد يعمل في (الإسكان)، عرضنا عليه جميع الآراء السابقة، فكان رأيه أن ما ينطبق على المكتتبين عام 2004 هي أحكام المادة 6 من نظام العمليات الصادر بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 1940 تاريخ 6\4\2002 ، والتي نصت على ما يلي:
“وفي حال تأخر المكتتب عن تسديد الاشتراك الشهري يترتب عليه غرامة تأخير بمعدل 1 %شهرياً”
“وفي حال تجاوز مجموع أيام التأخير مائة وثمانين يوماً متصلة أو منفصلة يفقد حقه في تسلسل الأفضلية ويحتفظ بحقه في الحصول على مسكن وفق تسلسل خاص بالمتأخرين يلي تسلسل المكتتبين غير المتأخرين.”
سيرياهوم نيوز 2_الثورة