نزار نمر
توقيت بيان وزارة الإعلام المتأخّر حول التواصل مع العدو الإسرائيلي أعاده كثر إلى مخاطبة الممثّلة نادين الراسي المتحدّثَ باسم «جيش» الاحتلال أفيخاي أدرعي في مقطع نشرَته قبل أيّام. إلا أنّ الواقع يفيد بأنّ الفضاء الرقمي شهد تجاوزات كثيرة مماثلة في الأشهر الماضية
يوم الأحد الماضي، هزّ بيان صادر عن وزير الإعلام اللبناني بول مرقص الفضاءَين الإعلامي والافتراضي، كونه حذّر من التواصل مع جهات متعلّقة بكيان العدوّ.
وفيما ارتاح السواد الأعظم من اللبنانيّين إلى بيان من هذا النوع طال انتظاره إلى أن أتى متأخّراً، كان هناك مَن ينتقده من زاوية «حرّية التعبير» التي باتت تُستخدم شمّاعةً للتطبيع مع العدوّ.
اتساقاً مع القانون اللبناني
لكنّ مضمون البيان يأتي متّسقاً مع القوانين اللبنانية، ولا سيّما المادّة 275 من قانون العقوبات التي تنصّ على أنّ «كلّ لبناني يعاون العدو على فوز قوّاته أو يتّصل به أو يدسّ الدسائس لديه، يعاقَب كخائن وينفَّذ بحقّه عقوبة الإعدام»، إضافة إلى قانون المقاطعة الصادر عام 1955 الذي يحظّر أيّ تعامل مع العدو الإسرائيلي، تماشياً مع قانون المقاطعة الموحّد الذي أقرّه مجلس جامعة الدول العربية عام 1954 ويلتزم لبنان بمندرجاته.
ظهر لبنانيّون كثر مع أدرعي على تطبيق تيك توك
أمّا بالنسبة إلى توقيت بيان الوزارة المتأخّر، وخصوصاً بعد كلّ التجاوزات في العامَين الماضيَين وتزايد وتيرتها في أشهر ما بعد ولادة الحكومة الحالية، فقد أعاد كثر هذا التوقيت إلى مخاطبة الممثّلة نادين الراسي المتحدّثَ باسم «جيش» الاحتلال أفيخاي أدرعي في مقطع نشرَته قبل أيّام. لكنّ الواقع أنّه أتى بسبب تراكمات وليس حادثة معيّنة.
ويبدو أنّه على رأس هذه الأسباب ظهور لبنانيّين مباشرةً على تطبيق تيك توك مع المتحدّث إيّاه، إلى جانب مواطنين من دول عربية أخرى، يدعون فيه إلى تشديد الإبادة على أبناء بلدهم وجلدتهم وقصف بلدهم، وإلى «السلام» مع كيان الاحتلال، ويعلنون مبايعتهم الكيان وأنّهم «معكم للموت»، وغير ذلك من كوارث لم يتوقّع معدّو قوانين المقاطعة في القرن الماضي أن يصل مواطن عاقل إلى حدّ التفوّه بها.
محتوى البيان
وفيما انتشرت هذه المقاطع على منصّات التواصل الاجتماعي، أشارت قناة LBCI من جهتها إلى أنّ البيان استهدف أيضاً مَن يتواصل مع المتحدّث الخبيث بسلبيّة، وأعطت مثال الإعلامي علي مرتضى الذي كانت تصله تهديدات علنية من أدرعي وكان مرتضى يردّ بدوره بمقاطع مضادّة.
بيان الوزارة الذي وُجّه «إلى جميع المواطنين والمؤثّرين والفنّانين والإعلاميّين الكرام»، حذّر «من أيّ تواصل مباشر أو غير مباشر مع المتحدّثين باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أو الجهات الإعلامية التابعة له، تحت أيّ ذريعة كانت. يُعدّ هذا النوع من التفاعل خرقاً واضحاً للقوانين اللبنانية المتعلّقة بمقاطعة العدوّ الإسرائيلي والامتناع عن التواصل معه، ويعرّض صاحبه للمساءلة القانونية وفقاً للنصوص المعمول بها».
وأضاف أنّه «تُهيب وزارة الإعلام بالمواطنين الكرام توخّي الحذر والتنبّه إلى بعض الأخبار الكاذبة التي تنتشر في مثل هذا التوقيت المشبوه وأحياناً كثيرة من حسابات وهمية، إضافةً إلى رسائل صوتية «مجهولة» المصدر تؤجّج خطاب الكراهية والتحريض بين اللبنانيّين. وعليه يُرجى التأكّد من مصادر الأخبار وعدم مشاركة أيّ خبر أو رسائل صوتية من دون التأكّد من هوية مطلقيها وأهدافها. وأخيراً، ندعو الجميع إلى توخّي الحذر والتزام المسؤولية الوطنية في كلّ ما يتم تداوله أو التفاعل معه عبر المنصّات الرقمية، حفاظاً على السيادة اللبنانية ومصلحة لبنان العليا».
أن تأتي متأخراً…
ينطبق على وزارة الإعلام مثال «أن تأتي متأخّراً خير من ألّا تأتي أبداً»، ولو أنّها «دعسة ناقصة» أيضاً، إذ لم يُحاسَب أحد ممّن خالفوا القوانين طوال الأشهر الماضية.
لكنّ العبرة في التنفيذ، والوقت كفيل بإظهار ما إذا كان يمكن إعادة بسط سيادة القانون، بعدما داس عليه المواطنون كما السلطة بمختلف فروعها المسؤولة عن التساهل الذي شجّع الناس أكثر وأكثر على التراخي، وخصوصاً في موضوع شديد الحساسية كالتواصل مع العدوّ. هل أتى بيان الوزارة رفعاً للعتب وحفظاً لماء الوجه، أم أنّه حجر أساس لمسار جديد يلملم ما فقدته الدولة من هيبة؟
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار