*ريام ونوس
لا يخدعك لونٍ عينيّ. لست امرأةً أرستقراطيةً ولم أولد على مهدٍ من ذهب، ولم يحتفِ بي الخدم، ولا أملك حاشيةً من العبيد، يا سيدي أنا من طبقة الكادحين، طبقة البسطاء الذين يمسحون البلاط، لا أتنكر لأحذيتي الممزقة، أستطيع تناول المعكرونة بالعصا بينما لا أخجل من التهامه بإصبعيّ، تعلمت رقص الصالونات وارتداء الكعب العالي الذي أشتريه بمئة ألف، بينما كنت في طفولتي أشتهي فردةً بمئة ليرة لا أملكها. أملك اليوم المجوهرات البراقة، بينما كنت أظفر خيوط الصوف لأصنع منها أساور وعقدًا ملوّنًا يتمزق حول رقبتي، كنت كلما شاهدت فستانًا جميلًا على تلك المانيكانات البلاستيكية أبصق على وجهي في المرآة وأتساءل: لمَ لا أجرؤ على ارتداء واحدًا ولو في أحلامي؟! اليوم خزانتي تعج بهذه الفساتين من شانيل وديور وفرزاتشي وحقائبي من إيرمز ومن الجلد الطبيعي، ولا زلت أحتفظ بوشاحي الصوفي المُشوه، وضعته لصيقًا لمعاطف الفراء والمخمل،، فلا تنسَ أن ساعة الجد تسقط المساحيق والأقنعة، تُخرج الحرباء وتبصق في وجهك لعابها القذر، هاتان اليدان الناعمتان، تستطيعان لطمك على وجهك بكل وقاحة، هذا الفم المعطر يقذف جملًا كريهة الرائحة، يتحول إلى مصرفٍ صحيٍّ عندما يُستفز، فلا تغرّك ابتسامته المصطنعة. أنا أستحم كل يوم، لكنّي لا أنس رائحة صابون الغار عندما كنت لا أملك ثمن الشامبوهات ومساحيق الغسيل، أنا حقيقية ومنهكة بين مظاهر كاذبة وشهادات جامعية تشترى،… ممتنة لطبقتي الكادحة
(سيرياهوم نيوز1-4-2021)