الحرب الصهيونية على غزة تبيد وتهدد تراثها وتاريخها، وكذلك حضارتها وحاراتها ومهنها التراثية.. ففي خضم القصف المركّز الذي لا يميز بين أهداف عسكرية ومدنية وتراث إنساني وثقافي، تعرضت الكثير من المواقع الأثرية في فلسطين للهدم، والضرر الكبير…
أكثر من 200 موقع من أصل 325 مسجلة في قطاع غزة ذات أهمية تاريخية ودينية وأثرية وطبيعية
هذا ما بينته المجموعة العربية للإيكوموس.. وهي المنظمة المعنية بالتراث الانساني العالمي.. إذ أكدت في بيان لها أن أكثر من 200 موقع من أصل 325 موقعاً مسجلاً في قطاع غزة ذات أهمية تاريخية ودينية وأثرية وطبيعية ووطنية وإنسانية عالمية تضررت كثيراً بنسبة تدمير تجاوزت الـ( %60) من المواقع.
وأد الحضارة والتاريخ
من هذه المواقع والمعالم الأثرية البارزة التي تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي، موقع تل العجول الأثري، الذي يعود للألف الثالثة قبل الميلاد، وموقع المقبرة الرومانية الذي يعود للقرن الأول قبل الميلاد، وموقع تل أم عامر الأثري والمعروف أيضاً بدير القديس هيالريون، وهو موقع مرشح للتراث العالمي وعلى لائحة اليونسكو للحماية المعززة منذ 14 كانون الأول ٢٠٢٣.. وكذلك موقع كنيسة جباليا البيزنطية، وكنيسة برفيريوس، والجامع العمري الكبير الذي تعود جذوره التاريخية الممتدة حتى القرن الأول قبل الميلاد.. وموقع الراضي الذي يندرج ضمن أهم المواقع الساحلية البيئية والمرشحة للتسجيل على لائحة التراث العالمي.. أما المواقع الشاهدة على عمارة العصر المملوكي كالمساجد والقصور والأسواق التاريخية ذات القيمة الاجتماعية والاقتصادية، مثل: قصر الباشا 1260م وسوق القيسارية 1329م، وسوق الزاوية 1394م، وحمام السمرة ة الذي يعود للقرن الخامس عشر الميلادي، وهو الحمام الأثري الوحيد الذي كان متبقياً وفعالاً.. ومن مباني العصر العثماني التي تعرضت للدمار والهدم جامع السيد هاشم )1850م ومبنى بلدية غزة القديم 1928م.
التراث اللامادي المهدد
بالإضافة إلى التراث الثقافي المعماري والنسيج العمراني والطبيعي، فقد طال الدمار أيضاً تراث غزة غير المادي، وتسبب العدوان بتدمير معظم المتاحف وقتل العديد من الصحافيين والمثقفين والفنانين ونسف مساهماتهم في التراث الثقافي والحياة الثقافية في غزة.. وعلى صعيد التراث المادي تسبب العدوان في تحطيم العديد من المراكز الحيوية العاملة في مجال الحفاظ على التراث الثقافي والورشات الحرف اليدوية التي تعدّ حاملة للمعارف والمهارات التراثية التي تشكّل جزءاً من الهوية الوطنية ومصدر الرزق الوحيد للعديد من سكان غزة.
بيانات عن الإيكوموس تندد بتدمير الفلسطيني وتدين التهديد القصدي وكل ما يسهم بإلغاء التاريخ الفلسطيني
في الضفة الغربية أيضاً
وفي الضفة الغربية تتعرض مواقع التراث الفلسطينية المسجلة على قائمة التراث العالمي للخطر، ولاعتداءات ممنهجة ومستمرة من قبل المستوطنين المسلحين وبحماية جيش الاحتلال.. من هذه المواقع مدينة القدس القديمة وأسوارها المسجلة عام 1981.. مثال ذلك الاعتداءات المباشرة التي قام بها المستوطنون على ممتلكات سكان الحي الأرمني تحت حماية جيش الاحتلال، أما قرية “بتير” الواقعة في محافظة بيت لحم والمسجلة عام 2014، فقد استولى المستوطنون على بقعة جغرافية واسعة المساحة منها ووضعوا عليها بيوتاً متنقلة.
كذلك بالنسبة لموقع بلدة الخليل القديمة والحرم الإبراهيمي المسجل عام 2017، حيث يعاني سكانه إجراءات عسكرية إسرائيلية مشددة تُقيد حرية الحركة بالتزامن مع بدء الحرب على غزة وتمنع أداء الصلاة في المسجد الإبراهيمي.
لا مبالاة بالاتفاقيات الدولية
إن ما يصنعه الكيان الصهيوني هو خرق للمواثيق ومخالفة للاتفاقيات الدولية وللقانون الدولي لحماية التراث خاصة الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي، الثقافي والطبيعي لعام 1972 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 واتفاقية لاهاي لعام 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وإعلان اليونسكو العالمي لعام 2001.. وبناء على ذلك، فإن المجموعة الإقليمية العربية تُدين بقوة الاعتداءات الوحشية والهمجية غير المسبوقة في التاريخ المعاصر التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتؤكد على أن ما تشهده الأرض المقدسة من قتل وتدمير وتخريب وتهجير لا يجب أن يمر من دون إدانة دولية جادة، وتحرك فوري، ولذلك تدعو المجموعة الإقليمية العربية المجتمع الدولي عامة، والمنظمات الدولية وكل المؤسسات الثقافية والتراثية والإنسانية والحقوقية والدول الراغبة في السلام والعدالة إلى: إدانة هذا الاعتداء الوحشي المستمر، ضرورة حماية الإنسان والأرض والتراث الفلسطيني، الوقف الفوري للعمليات العسكرية والتحرك السريع لوقف الفظائع وعمليات إبادة التراث والحضارة والبيئة في فلسطين وخاصة غزة، تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة لضحايا هذا العدوان، فرض عقوبات جادّة على الكيان الإسرائيلي ومن يدعم ممارساته الوحشية، مقاطعة الشركات والمؤسسات التي تدعم هذا الكيان المحتل والمعتدي، توجيه بعثات علمية مشتركة لمعاينة وتقييم أضرار التراث الثقافي والمنشآت الثقافية والطبيعية، تقديم المساعدة الفنية والمادية وتدعيم الخبرات المحلية لتوثيق وترميم وتدعيم وإعادة تأهيل التراث الثقافي والممتلكات الثقافية.
وفي هذا الصدد، تؤكد المجموعة الإقليمية العربية إرادتها المشاركة في أي مساهمة ممكنة لحماية تراث فلسطين..
رئيسة الإيكوموس في سورية: وحشية العدو تهدد التراث المادي واللامادي
من سورية ومجموعتها
من جهتها أكدت رئيسة الإيكوموس في سورية المهندسة لونا رجب أن جميع اللجان العربية في الإيكوموس وأعضاء الإيكوموس في البلدان التي لا يوجد فيها لجان وقَّعوا على البيان منوهة بصدور بيانات عن الإيكوموس نددت بتدمير التراث ولكن واجبنا كلجان عربية أن نقف إلى جانب حماية التراث الفلسطيني، وأن يصدر عن الصوت العربي.. نحن ندين التهديد القصدي للتراث الفلسطيني وكل ما يسام بتدميره وإلغاء التاريخ الفلسطيني.. وهو ما يدأب الاحتلال الصهيوني بوحشيته على الاستمرار بفعله، ولكن لا يمكن أن يستطيع مسح الحضارة التي تعود إلى آلاف السنين، وسيفشل وستنتصر المقاومة وتعود فلسطين لأهلها.. ونحن كأعضاء بالإيكوموس ورؤساء لجان نعلي الصوت مطالبين المنظمات المعنية بحقوق التراث والآثار بحماية التراث الفلسطيني المغرق بعراقته وتميزه وحماية حضارة فلسطين وتجريم الاعتداء على تراثها الأثري والإنساني.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين