آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » بين طهران والرياض… هل ينجو لبنان من نار التسويات القادمة؟

بين طهران والرياض… هل ينجو لبنان من نار التسويات القادمة؟

 

ريما فارس

 

 

يقف الوضع الراهن في المنطقة على عتبة تحوّل دقيق، يتجاوز شكل التحالفات القديمة نحو إعادة رسم موازين النفوذ والتأثير.

ما يجري اليوم بين إيران والسعودية، وبين كلّ منهما والولايات المتحدة، يشير إلى أنّ الشرق الأوسط، يعيش مرحلة «هدوء الترقّب»، لا الاستقرار الحقيقي. هذا الهدوء يحمل في داخله ملامح اشتباك مؤجَّل، قد يتّخذ أشكالاً سياسية واقتصادية وأمنيّة جديدة.

 

خرجت إيران، من مرحلة العزلة إلى مرحلة فرض الحضور. ورفضها الأخير للعرض الأميركي بتسليم اليورانيوم المخصب، مقابل تأجيل «آلية الزناد»، لم يكن مجرد خطوة نووية، بل رسالة سياسية بامتياز تقول: «لن نُساوَم بعد اليوم على حقوقنا السيادية». عزّز هذا الموقف موقعها الإقليمي أمام خصومها، وأعاد تذكير الجميع بأنها تمتلك أوراق ضغط متشابكة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ما يجعل أي مواجهة معها معقّدة التّبعات.

 

في المقابل، باتت السعودية، أكثر واقعية في سياساتها الخارجية. منذ اتفاق بكين مع إيران، انتقلت من سياسة المواجهة المباشرة إلى سياسة إدارة النفوذ الهادئة. وهي اليوم تختبر نتائج الانفتاح مع طهران، وتحاول في الوقت ذاته أن توازن بين علاقتها المتجدّدة مع واشنطن، وانفتاحها على بكين وموسكو.

 

ويدخل الملف اللبناني ضمن هذا السياق، كمنصّة اختبار صغيرة لما يمكن أن يكون عليه شكل «التعايش الحذر»، بين المحورين الإيراني والسعودي. وحكومة نواف سلام، تمثّل وجهاً جديداً للحياد المنضبط. فالرجل القادم من خلفية قانونية ودبلوماسية دولية، يسعى إلى إبعاد لبنان، عن التجاذبات، لكن من دون الاصطدام بأي محور. وأعاد انفتاحه على السعودية، الدفء للعلاقات العربية، فيما إصراره على تثبيت سيادة الدولة أمام إيران و«أي تدخّل خارجي»، رسم حدوداً جديدة للتوازن. غير أنّ التحدّي الحقيقي أمامه هو ترجمة هذا الحياد إلى نتائج اقتصادية وأمنيّة ملموسة، لأنّ بقاء لبنان، في موقع المراقب لن يحميه من الانهيار إن لم يتحرّك فعليّاً للإصلاح واستعادة الثقة الدُّولية.

 

يتّجه المشهد نحو مرحلة اختبار نوايا. فإذا التزمت إيران، بسياسة ضبط النفس في الإقليم، واستمرّت السعودية، في نهج الانفتاح المشروط، فسنشهد تراجعاً تدريجياً في التوتر الإقليمي، وعودة للمقاربات الاقتصادية بدل العسكرية. وعندها يمكن للبنان، أن يؤدّي دور الجسر بين المحورين، خاصة إن استطاع سلام، تثبيت توازن الداخل، واحتواء تأثير حزب الله، ضمن مظلّة الدولة.

 

أمّا إذا فشلت التسويات النووية أو عاد الضغط الأميركي، إلى ذروته، فسترتفع مجدّداً حرارة المواجهة غير المباشرة، وستتحوّل الساحات الهشّة -ومنها لبنان- إلى مسارح لتصفية الحسابات. عندها سيُختبر حياد الحكومة اللبنانية، في أقسى الظروف، وسيُطرح السؤال مجدّداً: هل يستطيع لبنان، البقاء على الحافة دون أن يسقط في الفوضى؟

لكن، هل يستطيع رئيس الحكومة اللبناني، فعلاً، أن يحافظ على هذا التوازن الدقيق بين طهران والرياض، من دون أن يُغضِب الداخل المنقسم أو يُربِك الخارج المتربّص؟

 

وهل ما نشهده اليوم هو انفتاح حقيقي يُمهّد لتسوية شاملة، أم مجرّد هدنة سياسية تخفي خلفها صراعاً مؤجّلاً ينتظر لحظة الانفجار؟

بكلمة، الوضع الراهن متأرجح بين انفراج محسوب وانفجار مؤجّل. المنطقة تعيش لحظة توازن هشّ، ولبنان، يقف عند نقطة مفصلية بين أن يكون ساحة اشتباك جديدة، أو نموذجاً لتوازن عقلاني بين قوّتين إقليميّتين، تسعيان لإعادة تعريف نفوذهما في الشرق الأوسط.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أبعاد خلاف ترامب ـ نتنياهو حول ضمّ الضفة واتفاق غزة

    حسن حردان   بدا واضحاً تصاعد الخلاف بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حول عدم التزام الأخير بتتفيذ ...