آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » بين وجع السوريين وصمت الأمم… “كوردوني”يدخل الساحة ومعه ملامح تحوّل خفي

بين وجع السوريين وصمت الأمم… “كوردوني”يدخل الساحة ومعه ملامح تحوّل خفي

 

د. سلمان ريا

 

في خطوة لافتة تحمل أكثر مما تعلنه بيانات الأمم المتحدة التقليدية، عيّن الأمين العام أنطونيو غوتيريش الإيطالي كلاوديو كوردوني نائبًا للمبعوث الخاص إلى سوريا، في لحظة سياسية تبدو فيها الحركة على المسار الأممي شبه مجمّدة. غير أن السيرة المهنية للرجل تكشف عن رسالة أعمق من مجرد تغيير في الوجوه.

 

فالاختيار هذه المرة لم يقع على دبلوماسي نمطي، بل على شخصية أمضت أربعين عامًا في قلب ملفات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والقانون الإنساني الدولي، وهي مجالات ظلّت حاضرة في الخطاب وغائبة في الفعل ضمن التعاطي الدولي مع الأزمة السورية.

ولهذا بدا تعيين كوردوني أشبه بإعادة توجيه للبوصلة: إعادة توازن بين الإنساني والسياسي، وبين الإغاثة والحقوق، في وقت بات فيه تجاهل الجراح المفتوحة—من المعتقلين إلى المفقودين—يعرقل أي حديث جدي عن انتقال أو استقرار.

 

الأوساط الأممية نفسها تصف الرجل بأنه “خبير المراحل الصعبة”، فقد تولّى ملفات حساسة في ليبيا، والعراق، والبوسنة، وهي ساحات لم تبتعد كثيرًا عن المشهد السوري من حيث التعقيدات وتراكم الأزمات. والأهم أن لديه تجربة مباشرة في ملف المفقودين من حرب الخليج، وهو ما يضفي على وجوده داخل الفريق الأممي وزنًا إضافيًا في واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا بالنسبة للسوريين.

 

ومن زاوية أخرى، لا يمكن إغفال أن كوردوني يتقن العربية، وهي ميزة نادرة في هذا المنصب. ففهم اللغة يعني فهم المزاج، والسياق، والخطاب، دون وسيط. وهذا وحده قد يفتح الباب أمام تواصل أكثر جدّية مع مختلف الأطراف والفاعلين المحليين.

 

أما التوقيت، فربما هو العنصر الأكثر إثارة للانتباه. فالتعيين يأتي وسط حراك إقليمي متسارع، وتغيّر في أولويات الدول الكبرى، ومحاولات لإعادة رسم خرائط التوازن في المنطقة. وفي مثل هذا المشهد، تبدو الأمم المتحدة وكأنها تُعيد ترتيب أوراقها استعدادًا لمرحلة قد تشهد تحريكًا للملف السياسي—ولو بخطوات بطيئة ومحسوبة.

 

هل يعني ذلك أننا أمام انفراج قريب؟ ليس بالضرورة. لكن المؤكد أن الأمم المتحدة تريد أن تقول شيئًا:

إن ملفات الحقوق والعدالة والمفقودين لم تعد هوامش، وإن مقاربة الحل في سوريا لن تستقيم دون العودة إليها، ودون بناء أرضية جديدة للثقة بين أبناء البلد.

 

قد يكون تعيين كوردوني هو الإشارة الأولى فقط.

أما تأثيره الحقيقي، فسيتوقف على قدرته على تحويل خبرته الطويلة إلى مسار عملي يعيد للقضية السورية مركزيتها على الطاولة الدولية—ويعيد للسياسة معناها.

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سأخون وطني..!

    مالك صقور   هذا عنوان كتاب مهم جداً للراحل الكبير محمد الماغوط . يضم هذا الكتاب مئة وثلاث وثلاثين مقالة أو زاوية نُشرت ...