عامر شهدا
التقيت في احد الايام عبد الله الدردري كان نائبا لرئيس الوزراء . وكنت على خلاف عميق معه بسبب سياساته لدرجة انه اتهمني ان التيار الشيوعي في البلد يدفع بي لمعارضة سياساته . قلت له انك تطرح موضوع النمو . الا ان خطتك بعيده كل البعد عن النمو المتوازن على المساحة الجغرافية لسورية . انت تدفع بإتجاه تركز النمو في المدن وبالذات المدن الكبرى . وهذا سيجعلنا نحصد نتائج سيئة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي . الرجل فضل اطلاق الاتهام عن ان يخوض بالنقاش .
نعم نحن اليوم ندفع ثمن عدم وجود رؤية صحيحة لموضوع النمو . ان تحقيق النمو الحقيقي يبدأ في الريف وينتهي بالمدينه .فالهوية الاقتصادية لسورية هي الزراعه وهذا هو سبب وجوب انطلاق النمو من الريف . الذي فعلته السياسات الاقتصادية دفع باتجاه تنامي الهجره من الريف الى المدينه . مما ادى الى ارتفاع الكثافة السكانيه فيها ومع مرور الزمن بدأت تظهر الاختناقات التي نعاني منها لانعدام التوازن . ازمة سكن ازمة مياه ازمة خدمات ازمة غذاء ازمة نقل .تقلص المساحات المزروعه الخ
هذه الازمات خلقت عجزاً لدى الحكومات في تلبية المتطلبات . وما زاد الطين بله هو التشجيع على التوظيف حتى باتت الوظائف الملاذ الامن لابناء الارياف وهذا الامر بالواقع وهم . فلو فكر المواطن ملياً لوجد نفسه يعمل ٣٠ عام ليحصل على راتب تقاعدي يساوي انتاج عشر دجاجات من البيض . ويساوي انتاج ١٠٠ متر مربع ارض من الزراعه . ولو قام المواطن بقياس الجدوى لوجد انه لو عمل بقريته ٣٠ عام لاصبح اليوم يملك مزرعه ولديه انتاج زراعي او حيواني اضافة لمنزل لائق له ولعائلته ودخل محترم . ولما اضطر للعيش بضائقة في المدن الكبرى بهدف الحصول على راتب لا يكفيه قيمة دواء .
اعتقد من الهام اليوم اعادة التفكير في العودة الى الارياف . فهي من الحلول الناجعه جدا . ولها انعكاساتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي . وهذا الامر يجب ان يتم بتشجيع من الدولة . فالسياسات الحاليه الموضوعه بخصوص النمو وبخصوص دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر اعتقد انها سياسات خاطئة . ولن تجدي نفعا بغياب التشجيع للعودة الى الارياف . ودعم خدمات الريف لجعلها نواة حقيقية لتحقيق نمو مجدي .
الجميع يشكو الضيق والجميع يلعن الراتب والجميع يتأفأف والحل بين يديه . انصح بالتخفيف من البطالة المقنعه في المؤسسات وتوجيهها للعودة الى الارياف ودعمها ماديا بشكل مجدي
المطروح يلزمه استراتيجيه نتائجها سريعه واعتقد انها ستقلب موازين كثيره وتحل حزمه كبيرة من المشكلات . على ان تبدأ بدعم القطاع الخدمي بالريف كأولوية تسبق اعادة الاعمار .
(سيرياهوم نيوز ١-الكاتب)