آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » “بيتر هارينغتون” تعود إلى أبوظبي بعرض نادر من الكنوز الثقافية

“بيتر هارينغتون” تعود إلى أبوظبي بعرض نادر من الكنوز الثقافية

 

حين تتجوّل بين أجنحة معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام (26 نيسان/أبريل – 5 أيار/مايو)، ثمة ركنٌ ينقلك مباشرةً إلى عصورٍ بعيدة، حيث تُعرض كتب ووثائق نادرة بمثابة شواهد حية على تحولاتٍ كبرى شكّلت ملامح تاريخ المنطقة. هناك، تعود “بيتر هارينغتون”- دار الكتب النادرة العريقة في لندن- إلى الساحة الثقافية في أبوظبي، محمّلةً بمجموعة فريدة من الكتب والوثائق التي تُضيء محطاتٍ مفصلية من تاريخ الشرق الأوسط وتراثه الغني وهويته المتعددة.

 

ليس الأمر مجرد عرضٍ لمخطوطات قديمة أو مجلدات مذهبة، بل هو احتفاءٌ حيّ بذاكرة شعوبٍ وحضارات. من وثائق نادرة توثق محاولات المملكة العربية السعودية بعد الحرب لإحياء سكة حديد الحجاز، إلى كتبٍ لغوية طريفة كانت أدواتٍ لتعلّم الإنكليزية في مصر القرن التاسع عشر، تتشابك المعروضات كقطع فسيفساء تسرد قصة المنطقة بصمتها الأنيق.

 

 

 

العمل الفني الأصلي لكتاب ‘قصصٌ من الليالي العربية’. (1907 – بيتر هارينغتون)

العمل الفني الأصلي لكتاب ‘قصصٌ من الليالي العربية’. (1907 – بيتر هارينغتون)

 

 

“هذه الأعمال تتميز بقيمتها العالية التي تتجاوز ندرتها بكثير، باعتبارها تُجسّد الهوية والذاكرة والانتماء”، يعلّق بوم هارينغتون، مالك الدار، ويشير إلى أنّ الكتب النادرة لم تعد مقتصرة على هواة جمع كبار السن أو المتاحف، بل باتت تستهوي جيلاً شاباً يصنع مجموعاته الخاصة، ويبحث عن إرثه الشخصي المفقود بين صفحاتٍ قديمة.

 

تضمّ المجموعة هذا العام معروضات لافتة، منها أرشيف فوتوغرافي نادر يوثّق مشروع إحياء سكة الحجاز، ونسخة نادرة من كتاب “الإبريز”- قاموس عربي-إنكليزي مصمم لتعليم اللغة عبر الحروف العربية- بالإضافة إلى رواية أميركية مبكرة تحتوي على ما يُعتقد أنه أول نص عربي مطبوع في الأدب الأميركي، استناداً إلى مخطوطة لشخصية مسلمة مستعبدة.

 

 

 

ومن بين الكنوز أيضاً: كتاب “عامان مجيدان في تاريخ إمارة أبوظبي (Two Glorious Years in the History of the Emirate of Abu Dhabi)، وهو سردٌ غنيٌ بالرسوم التوضيحية عن بدايات قيادة الشيخ زايد، مليء بالتفاؤل والفخر الوطني. بالإضافة إلى أعمال بصرية عن البتراء والبحر الميت تعود للقرن التاسع عشر، ونسخة طبق الأصل نادرة من خرائط الإصطخري، وأول طبعة مطبوعة لأعمال إقليدس، وكتاب وصفات مغاربية يعود إلى منتصف القرن العشرين، فضلاً عن عمل فني أصلي لإدموند دولاك من كتاب “قصصٌ من الليالي العربية”.

 

من جانبه، يشير بن هيوستن، مدير المبيعات في الدار، إلى أنّ الشرق الأوسط يشهد اليوم تحوّلاً ملموساً في علاقة الأفراد بالكتب النادرة، مدفوعاً برغبة جيلية في استعادة التراث واستكشاف الجذور. في الإمارات والسعودية وقطر، تنمو حركة ثقافية واسعة لإحياء المخطوطات والكتب التي طالها النسيان، وتجد ترجمتها في متاحف مثل “بيت الحكمة” في الشارقة و”متحف زايد الوطني” المنتظر، إضافةً إلى مبادرات “معهد مسك للفنون”.

 

 

ويلاحظ هيوستن “انجذاباً خاصاً لدى الشباب للخط العربي، والفلسفة الإسلامية، والنصوص العلمية التي أسّست للفكر العالمي، وكذلك لكتب تراث الشتات والخرائط القديمة، وحتى للكتب التي وثقت المطبخ واللباس والأسفار اليومية”، قائلاً “إنهم يبحثون عن أشياء تشبههم، حتى وإن كانت من قرون مضت”.

 

هكذا، لم تعد الكتب النادرة تُمثل ترفاً نخبوياً، بل أصبحت نافذة على الذات الجماعية؛ ومعرض “بيتر هارينغتون” في أبوظبي ليس مجرد سوقٍ للورق، بل مسرحٌ للذاكرة، ومتحفٌ حيّ للهوية.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حكايتان عائليتان في المحاضرة عن القمة العربية ويوم اللغة العربية ..وشهادة من “معن بشور”

    د.جورج جبور . *بدأت بتحديد عراقة علاقتي باللغة وبالقمة. ساعدت الظروف على البدء باللغة.* *نحن في 24 نيسان.* *إذن انشدت تهنئية الشيخ عبداللطيف ...