آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » تايوان تنتخب رئيسها اليوم: الانفصاليّون نحو فوز باهت

تايوان تنتخب رئيسها اليوم: الانفصاليّون نحو فوز باهت

ريم هاني

 

أظهرت استطلاعات الرأي النهائية، والتي سبقت بدء مدّة «الصمت الانتخابي»، قبل عشرة أيام من الانتخابات المقرّر إجراؤها اليوم في تايوان، أنّ «الحزب الديموقراطي التقدّمي» الحاكم في طريقه، على الأرجح، للفوز بولاية ثالثة، ممثلاً بمرشحه لاي تشينج-تي، الذي ترى فيه بكين انفصالياً مقرّباً من واشنطن، وتحذّر، بشكل متزايد، من أنّ فوزه سيعقد الجهود الرامية إلى «إعادة التوحيد السلمي» للجزيرة. على أنّه طبقاً لهذه الاستطلاعات نفسها، إنّ لاي يتقدّم بنسبة «ضئيلة» – ولا سيما مع الأخذ في الحسبان هامش الخطأ لكلّ استطلاع -، وغير كافية لضمان فوزه على منافسَيه المنتميَين إلى صفوف المعارضة، وهما المرشح عن حزب «الكومنتانغ»، وعمدة تايبيه الجديد، هو يو إيه، ورئيس «حزب الشعب التايواني»، كو وين جي، ما جعل عدداً من المراقبين يصفون الانتخابات الأخيرة بـ«المحتدمة»، ويؤكدون أنّ حظوظ جميع المرشحين، بمن فيهم لاي، ستبقى «على المحك» إلى حين الإعلان عن النتائج النهائية. ووفقاً للأرقام التقديرية التي ظلّت «شبه ثابتة» منذ بدء الحملات الانتخابية، والتي نشرتها مؤسسة «بروكينغز» الأميركية، فقد كانت النسب موزعة كالآتي: لاي: 35.2%، هو: 32.1%، كو: 19.7%، مع هامش خطأ يُقدّر بـ2.8%. على أنّ تلك الأرقام، إن دلّت على شيء، فإنّه رغم الجهود الدؤوبة التي تبذلها واشنطن لتغذية النزعات الانفصالية لبكين في الجزيرة، ورجحان فوز المقرّب منها في نهاية المطاف، فإن شريحة واسعة من سكان تايوان، ولا سيّما الشباب منهم، تشغلهم «تحديات حيويّة» أخرى، ما يجعل العداء المزعوم للصين في أسفل سلّم أولوياتهم. صحيح أن الشباب هناك لا يجاهرون بـ«هويتهم الصينية» على غرار المقاتلين القدامى وكبار السنّ الذين انتقلوا إلى الجزيرة إبان الحرب الأهلية الصينية عام 1949، ولا يزالون متمسّكين بـ«إرثهم الصيني»، وفقاً لما يرد في تقرير لـ«سي أن أن» الأميركية، إلّا أنّ عدداً منهم يرى أنه «لا فرق فعلياً بين تايوان وجمهورية الصين الشعبية»، وأنّ أيّ نقاش في هذه المسألة يهدف، عملياً، إلى «تأجيج الانقسام السياسي»، طبقاً لمقابلات أجرتها الشبكة معهم. كما رأت شريحة من الشباب التايوانيّين أنّ «الحفاظ على الوضع الراهن» في الجزيرة هو «الحلّ المنطقي والقابل للتطبيق في هذه المرحلة»، فيما اعتبر آخرون حتى أن «مقاومة الصين» هي مجرد «شعار سياسي» يستغلّه الحزب الحاكم لحشد الأصوات الانتخابية. كما اتّضح، عبر حديث هؤلاء مع الشبكة، أنّ القضايا المتعلّقة بركود الأجور وتأمين السكن، والرفاهية الاقتصادية بشكل عام، تشكّل محور اهتمام الناخبين الشباب (من 20 إلى 30 سنة)، ولا سيّما أنّ الاقتصاد التايواني شهد، العام الماضي، أبطأ وتيرة نمو له في ثماني سنوات، بسبب «ضعف الطلب العالمي على منتجاته التكنولوجية»، وفقاً لتقديرات صادرة عن الحكومة في تايبيه.

الرأي العام السائد في تايوان لا يدعم استفزاز الصين أو الانجرار إلى أيّ مواجهة معها

 

وإذ تتمتّع تايوان بدور رائد عالمياً في توفير رقائق أشباه الموصلات المتطورة، فقد ظلت مستويات دخل العمال، في مجالات أخرى، في حالة ركود كبيرة في العقدين الماضيين، وسط ازدياد الصعوبات المعيشية. وعلى ضوء ما تقدّم، وفيما كان الشباب يدلون بأصواتهم، تقليدياً، لـ«الحزب الديموقراطي التقدمي»، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أخيراً أنّ عدداً كبيراً منهم أصبحوا يدعمون «طرفاً ثالثاً»، وهو في هذه الحالة، كو وين جي، أي رئيس «حزب الشعب التايواني»، الذي لم يمضِ على تأسيسه أكثر من خمس سنوات، إنما نجح في حمل لواء مثل هذه القضايا، بدلاً من التركيز على ما وصفه الناخبون أخيراً بـ«الانقسام الأيديولوجي» حول البر الرئيسي، بين الحزبَين الآخرين.

 

ومن جملة المؤشرات أيضاً إلى أنّ الرأي العام السائد في تايوان لا يدعم، على المدى المنظور أقلّه، استفزاز الصين أو الانجرار إلى أي نوع من المواجهة معها، «خفف» لاي، أخيراً، بشكل ملحوظ من حدة لهجته المعادية لـ«الجمهورية الشعبية»، مؤكداً، في غير محطة، أنه «لا ينوي تغيير الوضع القائم» في مضيق تايوان، وذلك ردّاً على الاتّهامات الموجهة إليه من طرف مرشح حزب «الكومينتانغ»، الذي يدعم زيادة الانخراط مع الصين، لا سيّما على الصعيد الاقتصادي، ويصوّر الانتخابات على أنّها اختيار بين «الحرب» من جهة، «والسلم والازدهار» من جهة أخرى. على أن تقدّم لاي بنسبة تأييد لم تتجاوز الـ50 في المئة، يعزوه مراقبون إلى فشل منافسَيه في التوحد حول جملة من القضايا، علماً أنه سُجّلت محاولات توحد بالفعل، انهارت آخرها في تشرين الثاني الماضي، وأفقدت كو، الذي يصور نفسه على أنّه «مناهض للمنظومة القائمة»، بعض الدعم، باعتبار أنه أبدى استعداداً للتعاون مع حزب «الكومينتانغ»، الذي يُعدّ جزءاً من هذه المنظومة.

استفزاز أميركي

بعدما دأبت واشنطن على استفزاز بكين والتدخل في شؤونها الداخلية، ولا سيما عبر إرسال وفود رسمية إلى تايبيه، بدا لافتاً، هذه المرة، انتشار معلومات تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وفي خطوة تصعيدية غير اعتيادية، تعتزم إرسال وفد «رفيع المستوى» من الحزبين إلى الجزيرة، «فور انتهاء الانتخابات الرئاسية»، على أن يقوده جيمس شتاينبرغ، نائب وزير الخارجية الديموقراطي السابق، وستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الجمهوري السابق، وفقاً لما أوردته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، نقلاً عن مصادر مطلعة. ووفقاً لمسؤول أميركي سابق تحدّث إلى الصحيفة، فإن قرار بايدن يعدّ «خطوة محفوفة بالمخاطر»، قد تأتي بـ«نتائج عكسية» على واشنطن. وفي تعليقها على ذلك، أكّدت السفارة الصينية في واشنطن أن «بكين تعارض بشدة اتصالات الولايات المتحدة الرسمية بمنطقة تايوان»، داعيةً إدارة بايدن إلى «التوقف عن إرسال رسائل خطأ إلى القوى الانفصالية»، «والامتناع، بأي شكل من الأشكال، عن التدخل في الانتخابات هناك».

أما التغير المشار إليه سابقاً في لهجة لاي، فلا ينعكس بأي شكل من الأشكال تراجعاً في موقف الصين، إذ لا يزال المراقبون يشكّكون، علناً، في نوايا لاي «الخفية». وفي السياق، أوردت صحيفة «الصين يومياً» (China Daily) أنه في إحدى المناظرات الانتخابية، بدا لاي كمن «حفظ دروسه جيداً»، وحاول، لدى ردّه على سؤال عن استقلال تايون، التقليل من أهمية «نزعته الانفصالية»، بأسلوب يتماشى لا مع موقف حزبه فقط، إنما أيضاً مع سياسة الولايات المتحدة في هذا الملف. على أن مرشح «الحزب الديموقراطي التقدمي» كشف عن «ألوانه الحقيقة»، عندما أشار إلى أنّ «جانبي مضيق تايوان لا ينتميان إلى بعضهما البعض»، طبقاً للصحيفة نفسها، التي أردفت أن مثل هذه التصريحات تثبت أنّ لاي يعتزم تأدية دور «المخرب» للعلاقات مع البر الرئيسي، ما يضرّ بمصلحة تايوان، ويخاطر حتى باندلاع صراع مسلح عبر المضيق.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ديموقراطية أميركا تحت قدمَي إسرائيل

خضر خروبي   كما كان متوقّعاً، باشرت جامعات أميركية عدة، وفي مقدّمها «تكساس»، و«فوردهام»، و«أريزونا»، و«ويسكونسن ماديسون»، وبتشجيع ضمني من السلطات الفيدرالية، ما كانت قد ...