| محمد خواجوئي
على رغم الإشارات التي عادت إيران لتبعث بها إلى القوى الغربية، أملاً بحلّ القضيّة النووية، لا تبدو الولايات المتحدة، من جهتها، مهتمّة بتلقّيها، ذلك أن «خطّة العمل المشتركة الشاملة» لم تَعُد تشكّل محطّ تركيز البيت الأبيض، الذي استبعد حدوث أيّ تَقدُّم في شأن الاتفاق مستقبلاً. وينعكس هذا الموقف أيضاً على آراء المراقبين الذين لا يَرَون فرصة لنجاح المفاوضات، وخصوصاً في ظلّ اتّساع الهوّة بين إيران والغرب
طهران | مع تراجع حدّة الاحتجاجات والاضطرابات في إيران، طفت على السطح بوادر محاولات إيرانية جديدة لتسوية الملفّ النووي وإحياء «خطّة العمل الشاملة المشتركة». وأوّل هذه المؤشرات، زيارةٌ قام بها وفد من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى طهران، حيث تطرّقت المحادثات إلى الموضوعات العالقة بين الطرفَين. ووصل الوفد المؤلّف من خمسة أشخاص برئاسة ماسيمو أبارو، مساعد المدير العام للوكالة لشؤون نظام الضمانات، إلى العاصمة الإيرانية، الأحد، فيما كان مقرّراً إجراء هذه الزيارة في تشرين الثاني الماضي، إلّا أن صدور قرار ضدّ إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة، استتبع استياءً إيرانياً، ما أدّى إلى إرجاء الخطوة. ومع هذا، يمكن زيارة الوفد أن تؤشّر إلى محاولات من جانب الجمهورية الإسلامية لوضع نهاية لخلافاتها مع «الذرية»، والتي شكّلت أساساً لاستصدار قرارَين ضدّ طهران، خلال الأشهر الستّة الأخيرة، يُحتمل أن يُشكّلا سبباً لإعادة الملفّ الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.
وثاني المؤشرات المذكورة، الجهود الدبلوماسية التي تبذلها السلطات الإيرانية، والتي تمثّلت خصوصاً في لقاء عُقد، يوم أمس، بين وزير خارجيتها، حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره الأوروبي، جوزيب بوريل، حضره منسّق الاتحاد الأوروبي للمحادثات إنريكي مورا، وكبير المفاوضيين الإيرانيين علي باقري، على هامش القمّة الإقليمية التي يستضيفها الأردن في السويمة على شواطئ البحر الميت. وقال بوريل، في تغریدة أعقبت لقاءه أمير عبد اللهيان، إن الجانبَين اتّفقا على أنه «يتعيّن علينا إبقاء الاتصالات مفتوحة، والعودة إلى خطّة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) على أساس مفاوضات فيينا». وكان الوزير الإيراني قد قال، الاثنين، إن القمّة الإقليمية قد تشكّل «فرصة» لتحريك المباحثات المتعثّرة منذ أشهر في شأن إحياء الاتفاق النووي.
أمّا ثالث المؤشّرات، فتَمثّل في تصريحات نادرة أدلى بها كمال خرازي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، رئيس «المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية»، وتكتسي أهميّة خاصّة نظراً إلى قرب صاحبها من المرشد. وأعلن خرازي، في مؤتمر عُقد في طهران أول من أمس، أن بلاده «جاهزة للعودة إلى التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي»، مضيفاً: «لقد تمّت معالجة الكثير من المشكلات حتى الآن، وبقيت الموضوعات المتعلّقة بالضمانات من دون حلّ، ونأمل بأن تُحلّ خلال زيارة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران». لكنه لفت، في الوقت ذاته، إلى «(أنّنا) نمتلك اليوم قدرات فائقة في مجال الخبرة النووية. لسنا في صدد إنتاج قنبلة نووية، وقادرون على ذلك، لكننا لا ننوي تصنيع قنبلة».
تحدّثت القوى الغربية، خلال الأشهر الأخيرة، مراراً عن «طريق مسدود» في المحادثات النووية مع إيران
وعلى مدى أكثر من عامَين، طالبت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إيران، بتقديم إيضاحات حول المواد النووية المكتشَفة في ثلاثة مواقع غير معلَنة. لكن إيضاحات طهران لم تكن مقنعة بالنسبة إلى الوكالة، ما شكّل عقبة إضافية حالت دون توصُّل المحاولات الرامية إلى استعادة الاتفاق النووي، إلى نتيجة. وتقول إيران إن هذا الملفّ يجب أن يُغلق قبل إحياء «خطّة العمل المشتركة الشاملة»، غير أن الوكالة والقوى الغربية ترى أن إغلاقه لن يتمّ إلّا من خلال التعاون مع «الذرية»، وأنه لا يوجد حلّ آخر، بما في ذلك الاتفاق السياسي في شأنه. وعلى خطّ موازٍ، قامت إيران، خلال السنوات الأخيرة، وردّاً على انسحاب أميركا من الصفقة، بتطوير برنامجها النووي، مبتعدةً كثيراً عن الإطار المحدَّد له في الاتفاق، ما زاد من هواجس الغرب إزاء توصُّل الجمهورية الإسلامية إلى القدرات التي تمكّنها من إنتاج قنبلة نووية. وأعلن رئيس «مؤسسة الطاقة الذرية» الإيرانية، محمد إسلامي، السبت، أن طاقة تخصيب اليورانيوم في البلاد بلغت أعلى مستوياتها التاريخية، إذ تقوم طهران، في الوقت الحالي، بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وتقول إنها تمتلك، من الناحية التقنية، إمكانات تسمح لها بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة 90%، فيما المستوى المسموح به للتخصيب، وفقاً للاتفاق النووي، هو 4%.