علي عبود
نتفق تماما مع ماقاله رئيس غرفة صناعة حلب المهندس فارس الشهابي (أن أزمة تأمين السكن البديل لا حلول لها سوى الاستعانة بالصين)، لأن كارثة زلزال 6/2/2023 فرضت حلا واحدا لتأمين السكن للمنكوبين وهو الضواحي السكنية الحديثة المقاومة للزلازل الشديدة.
والسؤال:هل كنا بحاجة إلى كارثة طبيعية كي تقتنع الحكومة بالخيار الصيني، أي التشييد السريع للمباني السكنية المقاومة للزلازل؟
لقد طالبنا الحكومة منذ عام 2014 وبعدة زوايا باعتماد تقنيات التشييد السريع، بعد ان قامت عدة شركات صينية بتقديم عروض مغرية لوزارة الأشغال، ولكن مثل العادة، فإن الحكومة لم تبت بهذه العروض، ربما لأنها لم تعتبر حينها تأمين السكن السريع والمقاوم للزلازل أولوية!
ما اكتشفناه بعد زلزال 6/2/2023 المدمر ان الحكومة تأخرت كثيرا باعتماد الخيار الصيني في مواجهة الزلازل والكوارث الطبيعية، وبتأمين المساكن للمحتاجين إليها بسرعة البرق!
لو أن الحكومة قررت منذ عام 2014 باعتماد الخيار الصيني لقامت بتأمين مستلزمات تقنيات التشييد السريع من خلال آليتين على الأقل، الأولى إرسال مهندسين وفنيين مما تبقّى من الشركات الإنشائية بعد تقزيمها وتهميشها إلى الصين للتدرب على اكتساب هذه التقنية، والثانية إقامة شراكة أوأكثر مع الشركات الإنشائية السورية وشركات صينية متخصصة بالتشييد السريع، لكن الحكومة تجاهلت الأمر كليا، وكأنّها ليست مقبلة على عمليات إعادة إعمار شاملة تتطلب تقنيات للبناء بسرعة البرق!
ترى هل ستغيّر الحكومة رؤيتها وتبادر لاستدراك ماأهدرته من سنوات بفعل ترددها غير المبرر باعتماد الخيار الصيني؟
الاجتماع الأخير للحكومة يشي بأنها لاتزال حائرة ومترددة، بل ومرتبكة، فلا ذكر لأي خيارات ستعتمدها لبناء مساكن بديلة ودائمة للمنكوبين، وكأنّها تمتلك ترف الوقت الطويل، مع أن الأمر يحتاج إلى قرارات جريئة وسريعة كالبرق، والسؤال: ماذا تنتظر الحكومة لتبنّي الخيار الصيني الذي يضمن بناء عدة ضواحي سكنية مقاومة للزلازل بسرعة البرق؟!
نعم، لدينا عشرات الآلاف من المنكوبين يحتاجون إلى مساكن مؤقتة بسرعة البرق أيضا يمكن أن تنجزها الشركات الإنشائية بتقنية مسبق الصنع، والإستعانة بدول صديقة لتأمين عدد كبير منها، ريثما ينتي تشييد الضواحي السكنية الجديدة بتقنيات التشييد السريع الصينية، وأي تردد وتلكؤ باعتمادد هذين الخيارين سريعا يعني المزيد من المعاناة المعيشية لعشرات الآلاف من الأسر المنكوبة بالزلزال!
والخوف كل الخوف أن تتبنى الحكومة التقنيات التقليدية ببناء المساكن البديلة، مع مايعنيه ذلك من تحول مراكز الإيواء المؤقتة إلى دائمة، لأن أسرع مشروع نفذته مؤسسة الإسكان لم تقل مدة إنجازه عن عشر سنوات، وهذا بحد ذاته كارثة إنسانية أخرى ستلحق الأضرار النفسية والإجتماعية بعشرات آلاف الأسر المنكوبة!
السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: لماذا لم تناقش الحكومة في اجتماعها الأخير الخيارات المتاحة لبناء الضواحي السكنية للمنكوبين بما فيها الخيار الصيني؟
والسؤال مهم جدا لأن أعمال بناء الضواحي السكنية يجب أن تبدأ سريعا، وخاصة أن لدى وزارة الأشغال مناطق مدروسة وجاهزة، ولا يحتاج الأمر سوى إلى الإتصال مع الصديق الصيني لإرسال عدد من شركات التشييد السريع لتنسق مع شركاتنا الإنشائية للمباشرة فورا بإنجاز مايكفي ويزيد من الضواحي السكنية المقاومة للزلازل.
أما الجانب الأكثر أهمية الآن بعد زلزال 6/2/2023 فهو إعادة الروح لما تبقّى من شركات إنشائية، وزيادة عددها وعديدها، فقد آن الآوان لتتوقف الحكومة عن تهميشها وتقزيمها ومنعها من تطوير تقنياتها كما فعلت أسلافها منذ تسعينات القرن الماضي لصالح حفنة من المقاولين والمتعهدين المتنفذين الذين كانوا المسبب الفعلي لانهيار آلاف المنازل على رؤوس سكانها بطرفة عين!
ماتحتاجه الشركات الإنشائية الآن تحريرها من القيود الإدارية والمالية لتتحول سريعا كما كانت دائما بيتا للمهندسين والخبرات الفنية العالية ولنتذكر دائما أن القطاع الإنشائي هو الذي بنى سورية كما عرفناها حتى عام 2010 فلتحرره الحكومة من البلاغات والتعاميم والقرارات المعرقلة والكابحة كرمى نفوذ المقاولين!
الخلاصة: تلقت الحكومة السابقة عرضا صينيا في نهاية تشرين الأول من عام 2013 يتضمن تنفيذ أبنية معدنية تحقق مواصفات العمارة الخضراء والعزل الحراري وتتحمل قوة الزلازل حتى 9.2 درجات، وكان العرض مغرِيا جدا لحكومة تسعى لإطلاق مشاريع التشييد السريع للوحدات السكنية في سياق إعادة الإعمار، والدليل على ذلك أن الشركة صاحبة العرض نجحت بإنجاز بناء بعدة طوابق وبمساحة 300 م خلال يوم واحد، وبإنجاز بناء برجا بـ 40 طابقا خلال 15 يوما!
ومع أن الصين قدمت عرضها منذ 10 أعوام فلا زلنا نتساءل: هل ردت حكومة ما على العرض الصيني أم لاتزال في مرحلة الدراسة والتريث ؟
(سيرياهوم نيوز1-خاص)