القاضي حسين حمادة
تمرّ سوريا اليوم بمرحلة مفصلية، حيث يقف المجتمع أمام مهمة إعادة بناء الدولة وصياغة مستقبل جديد بعد سنوات من الاستبداد والصراع. وفي مثل هذه اللحظات، تصبح العلاقة بين القيادة والجماهير حجر الأساس في نجاح أي عملية انتقال سياسي.
إنّ المطالب الشعبية، مهما بدت متناقضة أو متفرقة، تمثل في جوهرها البوصلة التي يجب أن تسترشد بها القيادة الانتقالية. فهي تعكس أولويات الناس الحقيقية: الأمن، العدالة، المعيشة، الحرية، والمشاركة في القرار. تجاهل هذه المطالب أو التعامل معها باستخفاف، يعني تكرار أخطاء الماضي التي قادت إلى انفجار اجتماعي وسياسي مدمّر.
التجربة السورية أثبتت أن القطيعة بين الدولة والمجتمع لا تترك فراغًا سياسيًا فحسب، بل تفتح الباب أمام قوى خارجية أو داخلية لتوظيف غضب الناس لمصالح ضيقة، على حساب الوطن. ومن هنا، يصبح الاستماع الجاد للمطالب الشعبية ليس مجرد خيار أخلاقي، بل ضرورة سياسية وأمنية لضمان الاستقرار ومنع عودة الفوضى.
إنّ أي قيادة انتقالية في سوريا لن تستطيع بناء شرعية حقيقية إذا لم تثبت أنها تنطلق من نبض الشارع. الشرعية اليوم لا تُمنح بقرارات فوقية أو ببيانات رسمية، بل تُبنى يوميًا من خلال شعور المواطن بأن صوته مسموع وأن الدولة تتعامل معه كشريك لا كتابع.
#خلاصة القول: إنّ مستقبل سوريا لن يُبنى فقط في غرف التفاوض أو أروقة السياسة، بل في مدى احترام القيادة لمطالب الشعب، وتحويلها من مجرد أصوات احتجاج إلى أساس متين لخطط الدولة. وهنا يكمن الفارق بين مرحلة انتقالية ناجحة تؤسس لسوريا جديدة، ومرحلة أخرى قد تعيد إنتاج الأزمة بصيغ مختلفة
(اخبار سوريا الوطن٢-صفحة الكاتب)