آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » بين الرومان والإسلام: “صهريج تركب” شاهد صامت على حضارات متعاقبة

بين الرومان والإسلام: “صهريج تركب” شاهد صامت على حضارات متعاقبة

لعل أهم ما يميز قرية “تركب” التابعة لمنطقة صافيتا في محافظة طرطوس، الصهريج الذي كان له ذات يوم شأنٌ عظيمٌ، هذا الصهريج الأثري المنسي، هو حكاية الإنسان القديمة الجديدة لتأمين الماء..
وسبب إطلاق اسم صهريج على هذا الموقع الأثري كما بيّن الخبير الآثاري بسام وطفة لصحيفتنا “الحرية” هو أن المكان عبارة عن دهليز يتفرع تحت القرية قسمٌ منه مملوء بالماء على شكل مستنقع، إذ يطلق على أماكن تجميع مياه الصهاريج…

منشآت غير موجودة

يقع هذا الصهريج وسط القرية، ويحاط من جميع الجهات بالبيوت السكنية الحديثة والطرقات، اعتمدت الحضارات القديمة في وجودها على مصادر المياه كالأنهار والينابيع والآبار وخزانات المياه المصطنعة من أجل توفير المياه، وخاصة في المناطق المحدودة المصادر، ولفت إلى أن الخزان هو على الأغلب جزء من منشأة أكبر، وربما كانت الخزانات مرافقة لمنشآت كالحمامات أو القصور أو القلاع أو معاصر الزيتون على الأرجح، وهذا يؤكد أن الصهريج أنشئ بالأصل لتخزين الماء، ولكن مع الأسف هذه المنشآت غير موجودة حالياً بسبب أعمال البناء التي تمت في محيط الخزان.

كتابات لاتينية

ولفت وطفة إلى أنه كان مصدر مياه الخزان الأثري للأمطار التي تصل إليه عبر قناة أثرية أيضاً.. قسم منها فوق سطح الأرض والجزء الباقي تحت الأرض وطوله حوالي 50 م، وكان عندما يمتلئ تخرج المياه الزائدة عبر فتحتي الخزان من الجهة الجنوبية، وهما على شكل بوابتين، ومن الجهة الشمالية كان يوجد مدرج حجري بازلتي يصل إلى أسفل الصهريج، وحيث ينتهي المدرج بدرجة عريضة، وجد محفوراً عليها بعض الكتابات اللاتينية القديمة.

حجارة بازلتية

وبيّن أن الخزان عبارة عن قاعات مبنية من الحجر البازلتي مسقوفة بعقود (نصف أسطوانية)، يقع سقفها تحت مستوى الطريق العام ويمكن النزول إليها بواسطة أدراج، ما زال جزء منها موجوداً حتى الآنً. أما الأرض فهي مرصوفة بحجارة بازلتية شبيهة بتلك الحجارة المرصوفة بها الطريق المؤدية إلى برج صافيتا.

حضارات إسلامية

أما سقف الصهريج من الداخل –يضيف وطفة- فهو على شكل قناطر من الحجارة المعقودة، وله من أعلى السطح فتحتان مغطاتان بحجارة بازلتية محكمة، وهاتان الفتحتان كانتا تستخدمان لرفع الماء من الصهريج بوساطة الدلو، والصهريج يرتفع عن سطح الأرض من الغرب حوالي 5.2 م ومن الشرق حوالي المتر ونصف المتر، بينما الجزء الأرضي تحت مستوى الأرض بحوالي 5 م، أي أن ارتفاعه الكلي يبلغ 5.7 أمتار تقريباً، هذه المساحة كانت تتسع لآلاف الأمتار المكعبة من المياه التي كانت تسقي العطاش من الناس والحيوانات والمزروعات.
وأكد وطفة أن الرومان والبيزنطيين والصليبيين اعتمدوا هذا الاسلوب خلال الحضارات الإسلامية.

بقايا أثرية

وأشار وطفة إلى إنَّ المناطق المحيطة بالخزان (المنازل-الأراضي الزراعية) يلاحظ فيها انتشار كبير للفخار والبقايا الأثرية التي تعود للعصرين الروماني والبيزنطي، مما يدلّ على أهمية الموقع خلال فترة هذين العصرين، وبخاصة أن قرية تركب تقع وسط سهل غني بالمستوطنات الزراعية خلال العصور الوسطى «كنيسة سمكة – برج ميعار – دير حباش».

كسر فخارية

ويختتم الباحث الآثاري بسام وطفة مؤكداً أنه من خلال طريقة البناء والإطار العام للخزان، ومن خلال العقود المنفذة «نصف أسطوانية»، وأسلوب نحت الحجارة يظهر جلياً أنَّ البناء يعود للفترة الرومانية، ما يؤكد ذلك انتشار كبير للكسر الفخارية التي تعود إلى تلك المرحلة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

جامع السلطان قابوس.. أيقونة مسقط المعمارية

في قلب العاصمة العُمانية مسقط، يقف جامع السلطان قابوس الأكبر شامخا كواحد من أبرز الرموز الوطنية للبلاد. بُني الصرح الديني المهيب بأمر من السلطان قابوس ...