أجراس بيت لحم تئن وقمر حلب حزين والطيوب بات بلا رفيق ولم يعد قادراً على تطييب الجروح أما الغالي فيظل غالياً والجميع يسأل عمن غنت أجمل الكلمات ثم رحلت وصعدت إلى السماء وهي تغني شوفوا بلدي بلد الشمس لتتوج الراحلة القديرة ميادة بسيليس أيقونة للأغنية السورية بكامل بهائها وجمال صوتها ورقة حضورها.
رحيلها خسارة فنية وإنسانية واجتماعية على الساحة الفنية السورية فهي من نشأت الأجيال المعاصرة على صوتها الملتزم وبصمتها الفريدة التي حاكتها مع زوجها الموسيقار سمير كويفاتي معطية الأغنية السورية شكلاً جديداً مفعماً بالحب والقيم الإنسانية بعيداً عن الأمجاد الشخصية.
شهادات رفاق المسيرة وشركاء رحلة لا تزال حاضرة رغم رحيل صاحبتها تحدثوا بكل حزن عن ألم الفقد وحجم الخسارة فالمايسترو عدنان فتح الله قائد الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية والذي كان له معها العديد من الشراكات على خشبة دار الأوبرا بدمشق أكد أن رحيل بسيليس خسارة كبيرة لأبناء سورية فهي أيقونة من أيقونات الفن السوري الملتزم لافتاً إلى أنها ساهمت من خلال النمط الموسيقي الذي أدته بتكوين الشخصية الفنية الملتزمة وغدت قيمة فكرية مؤثرة في الناس والمجتمع.
وعن تجربته الشخصية معها قال “جمعني مع القديرة بسيليس عدة شراكات ببرامج موسيقية كاملة لها وهي من القلائل الذين حافظوا على الأغنية السورية وهويتها كما أن جميع أغانيها قدمتها باللهجة السورية حصراً وهي قدوة لكل المغنيات في الحفاظ على لهجتنا والتغني بها وترسيخها”.
قائد أوركسترا الموسيقا الشرقية المايسترو نزيه أسعد قال “كنت من المتابعين لمسيرة الراحلة مع الموسيقار كويفاتي الذي كان حائك خيط اللحن على صوتها مشكلة في تلازمهما مع بعضهما حالة فريدة ونادرة في سورية فاختارا نمطاً من الغناء ساهم برفع قيمة الأغنية السورية ورسم لميادة هوية خاصة استطاعت من خلالها أن توصل صورة نقية بأدائها وإحساسها الصادق لجميع الناس”.
وعلى الصعيد الإنساني وصف أسعد الراحلة بالحالة الإنسانية الراقية في التعامل مع الآخرين حيث كانت أثناء التحضير لحفلاتها قريبة من العازفين ومغني الكورال تمدهم بالطاقة الايجابية مؤكداً أنها صنعت خطاً جديداً في مجال الأداء والأغنية الراقية إضافة إلى تقديم النمط الموسيقي المختلف ومدرسة التجديد والحداثة في الأغنية السورية سواء من ناحية التأليف أو الأداء أو اللحن وحتى شخصية وكاريزما الأغنية.
المايسترو حسام بريمو مؤسس جوقة ألوان للغناء الجماعي بدأ كلامه عن الراحلة بسيليس بالقول “لم نكتف منها بعد فهي التي أعطت الشكل الأنيق للأغنية السورية وأخذتها إلى مكان جميل وراق وظل هاجسها تحقيق إضافة فيها بعيداً عن السعي لأمجاد شخصية ومترفعة عن الزحام التجاري في سوق الأغنية” مؤكداً أن رحيلها خسارة كبيرة للفن السوري الغنائي لأنها كانت مع زوجها ثنائياً مجدداً في الأغنية السورية على صعيد الكلمة واللحن والأداء.
ومن أسرة الراحلة تحدث المايسترو إيهاب قطيش صهر الراحلة الوحيد عن معاملتها الإنسانية النبيلة وحرصها على التوازن في أسرتها حيث سعت بكل ما تملكه من حنان الأم ورقتها، متعالية على آلام جسدها أن لا يؤثر شيئاً من ضغوط عملها على أفراد عائلتها ومنح فيض المحبة لنا ولبناتها وحفيديها، معتبراً أنها كانت حالة وطنية فريدة وأم معطاء رحلت مبكراً وكان في جعبتها الكثير من المشاريع التي لم تبصر النور.
وأعربت المطربة الأكاديمية ليندا بيطار أستاذة الغناء الشرقي في المعهد العالي للموسيقا عن حزنها لرحيل “ست الكل” كما تسميها مبينة أنها تعلمت هي وزميلاتها منها نمط الأغنية السورية كما أنها فتحت الباب لهن في تعزيز الهوية السورية وقالت “غيابها سيشكل فجوة لكنني وعدت روحها أني سأحاول مع زميلاتنا الحفاظ على هذه الأغنية وأن نحمل قضيتها بأصواتنا مثلما حملته بسيليس بصوتها الاستثنائي”.
مغني الأوبرا المغترب فراس بيطار وجد أن لرحيل ميادة حزناً كبيراً وخسارة لا تعوض لأن سورية فقدت برحيلها إنسانة وصوتاً نادراً على مستوى العالم العربي فكانت حالة استثنائية من الشجن والروح التي لن تتكرر.
الناقد الموسيقي أحمد بوبس رأى أن الراحلة مطربة مجددة شكلت خطاً جديداً في الغناء العربي بعيداً عن الأغاني العاطفية التقليدية وبدأت مسيرتها الفنية وهي طفلة في منظمة طلائع البعث وتعرف عليها سمير كويفاتي وهي بمقتبل العمر لتكون معه ثنائيا فنيا ناجحاً جمعاً في أغانيهما الموسيقا ذات الطابع الغربي دون التخلي عن أصالة الموسيقا العربية كما قدمت الأغنية الوطنية بطريقة مختلفة ورحيلها ضربة موجعة للفن السوري الغنائي.
ووصفت الكاتبة والإعلامية ديانا جبور الراحلة بأنها راهبة في الأغنية السورية وهي حالة فريدة من العذوبة والأصالة والطيبة والأخلاق والشغف ومن الصعب أن تتكرر في الوسط الفني وكانت مع زوجها توليفة نادرة واصفة رحيلها بالخسارة الكبيرة والمؤلمة والتي قد تتحول إلى كارثة إن لم نستطع أن نكمل ما بدأته.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا