مالك صقور
أقول بصراحة :
نصحوني مرة أخرى أن لا أكتب بالسياسة . والحقيقة ، هي ليس المرة الأولى ، أكثر من مرة نصحوني ، في بعض الأحايين لا ألتزم تماما ، فيقولون : كانت النصيحة بجمل . سابقا سمعت هذا المثل من السوفييت :” يحب العرب أن يأخذوا كل شيئ ببلاش إلاّ النصيحة ” . وقالوا : يا أخي أكتب زوايا اجتماعية ( اكتب عن العطالة والبطالة والبلطجة وغلاء الأسعار، عن التعليم وتدني التعليم ) اكتب زوايا فلسفية ، زوايا أدبية ، اكتب عن الحب . ليس بالضرورة عن السياسة . فرددت ما قاله الأديب الكبير رئيف خوري : لايوجد أدب بلا سياسة ، ولكن هناك سياسات بلا أدب “. حسناً ، ساسمع النصيحة ، وسأبتعد عن الكلام في السياسة قليلاً ، وسأقترب من الأدب ، بالتذكير بشاعرين ، والأصح القول : التذكير بمقطع من قصيدة لكل منهما :
الأول : ناظم حكمت .. والقارئ يتذكر حالاً عند ذكر هذا الشاعر المناضل الذي قضى ردحا طويلا من حياته في سجون تركيا : يتذكر قصيدته التي عنوانها : ( القصيدة التي يجب أن تُقرأ بعد عشرين عاما) .. والتي جاء فيها :
أجمل البحار
هو البحر الذي لم نذهب إليه بعد
وأجمل الأطفال
هم الذين لم يكبروا بعد
وأجملُ الأيام
هي تلكَ التي في انتظارنا
وأجمل القصائد
هي تلك التي لم أكتبها بعد
وأجمل قول
ما لم أقله بعد
كتب ناظم حكمت هذه القصدة عام 1946 …وقال : إذا قرأتم هذه القصيدة بعد عشرين سنة فقد تكونوا قد نسيتموني ، لكني لا ألومكم ، فأنا لا أريد أن أكون عبئاً عليكم . لكنني تركت هذه الكلمات لكي تتذكرونني بالحب لا بالأسى و بالحزن .
إذا قرأتم هذه القصيدة بعد عشرين سنة فسيكون قد مرّ وقت طويل وقد تغيرت الحياة ، ولكن الأمل باقٍ ، قد تكونوا كبرتم لكنني سأظل كما أنا بكل الأمل والفرح الذي زرعته في أرواحكم . أؤمن أن الكلمات ستظل حية في قلوبكم .
الشاعر الثاني :
محمد عمران – الشاعر الرائع الذي يُعدّ من رواد القصيدة الجديدة – الحديثة . تناول في قصائده : الوطن والطبيعة والمرأة والعدالة والحلم والحب .
صدرت مجموعته ” أنا الذي رأيت ” عام 1978 ، أي بعد قصيدة ناظم حكمت باثنتين وثلاثين سنة ، كتب محمد عمران : أنا الذي رأيت
أُعلن أن أجمل الأيام ما عشنا
وأجمل النساء ما عشقنا
وأجمل الكلام ما كتبنا
وأجمل البحار ما رأينا
وأجمل الأحلام ما دفنا
رحل الشاعران عن هذه الفانية ..والتحقا بالرفيق الأعلى .. واليوم ، يتذكر القارئ ( لسبب ما ) قول الشاعرين رحمهما الله . والسؤال الإفتراضي الذي يوجه للشاعرين ؛ وكل منهما يرنو إلينا من عليائه :
ماذا تقولان الآن ؟!
(اخبار سوريا الوطن-2)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
