آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » بين تحدّيات الطبيعة وابتكارات الأفراد.. الزراعة والحرف اليدوية في طرطوس للحدّ من البطالة

بين تحدّيات الطبيعة وابتكارات الأفراد.. الزراعة والحرف اليدوية في طرطوس للحدّ من البطالة

 

سناء عبد الرحمن:

تواجه محافظة طرطوس جملة من التحديات التي أثرت بشكل مباشر على القطاع الزراعي، بدءاً من تقلبات المناخ وانخفاض معدلات الأمطار، وصولاً إلى محدودية الصناعات الزراعية، فيما يحاول أبناء المحافظة التصدي لهذه الظروف عبر إطلاق مشاريع صغيرة مبتكرة تضمن لهم دخلاً يساعدهم على مواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة.

الجفاف يضرب الإنتاج
مدير الزراعة في طرطوس حسن حمادة بين لـ “الثورة” أن الموسم الماضي شهد انخفاضاً حاداً في معدلات الأمطار، ما انعكس سلباً على المحاصيل الشتوية كالقمح والشعير، إضافة إلى تعرض الخضراوات المكشوفة والمحمية، وكذلك الأشجار المثمرة، وفي مقدمتها الزيتون والحمضيات والتفاحيات، للصقيع لخمسة أيام متتالية.

كما شهد موسم الزيتون هبات جافة ساخنة، تراوحت سرعتها حول 85 كم/ساعة خلال فترة الإزهار، ما ألحق ضرراً بالغاً بالموسم بأكمله، وإلى جانب ذلك، أدى انخفاض منسوب الآبار ومخزون السدود إلى تراجع الإنتاجية وتقليص المساحات المزروعة.

صمام أمان
وشدد حمادة على أن الزراعة هي صمام الأمان ضد الفقر والعوز، مؤكداً أن توفير مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة وآلات ومبيدات، يشكل حجر الأساس لرفع مردودية الفلاحين وضمان حياة كريمة لهم.

الصناعات الزراعية لا تزال خجولة إن لم تكن معدومة، واقتصرت- حسب حمادة- على صناعات بسيطة، مثل المخللات والكونسروة المنزلية، ودعا إلى إنشاء معامل لعصائر الحمضيات وتعبئة زيت الزيتون وتصدير الفائض، مؤكداً أن تكامل الزراعة مع الصناعة والتسويق، هو السبيل لرفع المستوى الاقتصادي في المحافظة.

التسويق أكبر التحديات
عضو مجلس اتحاد الحرفيين في طرطوس منذر رمضان، أكد أن المهن اليدوية تتميز بإمكانية ممارستها من المنزل، ما يخفف الأعباء المالية على أصحابها، وخصوصاً أبناء الأرياف.

وأشار إلى أن بعض الحرفيين يوظفون مخلفات الطبيعة في أعمال فنية تحاكي التراث، ما يزيد من جاذبية منتجاتهم، إلا أن ضعف التسويق وانخفاض المبيعات ما زالا عقبتين أساسيتين.

ونوه رمضان بأن الاتحاد نظم معارض مجانية وسعى لفتح أسواق دائمة لهذه الشريحة، لكنه دعا إلى دور أكبر من الجهات الثقافية والسياحية والتجارية لعرض هذه المنتجات في المعالم السياحية والمطارات وتصديرها للأسواق الخارجية.

مشاريع منزلية ناجحة

استطاع المواطن ياسر غانم من ريف طرطوس أن يحسن استثمار أرضه الصغيرة لزراعة الخضروات مثل الباذنجان والفليفلة والبندورة، إلى جانب عرائش العنب، لكنه لم يكتفِ ببيعها طازجة، بل قام مع أسرته بصناعة المكدوس ودبس الفليفلة والمربيات والمخللات وورق العنب المعبأ، مسوقاً منتجاته عبر وسائل التواصل والأسواق المحلية.

غانم أكد أن هذه الطريقة ضاعفت العائد المادي مقارنة بالبيع التقليدي للمحاصيل، مشيراً إلى أن المشاريع المنزلية الصغيرة توفر دخلاً جيداً في ظل الظروف المعيشية الراهنة.

من جانب آخر، تبرز نماذج شبابية تبتكر حلولها بعيداً عن الوظائف التقليدية.

فاطمة علي عمران، وبعد تخرجها في الجامعة، قررت إطلاق مشروع لصناعة الشمع و”الكونكريت”، مستثمرة مبلغ 300 ألف ليرة سورية فقط لشراء المواد الأولية.

بدأت بإمكانات بسيطة، ومن منزلها، لكن تسويق منتجاتها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حقق انتشاراً واسعاً ومبيعات جيدة. وترى فاطمة أن التسويق الناجح، وخصوصاً عبر “السوشال ميديا”، هو مفتاح الاستمرارية، مطالبةً اتحاد الحرفيين بدعم هذه المشاريع من خلال إقامة دورات تدريبية مجانية وتخفيض تكاليف المشاركة في المعارض والبازارات.

نحو اقتصاد محلي أقوى
يكشف هذا المشهد أن الزراعة في طرطوس تواجه ضغوطاً مناخية واقتصادية، لكن إرادة الأفراد في الابتكار، سواء عبر مشاريع منزلية أو صناعات صغيرة، تفتح آفاقاً جديدة للتنمية.

ولتحقيق نقلة نوعية، لا بد من تكامل جهود الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المحلي لدعم الإنتاج، تطوير الصناعات، وتعزيز التسويق، بما يحوّل هذه المبادرات الفردية إلى رافعة حقيقية للاقتصاد المحلي.

 

 

 

(اخبار سوريا الوطن 2-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الفقر يتمدّد في طرطوس.. والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر علاج فعّال

    يشهد ريف محافظة طرطوس ارتفاع مؤشرات الفقر بشكل غير مسبوق، وخسارة الكثير من السكان مصادر أرزاقهم من الزراعات السائدة في تلك المناطق، خاصة ...