بعد أن لعب دوراً بارزاً في صياغة العقوبات المفروضة على سوريا خلال حكم نظام بشار الأسد، يسعى «التحالف السوري»، وهو تكتّل سياسي تدعمه الخارجية الأميركية، لبدء حملة إقناع واسعة في أروقة الإدارة الأميركية لتخفيف هذه العقوبات، في وقت أعلنت فيه الخارجية الأميركية أنها لا تزال تراقب الوضع عن كثب قبل اتخاذ أيّ قرار.
وأعلن القيادي في «التحالف»، علاء غانم، في منشور على موقع «فيسبوك»، عن مبادرة مشتركة أطلقها سياسيان أميركيان هما: عضو مجلس الشيوخ والمرشّحة الرئاسية السابقة إليزابيث ورين (ديمقراطية، عن ولاية ماساشوستس) التي تشغل منصب عميدة الديمقراطيين في اللجنة المسؤولة عن الصيرفة في مجلس الشيوخ، وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والرئيس الأسبق للّجنة المسؤولة عن الشرق الأوسط جو ويلسون (جمهوري، عن ولاية كارولينا الجنوبية)، لإقناع البيت الأبيض بـ«مراجعة وتغيير سياسة العقوبات الأميركية على سوريا ورفع جزء كبير منها، ولا سيما ما يتّسم منها بأنه شديد الشمولية أو أنّه قديمٌ فُرضَ على نظامٍ بائدٍ لم يعد موجوداً اليوم»، بحسب كتاب وجّهه السياسيان إلى الخارجية الأميركية.
يثير توقيت المبادرة الأميركية، ومحاولة الاستعجال في تنفيذها، تساؤلات عديدة
وبحسب غانم، ينوّهُ المسؤولان في كتابهما إلى أن «من شأن إبقاء هذه العقوبات عرقلة رجوع الاستقرار إلى سوريا، الأمر الذي قد يسبب موجات نزوحٍ جديدة، أو يكرّس طرق الكسب غير المشروع مثل الاتّجار بالمخدّرات. كما يشرحان عواقب ركود السياسة الأميركية في هذا الصدد كعرقلة إعادة الإعمار وفتح الباب لعودة روسيا وإيران من جديد».
ويشدّد الكتاب، كذلك، على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على قطاعي الاستثمارات والخدمات المالية والمصرفية، مشيراً إلى أن الرخصة العامة التي صدرت مطلع هذا العام لتعليق بعض العقوبات تُعتبر «خطوة غير كافية ويجب اتخاذ المزيد من الخطوات لتشجيع القطاعين العام والخاص على الدخول إلى سوريا والمساهمة في إعادة الإعمار».
ويطلب الكتاب، أيضاً، من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقديم خارطة طريق واضحة للحكومة السورية من شأنها إيضاح الخطوات التي ينبغي العمل عليها للحصول على تعاون أميركي أكبر، معتبراً أنه من شأن إبقاء العقوبات كما هي «تغذية التيارات المتطرفة»، وأن رفعها «سينعش الشعب والمجتمع المدني في سوريا ويعينهما على المطالبة بإصلاحات داخلية أكبر».
وفي ردّها الأولي على هذه المبادرة، أعلنت الخارجية الأميركية أنها تراقب الأوضاع في سوريا لاتخاذ القرارات المناسبة، مشيرة إلى أنها على علم بوجود «توقّعات برفع بعض العقوبات»، داعية دمشق إلى «محاربة الإرهاب وتشكيل حكومة مدنية شاملة متعدّدة الأطراف».
ويأتي الحراك الجديد لتخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، والتي ساهمت بشكل كبير في مضاعفة آثار الحرب التي تعيشها البلاد منذ عام 2011 – وما تخلّلها من تدمير للاقتصاد، وحملات تهجير ونزوح ولجوء -، بعد يوم واحد من اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، المتحكّم الأبرز بالملف السوري في مرحلة «ما بعد الأسد»، بنظيره الأميركي ترامب، ذكرت وسائل إعلام تركية أنه جرت خلاله مناقشة ملفات عديدة، بينها صفقة الطائرات الأميركية المجمّدة (F35)، والملف السوري، الذي يعتبر ترامب أنه لا يعنيه، ويؤيد تحكّم أنقرة فيه.
كذلك، يأتي هذا الحراك في وقت لا تزال تضجّ فيه الأوساط السياسية العالمية بتفاصيل المجازر التي ارتكبتها فصائل تابعة للإدارة السورية الجديدة في الساحل السوري، وراح ضحيتها الآلاف من السوريين، معظمهم من الطائفة العلوية. وإذ تصاعدت المطالبات بفرض عقوبات على مرتكبي تلك المجازر، فقد أدّى هذا الواقع إلى عرقلة الانفتاح الأوروبي على الإدارة، والذي كان يستهدف استثمار الظروف الجديدة للتخلص من عبء اللاجئين السوريين، وإعادة هندسة خريطة النفوذ السياسية، بما يؤدي إلى إبعاد روسيا، الحليف الاستراتيجي السابق لنظام الأسد، والتي يبدو أنها تمكّنت من إعادة صياغة شكل العلاقة بدمشق، وفق ما أظهرته إعادة إرسال شحنات من النفط لدعم قطاع الطاقة السوري.
وعلى أيّ حال، لا تبدو المبادرة الأميركية الجديدة خارجة عن سياق التوقّعات، غير أن توقيتها، ومحاولة الاستعجال في تنفيذها يثيران تساؤلات عديدة، خصوصاً مع استمرار انفلات الجماعات المتشددة، وعجز، أو تجاهل، الإدارة السورية لهذا الانفلات وآثاره على المجتمع السوري، إلى جانب تواصل عمليات القتل والتضييق على خلفية طائفية، برغم التعهدات المستمرة بوقفها ومحاسبة مرتكبيها.
أخبار سوريا الوطن١_الأخبار