آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » بين الحلم و الواقع

بين الحلم و الواقع

 

 

مالك صقور

 

بين المتفائل والمتشائم يطل المتشائل ..( واعتذر من إيميل حبيبي ) ويقول : اسمح لي فأنا غيرت اسمي من ( سعيد أبي النحس المتشائل ) إلى المتفائل الصابر الفدائي منصور الغزواي . قلت هل استأذنت إيميل حبيبي .. قال هذا ليس شأنك .. فأنا المتشائل الجديد حفيد سعيد أبي النحس المتشائل . وكما وجّه جدي الإتهامات لقادة فلسطينين قبل النكبة وبعدها ، وللجيوش العربية ، لا سيما في حرب الأيام الستة ، التي ولدّت نكبة جديدة أطلقوا عليها (نكسة حزيران ) و في الواقع هي هزيمة شنعاء ؛ أوجّه اليوم الإتهام للنظام العالمي الجديد و للإنظمة العربية ، ولفلسطيني الشتات في كل أنحاء الدنيا ، الذين تركوا أهل غزة يسبحون بالدم تحت الأنقاض ، مكتفين بالإدانات الشفوية . منصاعين لما يريده مجرم حرب مصاب بداء الكلب .

جئت اليوم أقول : عندما أبدع ايميل حبيبي روايته هذه عن جدي (المتشائل ) أي جمع بين المتفائل والمتشائم ، وأطلق عليه ” سعيد أبي النحس المتشائل ” ؛ في الحقيقة كان متفائلاً جداً مع كوكبة من الأدباء الفلسطينين وعلى رأسهم توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش ومعين بسيسو وحنا أبو حنا وأحمد دحبور وخالد أبو خالد وغيرهم كثيرين ، بأن الشمس ستشرق كما ينهي حبيبي روايته . وكان حلم الشعراء الذين ذكرت أسماءهم مع كوكبة من أدباء الوطن العربي أن يمكنوا و يثبتوا العلاقة بين النشاط الفكري والأدبي والفني وبين قضايا الحياة العربية المعاصرة ، والتصميم على التحررالثقافي والتطلع إلى بناء المستقبل العربي الموحد . وكان الحلم كبيرا ًبان تكون (هزيمة حزيران 1967) نقطة انطلاق لانتعاش أدب عربي حقيقي تقدمي ، يبدعه الكاتب العربي الحر ، الملتزم بقضايا أمته المصيرية . خاصة ، قضية العرب الكبرى ألا وهي قضية فلسطين . وكان الحلم أن يجعلوا من النشاط الأدبي والفني جهداً خلاقاً ،لا هواية فقط أو وسيلة للتكسب ، وأن تكون قضية الأدب الأصيل هي مشاركة الشعب معاناته الإنسانية ، والأهم هو النضال من أجل الحرية . ومجابهة الاستعمار والإمبريالية والصهيونية والرجعية على كافة الأصعدة الثقافية والسياسية والقومية ، وكذلك محاربة التيارات الثقافية المنحرفة الداعية إلى الانحلال والانهزامية و الاستسلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب .

هكذا كان الحلم .. أما الواقع العربي فكان الصخرة التي تحطمت عليها أحلام وطموحات المثقفين العرب وتقوضت آمالهم وتبددت وانكسرت أحلامهم .

الحالمون من الأدباء العرب أنشدوا الحرية والعدالة والمساواة والثورة وتغنوا بفلسطين .. ناضلوا، كافحوا ، وتعبوا حتى تعب النضال .. والواقع كان قبض الريح .

الحلم : وحدة عربية شاملة .. والواقع : التجزئة ، وتقسيم المقسم ، وتفتيت ما بقي من الجغرافيا .

الحلم : تحرير فلسطين .. والواقع تصفية فلسطين وتهجير شعبها أو موته ، واستئصالها من رحم الأمة العربية .

الحلم :محاربة الاستعمار والإمبريالية .. والواقع هو الخضوع والخنوع والاستسلام للإمبريالية ، لا بل وتنفيذ مشاريها ومخططاتها .

الحلم : تحرير العقل العربي من الأوهام والخرافات والشعوزات .. والواقع غسيل أدمغة الشباب واحتلال عقولهم .

الحلم : مستقبل زاهر للشعوب العربية .. والواقع : فقر و جهل ومرض .

الحلم : ثقافة التنوير .. والواقع تفشي المقاهي والأراكيل ، والمتة ، والبذر وطق الحنك ..

وهذا هو باختصار .. بين الحلم و الواقع –

فهل كان مطر المثقفين العرب على صخور صماء ؟!

ومطر (الآخر ) على تربة خصبة ؟!

ثم قال : على الرغم من كل ما ذكرت ، سأعود متفائلاً ، وأقول كما قال جدي :

غداً ستشرق الشمس ..

 

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

التراجع عن الخطأ فضيلة..ولكن!

    عبد اللطيف شعبان   قبل أشهر اتخذت السلطات المعنية قرارا بفصل الكثير من الموظفين من عملهم، ومن ثم تمَّ التراجع وإعادة العديد منهم ...