عبد الرحيم احمد
أعتقد أن التعليم العام الحكومي في المراحل الإعدادية والثانوية يتراجع بقوة وقد يلحق به التعليم الابتدائي، وهذا ليس تجنياً على التعليم الحكومي بل هو حرص عليه. اعذروني على هذا التوصيف..فأولادي يدرسون في مدارس حكومية ولدي اتصال يومي بالعملية التعليمية وظروفها.
إن النتائج الباهرة في شهادة التعليم الأساسي والثانوية العامة هي بمعظمها تعود إلى التعليم الموازي (الخاص سواء عبر المعاهد أم عبر الدروس الخصوصية في المنازل). فكلنا يعلم أن غالبية طلاب الشهادة الثانوية يبدؤون دراسة المنهاج من الصف الحادي عشر في معاهد خاصة مدعمة بدروس خصوصية في المنازل ويستمر الوضع إلى حين التقدم للامتحانات العامة.
إذاً هناك تعليم موازي للتعليم الحكومي وهو أكثر جدوى منه لأسباب موضوعية منها:
– الغرف الصفية في التعليم الحكومي فيها 40 طالب وأكثر وهذا لا يعطي كل طالب حقه في الفهم والاستيعاب والمشاركة كما يجب.
– يوجد في كل شعبة صفية مابين 5 و 10 طلاب لا يكترثون بالدرس ويحاولون إثارة الفوضى خلال الحصة الدرسية (لأسباب منها أنهم يدرسون المنهاج في معاهد أو هم لايكترثون للتعليم) دون وجود قوانين رادعة تمكّن المدرس والإدارة من اتخاذ الإجراءات الحاسمة بحق هؤلاء. أغلب الإجراءات والقوانين التي يتم الحديث عنها لضبط العملية التدريسية هي إجراءات نظرية فوقية بعيدة عن الواقع والتطبيق.
– لا يلام المدرس والمعلم لعدم قدرته على ضبط الصف في ظل هذا العدد الكبير في الشعبة الصفية و خصوصاً مع أجيال نسبة كبيرة منها تستقي مفرداتها وسلوكياتها من وسائل التواصل الاجتماعي المنفلتة من كل الضوابط.
– من يذهب من الطلاب إلى المعاهد والدروس الخصوصية وهم كثر، يكونون وأهاليهم حريصون على تحقيق نتائج ممتازة في الامتحان.. لذلك يكون الالتزام واضح ناهيك عن قدرة التعليم الخاص على فصل الطالب غير الملتزم بكل سهولة.
إذاً المشكلة في التعليم الحكومي وليس في وجود المعاهد الخاصة والدروس الخصوصية، فلو كان التعليم الحكومي كاف للطالب، لما تكبّد الأهالي تكاليف الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة.
ومعالجة المشكلة تبدأ من إصلاح التعليم الحكومي.. من حيث ضبط التلاميذ بقوانين صارمة، وتأمين غرف صفية معيارية 24 طالب في الشعبة.. منح المدرسين رواتب وتعويضات تكفيهم عن البحث عن دروس خصوصية والعمل في المعاهد..
ولتبق المعاهد والدروس الخصوصية لمن يبحث عن التميز والعلامات الكاملة أو شبه الكاملة، فهي ليست المشكلة.
لا تبحثوا عن المنع.. فكل قرارات المنع لم توصل إلى أي نتائج حقيقية لا في التعليم ولا في أي قطاع آخر.
وأما عملية ضبط التزام المعاهد بالقوانين والأسعار التي تحددها وزارة التربية فهي سهلة إن وجدت الإرادة لدى جهات الإشراف.
(سيرياهوم نيوز ٢-مجموعة السلطة الرابعة)