محمود القيعي:
تترقب الأوساط الدينية في مصر توابع القرار الجمهوري الصادر في الجريدة الرسمية أمس، رقم 338 لسنة 2021، الذي ينص على «اعتبار دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، ولا تسري على الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بها أحكام المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية»، في الوقت الذي تعيش فيه دار الإفتاء حالة من التأهب والانتظار لصدور قرار لتجديد تعيين الدكتور شوقي علام في منصب مفتي الجمهورية أو تنصيب شخصية جديدة، خاصة أن مدة قرار
التجديد السابق تنتهي اليوم الخميس الموافق 12 أغسطس، لبلوغه سن المعاش.
القرار الذي أصبح حقيقة واقعة ويتيح للسيسي تعيين المفتي- بعيدا عن سلطان الأزهر- سبق أن أرسل الأزهر الشريف خطابا للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، يتضمن رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر في مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء
المصرية المعروض علي مجلس النواب، مؤكدة أن مواد هذا المشروع تخالف الدستور المصري، وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء وجامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية.
وجاء نص خطاب الأزهر الشريف في مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية المرسل بخطاب لرئيس مجلس النواب الموقر رقم 166 المؤرخ 20/2/2020، جاء فيه :نفيدكم أنه بعد الاطلاع على المشروع المذكور، وبعد المداولة بين هيئات الأزهر الشريف، فإنَّه يطيب لنا إخطاركم برأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والتعديلات المطلوبة على بعض المواد بما يكفل اتِّساقها مع أحكام الدستور، وانضباطها مع القوانين القائمة، التي تكفل اختصاصات الأزهر الشريف، وذلك للأسباب الآتية:
أولًا: تعلمون أن الأزهر الشريف طبقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (7) من الدستور التي تنص على أنَّ “الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساس في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة، ونشر علوم الدين، واللغة العربية في مصر والعالم…”.
وتعلمون أيضًا أن الأزهر ليس أشخاصًا، وإنما رسالة عامة وشاملة حدَّدها الدستور في باب مقومات الدولة بصورة واضحة لا لبس فيها، ومن ثَمَّ فإن أية هيئة دينية إسلامية يتم إنشاؤها، وتعمل على تحقيق رسالته، تُعَدُّ بالضرورة جزءًا لا يتجزأ من رسالة الأزهر، ويراجع الأزهر الشريف أعمالها، ويشرف عليها، والقول بغير ذلك يُشكل مخالفة صريحة لنص الدستور.
وإذا كان الأزهر الشريف بنص الدستور هو المرجع الأساس في كل تلك الأمور التي في صدارتها الإفتاء، والبت في كافة الأمور المتعلقة بالشريعة، والرد على الاستفسارات الشرعيَّة من أية جهة، وتقديم الآراء الشرعية في شأن المعاملات المالية المعاصرة، وإجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى، والرد على الشبهات المثارة، وغيرها من الأمور الشرعية التي تضمنها مشروع القانون، وأسندها لهيئة تابعة لوزارة العدل، ولا تتبع الأزهر الشريف؛ مما ينطوي على مخالفةٍ دستورية، ومساسٍ باستقلال الأزهر، وجعل رسالته مَشَاعًا لجهات أخرى لا تتبعه؛ حيث إن دار الإفتاء ستصير عندئذٍ كيانًا عضويًّا مُنْبَتَّ الصلة عن الأزهر الشريف، وتمارس عملها بمعزل عن الأزهر.
ردود الفعل المتوقعة
الآن بات الجميع يترقب ردود أفعال الأزهر بهيئة كبار العلماء على القرار، فالبعض يرى أنهم قد ينحنون أمام العاصفة اتقاءً لصدام جديد مع رئيس الجمهورية، ورضى بالأمر الواقع، وآخرون يتوقعون أن يعترض الأزهر على القرار الذي يعد ضربة قوية للمؤسسة الدينية الكبرى، ونيلاً منها.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم