آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » تجريم الإستعمار .. لايكفي!!

تجريم الإستعمار .. لايكفي!!

 

 

علي عبود

 

للمرة الأولى يُعقد مؤتمر دولي لتجريم الإستعمار في إفريقيا لمدة يومين (30 تشرين الثاني ـ 1 كانون الأول)، وكنا نتمنى أن يكون المؤتمر أكثر شمولية ليُجرّم كل الدول الإستعمارية التي نهبت ثروات العالم كافة وفي جميع القارات، وتركت دولها تعاني من الفقر والإضطرابات، بل لايزال الغرب يمنع الدول التي استعمرها لعدة عقود من النمو والعيش الكريم!

وقد أصاب وزير خارجية الجزائر أحمد العطاف كبد الحقيقة بقوله في افتتاح المؤتمر الدولي حول تجريم الإستعمار بأن “القارة الإفريقية أدركت يقينا لالبس فيه أن معالجة رواسب الإستعمار صارت أمرا حتميا لمواصلة مسيرتها بحزم نحو مستقبل يليق يأبنائها وبناتها في كنف الكرامة والعزة والعدل والإنصاف”.

وعلى الرغم من أهمية هذا المؤتمر، فإنه سيبقى في إطار “البروباغندا” إن لم تتعاون الدول التي لاتزال تعاني من آثار الإستعمار الشرس على إقرار آليات، ليس لتجريم الإستعمار فقط، وإنما لملاحقة الدول المستعمرة بالإعتذارمن جهة، وبرد مانهبته على مدى العقود الماضية من ثروات العالم المستضعف من جهة أخرى.

ومثلما يطالب الكثيرون بالعدالة الإنتقالية، فإن على الدول الإفريقية التجاوب مع مقترح وزير الخارجية الجزائري العمل على مشروع “إحقاق العدالة التاريخية” في مواجهة مشاريع الدول الإستعمارية السابقة لطمس التاريخ وتزوير الحقائق من جهة، ورفضها المطلق الإعتراف بجرائمها من جهة أخرى، وأشنع هذه الجرائم قيام الإستعمار بإخراج إفريقيا من تاريخ البشرية وحرمانها من صناعته وأوقف مسار بناء الدول الوطنية الأفريقية”.

وإذا كان المؤتمر أول خطوة تاريخية جادة لاستعادة الكرامة وتصحيح السردية، فإن أفريقيا لن تتمكن من بناء مستقبلها إلا بعد تصفية كامل تركة الإستعمار وإنصاف ضحاياه، والسؤال: هل لدى الدول الإفريقية الأدوات لإرغام الإستعمار على الإعتراف بجرائمه ونهبه لثرواتها ومنعها من النمو الإقتصادي والإجتماعي؟

نعم، لدى الدول الأفريقية الكثير من أدوات الضغط الفعالة كالمقاطعة الإقتصادية، والتوجه شرقا، خاصة بوجود مجموعات إقتصادية بديلة مثل “بريكس” و“شنغهاي”، بالإضافة إلى إقامة شراكات إقتصادية مع دول قوية كروسيا والصين والهند..الخ، لكن ذلك يتطلب إقامة تكتل إقتصادي للدول الإفريقية التي خضعت للإستعمار، وخاصة الدول الإفريقية العربية وفي مقدمتها الجزائر ومصر.

 

ويمكن للإتحاد الأفريقي أن يضع على جدول أعماله في قممه العادية والإستثنائية بندا دائما يُخصص لمناقشة خطط مواجهة الإستعمار لتزوير التاريخ، ولمنع الدول التي اشتهرت يأبشع الممارسات الإستعمارية من الإستمرار بنهب ثروات الدول الإفريقية، بالإضافة إلى دعم تكتل إفريقي إقتصادي يقيم أفضل العلاقلات مع المجموعات والدول التي تعمل على التحرر من نظام “سويفت” والعقوبات الإقتصادية الأوربية والأمريكية.

ومن المهم جدا أن تركز الدول الإفريقية في كل المؤتمرات والمحافل الدولية والأممية على أن “الذاكرة الأفريقية الجماعية لاتنسى أن الاستعمار كان الشرارة التي أوقدت إقصاء القارة الأفريقية من كل الثروات السياسية والإقتصادية والتكنولوجية والعلمية والإجتماعية..الخ.”.

والأكثر أهمية أن تقوم الدول الإفريقية برفع شعار “العدالة للأفارقة” ومحورها “تجريم الإستعمار” من خلال حملة دولية لاتتوقف حتى يعترف الإستعمار بما اقترفه من جرائم وفظائع في الدول الأفريقية.

ومن المهم جدا أيضاً، أن بعض الدول الأفريقية بدأت بتوثيق جرائم الدول الإستعمارية وخاصة جرائم فرنسا وإعادتها إلى الواجهة الدولية من خلال لفت أنظار المنظمات الدولية لتفعيل القانون والقضاء الدولي ضد الإستعمار الذي نكّل بحقوق الشعوب والحريات العامة، فما قامت به فرنسا من إبادة ومجازر وتهجير قسري، وجرائمها النووية في الصحراء الجزائرية، عمل خطير إنسانيا تُجرّمه الإتفاقيات الدولية، ومهما كانت التعويضات ومبالغها لاتُعوّض أبدا الشهداء وأعداد القتلى والجرحى..الخ.

الخلاصة: من حق القارة الأفريقية أن تطالب بالاعتراف الرسمي والصريح بالجرائم المرتكبة ضد شعوبها خلال الحقبة الاستعمارية، لأن الاعتراف ـ حسب وزير خارجية الجزائر ـ هو خطوة تمهيدية للطريق نحو معالجة رواسب الاستعمار، والتعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة ، كما أن العدالة لا تكتمل بالخطابات الجوفاء بل بحق تكفله القوانين والأعراف الدولية.

 

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

متلازمة الإبادة!!

    علي عبود   يُعوّل مجرم الحرب “بنيامين نتنياهو” على صديقه الرئيس الأمريكي لحمايته من محكمتي الجنائية والعدل الدولية، مثلما عوّل على كل الرؤساء ...