آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » بوتين يدشّن ولايته الخامسة: استنفار نووي في وجه الغرب

بوتين يدشّن ولايته الخامسة: استنفار نووي في وجه الغرب

خضر خروبي

 

للوهلة الأولى، بدت التوجيهات الصادرة عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عشية تنصيبه لولاية رئاسية خامسة، بـ»زيادة استعداد القوات النووية (الصاروخية والجوية والبحرية) غير الاستراتيجية لتنفيذ مهام قتالية»، أشبه بتدشين برنامج عمل استراتيجي للعهد الجديد في روسيا، للسنوات الست القادمة، على وقع اقتراب العلاقات الغربية – الروسية من نقطة اللاعودة.

خلفيات القرار الروسي: جوقة التصعيد الأميركي – الفرنسي – البريطاني

القرار بإجراء المناورات الروسية النووية التكتيكية الأولى من نوعها، والتي لم يُحدَّد موعدها بعد، وستشمل المنطقة العسكرية الجنوبية (المناطق الأوكرانية التي ضمّتها موسكو، وجزء من المنطقة الحدودية الروسية مع أوكرانيا)، جاء ردّاً على ما وصفته موسكو بـ»التصريحات العدائية من قِبَل بعض المسؤولين الغربيين ضدّ الاتحاد الروسي»، و»التورّط المتزايد» لحكومات «الناتو» في النزاع الأوكراني. فمن جهتها، فنّدت وزارة الخارجية الروسية جانباً من دواعي قرار بوتين، حين برّرت قرار استدعاء سفير لندن لديها بداعي «الاحتجاج القوي» على تصريحات لوزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، كان قد أشار فيها إلى عدم ممانعة حكومته لجوء كييف إلى استهداف الداخل الروسي عبر الأسلحة البعيدة المدى المورّدة من جانب المملكة المتحدة، متوعّدة في الوقت نفسه بـ»عواقب كارثية» قد تشمل ضرب منشآت عسكرية بريطانية سواء في أوكرانيا، أو خارجها. بدوره، وفي معرض تعليقه على استدعاء السفير الفرنسي، صوّب الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، على «النهج (السياسي) الهدّام» لباريس، ولا سيما تلميح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى إمكانية إرسال قوات برّية إلى أوكرانيا. كما استنكر بيسكوف تعليقات صادرة عن زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب الأميركي، حكيم جيفريز، يؤيّد فيها تدخّلاً أميركيّاً مباشراً في حرب أوكرانيا، محذّراً من «التوتّر الخطير غير المسبوق في تصعيد التوترات» بين موسكو والغرب جرّاء تلك المواقف.

إقدام روسيا على استنفار رؤوسها النووية التكتيكية هدفه «ثني الغرب عن توسيع دعمه لأوكرانيا»

 

وبحسب محلّلين غربيين، فإن المناورات النووية الروسية المرتقبة، تترافق مع نبرة التحذير المتنامية لدى القادة والمسؤولين الروس من أن «تصاعد احتمالات تورّط الغرب بصورة مباشرة في الحرب في أوكرانيا، قد أسهم في تغيير الموقف» داخل موسكو، التي باتت ترى أن مواقف كل من لندن وباريس، إلى جانب قيام واشنطن في الآونة الأخيرة بتوريد صواريخ إلى كييف بمديات كبرى، تُقدّر بنحو 186 ميلاً، أي نحو ضعف مديات الصواريخ الأميركية المرسلة سابقاً، تشكّل خروجاً عن السياسة النموذجية المنتهجة من قِبَل الحكومات الغربية منذ بدء تلك الحرب، والمتمثّلة في وضع ضوابط على استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية الصنع، وتلافي الدخول في صراع مباشر مع روسيا.

في المقابل، تفاوتت ردود فعل كييف وحلفائها الغربيين، إذ وصفت الناطقة باسم «الناتو»، فرح دخل الله، المناورات الروسية النووية المقرّرة بالخطوة «الخطيرة وغير المسؤولة»، داعية الحلف إلى «الحفاظ على حالة اليقظة». وجدّدت التأكيد أن بلدان «الأطلسي» ستواصل دعم أوكرانيا، معتبرةً أن للأخيرة «الحقّ في الدفاع عن النفس، وفق ميثاق الأمم المتحدة». ومن جهته، رأى وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم، أن التدريبات النووية العسكرية الروسية «تساهم في تفاقم حالة عدم الاستقرار» في أوروبا، بينما علّق الناطق باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أندريه يوسوف، بالقول إن «(سياسة) الابتزاز النووي تندرج ضمن الممارسات المعتادة والمألوفة من قِبَل نظام بوتين»، مضيفاً أن الأمر «لا يشكّل تطوراً كبيراً».

 

رسائل المناورات: ردع الغرب أم تغيير مسار الحرب مع كييف؟

على العموم، هي ليست المرّة الأولى التي تلوّح فيها موسكو بـ»الخيار النووي» في وجه الغرب، كجزء من الرسائل العسكرية والسياسية ضدّ خصومها؛ إذ دأب المسؤولون الروس، وفي طليعتهم بوتين، ورئيس مجلس الأمن القومي ديمتري ميدفيديف، على إطلاق تحذيرات متتالية في شأن استعداد بلادهم لاستخدام الأسلحة النووية في حال أقدمت أوكرانيا، وحلفاؤها الغربيون، على كسر ما تراه روسيا «خطوطاً حمراً»، سواء تعلّق الأمر بتهديد لشبه جزيرة القرم والأراضي الروسية، أو بقيام الغرب بتزويد كييف ببعض المعدات العسكرية النوعية.

من هنا، وبحسب «نيويورك تايمز»، فإن إقدام روسيا على استنفار رؤوسها النووية التكتيكية، والتي تمثل قدرات صاروخية مخصّصة للاستخدام ضمن نطاقات جغرافية محدّدة في ساحة المعركة، بقوة تُقدّر بنحو كيلو طن، كحدّ أقصى، خلافاً للأنواع الاستراتيجية من هذه الرؤوس، المعدّة للتدمير على نطاق جغرافي أوسع، يشكّل «التحذير الأكثر وضوحاً» من جانبها، بهدف «ثني الغرب عن توسيع دعمه لأوكرانيا، وتحذير حلفاء أوكرانيا الدوليين من مغبّة الانخراط بشكل أعمق في الحرب المستمرّة على أراضيها منذ عامين، وخصوصاً بعدما بدأت موسكو، خلال الأشهر الأخيرة، ترجيح كفّتها على حساب كييف بسبب ما تعانيه الأخيرة من نقص في العديد والعتاد».

وفي هذا الصدد، يوضح المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في «معهد كارنيغي لبحوث السلام الدولي»، جيمس أكتون، أن الخطوة التي أقدم عليها بوتين تنطوي على «بيان سياسي، الهدف منه في نهاية المطاف، ردع قوات الناتو على الأرض»، مرجّحاً أن «ترتفع وتيرة التوترات في المنطقة في حال بدأ الرئيس الروسي يشعر بأنه محاصر في الحرب» على أرض أوكرانيا. ويتابع أكتون أن «السبب الأكثر ترجيحاً لتفاقم التوتّر (بين موسكو والغرب)، هو تهديد شبه جزيرة القرم». ويعرّج على ما كشفته صحيفة «فايننشال تايمز»، في شباط الماضي، من وثائق عسكرية روسية مسرّبة مزعومة، وما تضمّنته من مؤشرات إلى اتّساع «عتبة» الخيار النووي الروسي، على المستوى التكتيكي، بحيث تضمّنت سيناريوات عدّة ومختلفة، من جملتها «تعرّض الأراضي الروسية للغزو، أو هزيمة إحدى الوحدات العسكرية الحدودية في وجه قوة معادية»، فضلاً عن سيناريو «الحؤول دون قيام دول معادية بعدوان (ضدّ موسكو)، أو تصعيد الصراعات العسكرية ضدّها». ويرى أن «هدف (الرئيس الروسي) من التلويح بالأسلحة النووية يتمثّل في ترويعنا من خلال التهديد بالتصعيد» ضدّ الغرب، معتبراً أن «عتبة الخيار النووي الروسي تبقى رهن ما يقرّره بوتين». ويضيف أكتون: «وإدراكاً منه لحجم التأثير المرعب الناجم عن استخدام السلاح النووي، والذي لم يحدث منذ أن عمدت الولايات المتحدة إلى إسقاط سلاحين ذريين على مدينتَي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتَين عام 1945، فإن بوتين، على الأرجح، سيقوم بنشر رأس حربي نووي تكتيكي لترويع الغرب، بغية حثّ قادته على تغيير موقفهم من الحرب (الأوكرانية)، فضلاً عن استغلال الأمر للحصول على مزايا ميدانية» ضدّ كييف.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الغضب يجتاح إسرائيل.. الآلاف من الإسرائيليين ينزلون للشوارع للمطالبة بانتخابات مبكرة وإبرام صفقة تبادل مع “حماس”

تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين، السبت، في عدة مدن منها تل أبيب وحيفا، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة “حماس”، وإسقاط الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، ...