تيسير خلف
للمرة الأولى أكتب بهذه الصراحة التي ستزعج الكثيرين.
ينبغي أن تعرف اخي الغاضب والممتعض بعض الحقائق حول الوضع الذي تعيشه سورية حالياً.
1- السلطة الحالية هي سلطة أمر واقع أتت نتيجة انتصارها بمعركة عسكرية مع النظام السابق، ولذلك هي تمتلك شرعية ثورية. وأنت شخصياً ليس لديك اي فضل في انتصارها.
2- شرعيتها الثورية تخولها انتخاب رئيس على الطريقة التي تمت بها أي انتخاب من قبل الفصائل العسكرية المنتصرة.
3- وضعت هذه السلطة هدفاً مستقبلياً هو تهيئة الظروف من خلال مرحلة انتقالية للوصول إلى نظام دائم خلال 4 سنوات أو أقل، وهذا يثبت حسن النوايا من جانبها.
4- للوصول إلى المرحلة الدائمة وضعت السلطة مجموعة أهداف قصيرة ومتوسطة الأجل، وهي:
أ- فرض الأمن ومنع مذابح انتقامية كانت محققة بنسبة 100% فسكان المدن المدمرة الذي عاشوا 12 عاماً في الخيام والمنافي وقتل منهم 2 مليون كانوا يتحرقون للحظة الانقضاض على المجرمين الذين ارتكبوا بهم هذه الفظائع هم وبيئتهم الحاضنة.. هم وبيئتهم الحاضنة. وقد نجحت السلطة في هذه المهمة حتى الآن.
ب- كان السيد الشرع يستطيع بكل مشروعية ثورية أن يفرض الأحكام العرفية ويحكم بشكل مطلق طوال الفترة الانتقالية، وأن يصدر إعلاناً دستورياً بصفحة واحدة.
ج- كان يستطيع فرض الرقابة الصارمة على البث والأخبار والعمل السياسي والاجتماع ووو تحت طائلة الاحكام العرفية، وهذا من حقه ولن يلومه أحد في العالم.
5- ولكن السلطة وعلى رأسها الشرع اختار أن يشرك السوريين معه بالحدود الممكنة في اتخاذ القرار من خلال مؤتمر حوار وطني، وتعيين لجنة تقنية لوضع اعلان دستوري، وتعيين مجلس تشريعي مؤقت وعد بأن يكون تمثيلياً بقدر الممكن.. وتعيين حكومة واسعة تمثيلية بقدر الممكن.. وكل هذا غير مطلوب منه الآن وغير ملزم به.
6- لا تنسى أن ثورة عام 2011 انتهت في سجون ومسالخ النظام وأبطالها أصبحوا الآن تحت التراب وفي المنافي، وفي لحظة سقوط النظام كان اليأس في أعلى درجاته، ولذلك لا أحد له أي فضل في إسقاط النظام سوى هؤلاء المقاتلين الذين دخلوا إلى دمشق والذين يمسكون السلطة والأمن حتى الآن.
7- الأمر الجيد والذي لا نملك حياله سوى الأمل والانتظار هو أن هذه السلطة وعلى رأسها الشرع تعد بنهاية سعيدة لهذه المرحلة الانتقالية والتي ستتكلل بنظام تعددي تشاركي.. وحتى ذلك الوقت لابد من إعادة بناء مؤسسات الدولة.
8- هناك حقيقة غائبة عن الجميع وهي أن العقوبات الامريكية تجعل كل شيء في مهب الريح إذا لم ترفع في فترة قريبة لن يدخل فلس واحد إلى الخزينة وسوف تتفتت الدولة في ظل وجود هذا الاستقطاب الطائفي العنيف الذي تغذيه إسرائيل وإيران وأذرعهما معاً.
9- الجهد الخارجي الذي تقوم به السلطة هو المعول عليه في هذه المرحلة، وحشد التأييد العربي للضغط على الحكومة الامريكية لرفع العقوبات هو الأولوية القصوى.
10- تأزيم الوضع الداخل لا يخدم سوى الطرفين اللذين يعلنان عداءهما لسورية وشعبها ويسعيان لتقسيمها وهما إسرائيل وإيران، سواء علمت بذلك أم لم تعلم.
هذه هي حقيقة الوضع وأي أوهام أخرى أنت مسؤول عنها…
وفي الختام لابد من هذا التوضيح الضروري:
ان توصيفي للوضع كما هو على أرض الواقع لا يعني أنني من مؤيديه أو من الداعين له أو المستسلمين له.. شخصياً أنا مع نظام تعددي ديمقراطي وعلماني.. نظام عصري في الحد الأدنى مثل النظام التركي.. وفي الحد الأعلى مثل سويسرا.. هذا عن طموحي ورغبتي الشخصية.
(أخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)