المهندس نضال رشيد بكور
في كل مجتمع ينهض من بعد أزمات ، تظهر الحاجة إلى إعادة البناء ، ليس فقط للبنية التحتية
بل للنسيج الاجتماعي نفسه.
الدولة السورية من خلال تأسيس هيئة التنمية السورية ، وضعت حجر الأساس لجهد جماعي يهدف إلى إعادة الإعمار ، ويعكس رؤية أعمق تتجاوز البعد المادي لتلمس صميم القيم الإنسانية والاجتماعية.
التنمية ليست مجرد مشروع حكومي يُدار من الأعلى إلى الأسفل
بل هي عملية اشتراك جماعي بين الدولة والمواطنين.
في هذا السياق ، يُصبح المساهم في هيئة التنمية السورية ليس مجرد متبرع أو مشارك مالي
بل شريك في بناء الوطن.
الفلسفة هنا ترتكز على فكرة أن كل فرد مسؤول عن محيطه الاجتماعي ، وأن الخير العام يتجسد عندما يتحمل الجميع جزءاً من العبء.
فلسفياً نقول أن المجتمع هو شبكة من الالتزامات المتبادلة.
المساهمة في مشاريع التنمية يمكن النظر إليها كنوع من التكافل الاجتماعي ، حيث لا يقتصر العطاء على المصلحة الشخصية
بل يمتد ليشمل المجتمع ككل.
من هذا المنطلق ، يصبح التضامن ليس مجرد شعور إنساني
بل أخلاقاً عملية تترجم في أفعال ملموسة تعيد بناء الثقة بين الناس والدولة.
التضامن هنا ليس فقط مادياً أو مالياً
بل هو تعبير عن وحدة الهمّ والمصير.
عندما يساهم الفرد في مشاريع الإعمار ، فإنه يؤكد أن الفشل أو النجاح ليس شأنه وحده …
بل شأن المجتمع بأسره.
وهذا الفهم يتوافق مع الفلسفة الإنسانية التي ترى أن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين ، وأن ازدهار الفرد مرتبط بازدهار الجماعة.
المساهمة في هيئة التنمية السورية تحمل بعداً فلسفياً آخر :
الوعي بالقدرة على التغيير .
فالفعل الفردي يصبح جزءاً من مشروع جماعي أكبر ، يجعل من كل مساهمة حلقة في سلسلة التغيير الإيجابي. وبهذا يصبح الانخراط في جهود التنمية ليس مجرد عمل مادي
بل تجربة أخلاقية وروحية تعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان ومجتمعه ووطنه.
في النهاية نستطيع القول :
إن فلسفة المساهمة في التنمية والإعمار تتجاوز المبدأ الاقتصادي أو القانوني لتصبح ممارسة وجودية
حياة مشتركة تتحقق بالتعاون ، وواجب جماعي يتحقق بالحرية والاختيار ، ورغبة في الخير تتحقق بالعمل. ومن هنا ، يصبح كل فرد جزءاً من قصة أكبر … قصة إعادة البناء ، ليس فقط للمدن
بل للأخلاق ، والقيم، والهوية الوطنية.
(أخبار سوريا الوطن-1)