آخر الأخبار
الرئيسية » من المحافظات » بين أنقرة ودمشق… هل حسمت “قسد” مصيرها؟

بين أنقرة ودمشق… هل حسمت “قسد” مصيرها؟

الدكتور خيام الزعبي

يبدو أن أنقرة لم تكتف بالقضاء على حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، إذ أنها تعمل على التخطيط لمنع هجمات وحدات حماية الشعب الكردية في سورية والتي تعتبرها امتداد لحزب العمال، والعمود الفقري لقوات سورية الديمقراطية “قسد” لا سيما مع عزم الأخيرة اجراءها الانتخابات المحلية في أب المقبل، مما ستكون له تبعاته الخطيرة على وضع الأكراد داخل تركيا.

فالتصريحات السورية التركية المتتابعة والتي جاءت في سياق معطيات سياسية متغيرة على الصعد الميدانية والسياسية، كشفت عن خطوات مرتقبة وجدية لعودة جلوس الطرفين السوري والتركي على طاولة الحوار، وبالتالي فإن عودة هذه العلاقات الى مسارها الطبيعي ستحدث حالة من الارتباك والإحباط من النوع الثقيل لدى الأكراد، فضلاً عن قلق أمريكي  من هذا التقارب الذي سيؤثر بشكل سلبي على السياسة الأمريكية في سورية، وعلى الطرف الأخر تشعر “قسد” بقلق كبير من نتائج هذا التقارب على مستقبلها ونفوذها في مناطق شمال شرقي سورية، في ظل التهديد التركي المستمر بشن عمليات عسكرية تستهدف “قسد” و”حزب العمال الكردستاني” في سورية والعراق.

ولأن السياسة الدولية لا تعرف إلا لغة المصالح وجدت أنقرة إن مصلحتها تكمن في التوافق مع دمشق وإن اتخاذ مواقف عدائية معها لا يحقق أهدافها ومصالحها، ويُعد ملف إخراج “قسد” من المناطق التي تسيطر عليها قرب الحدود مع تركيا، أبرز المطالب التي تسعى أنقرة للحصول عليها من عملية التقارب مع الحكومة السورية. وكان المسؤولون الأتراك قد أعربوا في أكثر من مناسبة رغبتهم في التعاون مع الجيش السوري لطرد قسد من مناطقه.

في المقابل، يضع التقارب بين دمشق وأنقرة والتمهيد لافتتاح معبر “أبوالزندين” في منطقة الباب شرقي حلب “قسد” وأدواتها أمام مفترق طرق سياسية وخيارات صعبة، ولهذا السبب أغلقت “قسد” كل المعابر التي تربط مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة الحكومة في دمشق، وتعليق الحركة التجارية ونقل البضائع، مع العلم بأن هذه المعابر تشكل شرياناً اقتصادياً حيوياً بالنسبة لقسد، تجلب لها عائدات مالية ضخمة.

وأمام هذه المعطيات والتطورات فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا تنتظر “قسد” في ظل التقارب السوري- التركي؟

والإجابة على هذا السؤال هو أن تركيا تريد القضاء على التهديد الكردي القائم على حدودها، وروسيا تسعى وبكل قوة الى تصفية حليف الولايات المتحدة الأمريكية في سورية، وبالمقابل تريد سورية السيطرة على الأراضي وخاصة الثروات النفطية من الأكراد في شمال شرق البلاد، بالتالي إن الاتفاق “السوري التركي الروسي” وضع الأكراد أمام خيارات صعبة، ففي حال رفض الأكراد تلبية مطالب تركيا فإن المحور الثلاثي (السوري التركي الروسي) سيكون ماكينة تشجع على حرب ضد “قسد” هناك.

على هذه المنحنى تسعى كل من تركيا وإيران وروسيا إلى تحقيق هدف مشترك، ألا وهو لجم الطموحات السياسية الكردية، ومنعهم من تحقيق الاستقلالية الفيدرالية ، مع رفض أي تمثيل فعلي للأكراد في المفاوضات التي تتعلق بالحل السياسي في سورية

ومن الواضح أن واشنطن ستبدأ عملية عودة قواتها المسلحة إلى وطنها بعد انهاء جرائمها على الأراضي السورية وستترك الشعب الكردي في مواجهة المسائل المعلقة كما تركت الشعب الأفغاني في مواجهة مسلحي طالبان، ويجب على الشعب الكردي بأكمله وقادته أن يدرك وضعهم كـ “ورقة مساومة” في أعين البيت الأبيض فيجب عليهم أن يتفهموا عدم جدوى المزيد من التعاون والمساعدة للجانب الأمريكي على أمل حل مشاكلهم، بمعنى أن الولايات المتحدة لا تهتم بمصير عملائها أبداً.

مجملاً… أمريكا التي خسرت أهم أهداف مشروعها التخريبي بالمنطقة وخاصة في سورية، وأمام هذه المعطيات، يبدو أن “قسد” أمام خيارات صعبة وضعتها بنفسها، فهي تلعب بالنار، فالمأمول هنا آن يدرك الأكراد حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي نحوهم، وأن يبادروا إلى مراجعة حساباتهم، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري، وأن يتسارعوا بخطوات التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية.

ختاماً… يبدو إن عام 2024م سيكون عام المغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة، ومن المفترض أنْ يؤدّي الوضع الخطير الذي تواجهه “الإدارة الذاتية” وذراعها العسكري “قسد” في الشرق السوري، إلى دفعها باتّجاه دمشق، وهو أمرٌ متوقّع في أيّ لحظة، وذلك على الرغم من مكابرة بعض القيادات الكردية وإيمانهم أن واشنطن باقية لأنّ مصلحتها تقتضي ذلك.

بالتالي إنّ ميدان الشرق السوريّ، سيشهد المزيد من التصعيد في الفترة القريبة المقبلة، سواء على صعيد ضرب المحتل الأميركيّ وقواعده، أو استنزاف الوكيل “قسد” وإضعافه، وصولاً إلى إعادة الشرق إلى مكانه الطبيعي على الخريطة السورية الأصلية.

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إخماد حريق في حراج قريتي نبع الطيب وعناب بريف حماة الغربي

تمكنت فرق إطفاء الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب من إخماد حريق كبير اندلع في الحراج الجبلية الواقعة بين قريتي عناب ونبع الطيب بريف حماة الغربي. وبين ...